الأربعاء، 8 يناير 2014

اباحة المعازف والرد على كل ادلة تحريم المعازف بنظرات جديدة















رد شامل  على كل ادلة تحريم المعازف بنظرات جديدة البحث مقسم على سبع روابط للدكتور محمد الروسي مع بعض الزيادات من ابحاث اخرى اصل البحث من كتاب (ولكن ابن حزم لم يخطىء) للدكتور الروسي الكتاب موجود فى النت 

اولا الرد على حديث المعازف الذى رواه البخارى





ثانيا الرد على باقى ادلة تحريم المعازف




ثالثا الرد على الاستدلال بالاجماع على تحريم المعازف





رابعا ادلة اباحة المعازف ورد ماحولها من شبهات 

http://ahkam667.blogspot.com/2013/11/blog-post_1573.html





خامسا فتاوى كبار العلماء من السلف والمعاصرين فى اباحة الموسيقى والغناء مع ذكر مصدر الفتوى


http://ahkam667.blogspot.com/2013/11/blog-post_7966.html


سادسا بيان ضعف حديث صوتان ملعونان







سابعا الرد على حديث اذا ظهرت المعازف والخمور ولبس الحرير

http://ahkam667.blogspot.com/2014/07/blog-post.html







الرد على حديث الغناء ينبت النفاق فى القلب وبيان ضعفه موقوفا ومرفوعا





مع التنبيه على ان البحث يضعف حديث المعازف لعلة جديدة بخلاف علل ابن حزم كما انه يرد على دلالته على فرض صحته 
كما ان البحث فيه رد على كتاب الالبانى رحمه الله وكتاب الرد على القرضاوى والجديع للشيخ عبد الله رمضان موسي

الاثنين، 6 يناير 2014

اباحة العمل باى قول من اقوال العلماء فى المسائل الخلافية









اقوال العلماء والادله فى ذلك

 ذهب  العلماء إلى أن العامي له أن يقلد من شاء من أهل العلم ممن يوثق بعلمه وورعه، من غير قصد تتبع الرخص، قال القرافي ـ رحمه اللهقاعدة: انعقد الإجماع على أن من أسلم فله أن يقلد من شاء من العلماء بغير حجر، وأجمع الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ على أن من استفتى أبا بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أو قلدهما فله أن يستفتي أبا هريرة ومعاذ بن جبل وغيرهما ويعمل بقولهم من غير نكير، فمن ادعى رفع هذين الإجماعين فعليه الدليل. انتهى.
وقَال الشَّوْكَانِيُّ : وَاسْتَدَلُّوا بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ إِنْكَارِ الْعَمَل بِقَوْل الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الأَْفْضَل
 ويقول ابن قدامه
وأما التقليد في الفروع فهو جائز إجماعا فكانت الحجة فيه الإجماع ولأن المجتهد في الفروع إما مصيب وإما مخطىء مأثوم بخلاف ما
ذكرناه فلهذا جاز التقليد فيها بل وجب على العامي ذلك . روضة الناظر1/383
: فلايجب تقليد إمام معين في كل المسائل والحوادث التي تعرض، بل يجوز أن يقلد أي مجتهد شاء، فلو التزم مذهباً معيناً كمذهب أبي حنيفة أو الشافعي أو غيرهما، لايلزمه الاستمرار عليه، بل يجوز له الانتقال منه إلى مذهب آخر، إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله، ولم يوجب الله تعالى ولا رسوله على أحد أن يتمذهب بمذهب رجل من الأئمة، وإنما أوجب الله تعالى اتباع العلماء من غير تخصيص بواحد دون آخر، فقال عز وجل: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} [الأنبياء:7/21]، ولأن المستفتين في عصر الصحابة والتابعين، لم يكونوا ملتزمين بمذهب معين، بل كانوا يسألون من تهيأ لهم دون تقيد بواحد دون آخر، فكان هذا إجماعاً منهم على عدم وجوب تقليد إمام، أو اتباع مذهب معين في كل المسائل
وقال القاضي أبو بكر بن العربي وأكثرية الفقهاء والأصوليين (1) : يخير السائل في سؤال من شاء من العلماء سواء أتساووا أم تفاضلوا، أي أنه يجوز تقليد المفضول مع وجود الأفضل في العلم لعموم قوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون} [الأنبياء:7/21]، ولإجماع الصحابة: وهو أن الصحابة كان فيهم الفاضل والمفضول من المجتهدين، وكان فيهم العوام، ولم ينقل عن أحد من الصحابة تكليف العوام بالاجتهاد في أعيان المجتهدين، ولو كان التخيير غير جائز لما تطابق الصحابة على عدم إنكاره. قال الآمدي حاكياً هذا الإجماع : إن الصحابة كان فيهم الفاضل والمفضول من المجتهدين، فإن الخلفاء الأربعة كانوا أعرف بطريق الاجتهاد من غيرهم، ولهذا قال عليه السلام: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ» وقال عليه السلام: «أقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل» وكان فيهم العوام ومن فرضه الاتباع للمجتهدين والأخذ بقولهم لاغير. ومع ذلك لم ينقل عن أحد من الصحابة والسلف تكليف العوام الاجتهاد في أعيان المجتهدين، ولا أنكر أحد منهم اتباع المفضول، والاستفتاء له، مع وجود الأفضل. ولو كان ذلك غير جائز، لما جاز من الصحابة التطابق على عدم إنكاره والمنع منه.

اما الدليل العقلى على جواز ذلك
يقول ابن قدامه فى ذلك : ـ الإجماع منعقد على تكليف العامي الأحكام وتكليفه رتبة الاجتهاد يؤدي إلى انقطاع الحرث والنسل وتعطيل الحرف والصنائع فيؤدي إلى خراب الدنيا .
ثم ماذا يصنع العامي إذا نزلت به حادثة إن لم يثبت لها حكم إلى أن يبلغ رتبة الاجتهاد فإلى متى يصير مجتهدا ولعله لا يبلغ ذلك أبدا فتضيع الأحكام فلم يبق إلا سؤال العلماء . روضة الناظر1/ 384
كما ان منع التقليد هو مذهب اهل البدع من القدرية ونحوهم

ولذا قال الموفق في الروضة : ـ وذهب بعض القدرية إلى أن العامة يلزمهم النظر في الدليل في الفروع أيضا وهو باطل بإجماع الصحابة فإنهم كانوا يفتون العامة ولا يأمرونهم بنيل درجة الاجتهاد وذلك معلوم بالضرورة والتواتر من علمائهم وعوامهم . أ ـ هـ روضة الناظر 1/ 383

 ومن امثله التقليد عند الصحابه

تقليد الصحبة بعضهم لبعض فمن ذلك ما ثبت أن أبا بكر رضي الله عنه قال في الكلالة أقضي فيها فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله بريء منه وهو ما دون الولد والوالد فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إني لأستحي من الله أن أخالف أبا بكر .
وصح أنه قال لأبي بكر رأينا تبع لرأيك .
وصح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يأخذ بقول عمر رضي الله عنه وصح أن الشعبي قال كان ستة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون الناس ابن مسعود وعمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وأبي بن كعب وأبو موسى رضي الله عنهم وكان ثلاثة منهم يدعون قولهم لقول ثلاثة كان عبد الله يدع قوله لقول عمر وكان أبو موسى يدع قوله لقول علي وكان زيد يدع قوله لقول أبي بن كعب .


والسؤال المهم انه ان كان يجوز العمل باى قول فايهما نختار هل الاصعب ام الاسهل كالاختلاف فى الغناء او اللحية او الاختلاط
نقول ان الاولى اختيار الرأى الايسر للادله الاتيه
بدليل أن سنة الرسول صلّى الله عليه وسلم الفعلية والقولية تقتضي جوازه، فإنه عليه الصلاة والسلام «ماخير بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما مالم يكن مأثماً» وفي صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلّى الله عليه وسلم كان يحب ماخفف عن أمته» . وقال صلّى الله عليه وسلم: «بعثت بالحنيفية السمحة» وقال أيضاً: «إن هذا الدين يسر، ولن يشادَّ الدين أحد إلا غلبه». وقال عليه السلام أيضاً: «إن الله قد فرض فرائض وسن سننًا وحد حدوداً وأحل حراماً وحرم حلالاً، وشرع الدين فجعله سهلاً سمحاً واسعاً ولم يجعله ضيقاً » . وقال الشعبي: «ماخير رجل بين أمرين، فاختار أيسرهما إلا كان ذلك أحبهما إلى الله تعالى» .

 قال القرافي المالكي، وأكثر أصحاب الشافعي، والراجح عند الحنفية منهم ابن الهمام وصاحب مسلم الثبوت : يجوز تتبع رخص المذاهب، لأنه لم يوجد في الشرع مايمنع من ذلك، إذ للإنسان أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل، بأن لم يكن عمل بآخر
وأما مانقل عن ابن عبد البر، من أنه «لايجوز للعامي تتبع الرخص إجماعاً، فلا نسلم صحة هذا النقل عنه، ولو سلم فلا يسلم صحة الإجماع، إذ في تفسيق متتبع الرخص عن أحمد روايتان. وحمل القاضي أبو يعلى الرواية المفسقة على غير متأول ولامقلد. وقال ابن أمير الحاج في التقرير على التحرير: وذكر بعض الحنابلة: أنه إنْ قوي الدليل، أو كان عامياً، لايفسق. وفي روضة النووي حكاية عن ابن أبي هريرة: لايفسق . والخلاصة: أن مبدأ الأخذ بالرخص أمر محبوب، ودين الله يسر، وماجعل عليكم في الدين من حرج، والمفروض أن المقلد لم يقصد تتبع الرخص في كل الوقائع وإنما في بعض المسائل، وكثيراً ماقال العلماء: «من قلد عالماً فقد برئ مع الله» «اختلاف العلماء رحمة» وربما قال بعضهم: «حجَّرت واسعاً » إذا التزم العمل بالقول المشهور في جميع تصرفاته.
للاطلاع على تفاصيل اكثر فى المسألة ارجو زيارة هذا الرابط



بحث مفصل فى حكم تقليد العلماء مع بيان التقليد المذموم والفرق بين التقليد والاتباع



  






تنبيه البحث منقول من ملتقى اهل الحديث من مشاركة للعضو ابو عبدالله السعيدى


المبحث الأوّل من مشاركة للعصض : تعريف التقليد .
ويشمل المطالب التالية :
المطلب الأوّل : تعريف التقليد لغة واصطلاحا .
المطلب الثاني : الفرق بين التقليد والأتّباع .

المطلب الأوّل : تعريف التقليد لغة واصطلاحا .
أوّلا : التقليد لغة : من قلّد المرأة تقليدا , أي جعل القلادة في عنقها , ويكون للإنسان والحيوان , ومنه تقليد البدن : أن يجعل في عنقها شعار يُعلم به أنّها هدي .
ومنه قلّد الأمر : ألزمه إياه .
وتقلّد الأمر : احتمله , وكذلك تقلّد السيف .
ويُقال : قلّد البعير : إذا جعل في عنقه حبلا يُقاد به .
ومقلّد الرجل : موضع نجاد السيف على منكبيه .
ويُقال : قلّد القرد الفرس : إذا حاكاه في حركاته[1] .
ممّا تقدّم نرى أنّ التقليد في اللغة جاء لمعان عدّة منها :
الإحاطة بالعنق , الشعار والعلامة , الانقياد , التفويض , والمحاكاة والمشابهة .
جاء في المفردات في غريب القرآن : والقلد بفتح القاف وسكون اللام : الفتل , يُقال : قلّدت الحبل فهو قليد ومقلود , أي فتلته , والقلادة سُمّيت على ما يبدوا ؛ لأنّها مفتولة في الغالب وبها شبه كل ما يتطوٌّّّّّ به وكلّ ما يحيط بشيء[2] .

ثانيا : التقليد اصطلاحا : عرّف علماء الأصول التقليد بتعاريف عديدة , والتي ترجع في نهايتها إلى أنّه أخذ قول الغير بلا حجّة , أو العمل بقول الغير من غير حجّة ولا دليل[3] .
ومن هذه التعاريف : ماعرّفه الإمام الغزاليّ في المستصفي بقوله : " التقليد هو قبول بلا حجّة "[4] .
ومنها ما عرّفه الإمام الآمديّ في كتابه الإحكام بأنّه : " العمل بقول الغير من غير حجّة مُلزمة[5] " .
ومنها ما عرّفه الإمام أبو الخطّاب الحنبليّ في التمهيد في أصول الفقه بقوله : " وسمّي بذلك لأنّ المقّلد يقبل قول المقلّد بغير حجّة "[6] .
ومعنى قولنا : " قبول قول الغير " : أي قبول المقلّد قول المجتهد المبني على الاجتهاد ؛ لأنّ ما فيه نصّ فلا مذهب فيه لأحد , ولا قول فيه لأحد ؛ لوجوب إتّباعها على الجميع , فهو إتّباع لا قول حتّى يكون فيه التقليد[7] .
ومعنى قولنا : " من غير حجّة " : أي أنّ التقليد تفويض وإتّباع للشخص في كلّ ما يقول ؛ فالمقلّد لا يسأل عن كتاب الله ولا عن سنّة رسوله , صلّى الله عليه وسلّم , بل يسأل عن مذهب إمامه فقط , ولهذا يخرج العمل بقول الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , والعمل بالإجماع ؛ لأنّ كلا من قول الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , والإجماع يُعتبر حجّة في نفسه[8] .
فقول الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , وفتواه حجّة ودليل على الحكم , والنبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , لا يُقلَّد ؛ لأنّ قوله حجّة , حيث أنّه إذا أفتى بفتوى لم يحتج أن يدلّ على الحكم بآية من كتاب الله ولا غيره , بل مجرّد نطقه عنه , وكذلك يُقال في الإجماع ؛ فإنّه ليس المصير إلى الإجماع تقليد المجمعين , ولكن نفس الإجماع حجّة لله تعالى , كالآية والخبر , فإذا صار إلى الحكم بدليل الإجماع كان دليله على الحكم الإجماع , بخلاف فتوى المجتهد ؛ فإنّ قوله ليس بحجّة , ولا دليل على الحكم ؛ لأنّه يفتقر إلى دليل يتعلّق الحكم به .[9]
ويخرج بقولنا : " من غير حجّة " : رجوع العاميّ إلى المفتي , ورجوع القاضي إلى شهادة العدول[10] , فهذا الرجوع لا يُعدّ تقليدا ؛ لأنّ قول المفتي والشاهد لزم بحجّة الإجماع , فهو قبول قول بحجّة فلم يكن تقليدا ؛ لأنّ التقليد قبول قول الغير بلا حجّة[11] .
وتجدر الإشارة أنّ الإمام ابن الهمّام عرّف التقليد : " بأنّه العمل بقول من ليس قوله إحدى الحجج بلا حجّة منهما "[12] . واختار الإمام الشوكاني هذا التعريف وقال عنه : " هذا الحدّ أحسن من الذي قبله "[13] .


المطلب الثاني : الفرق بين التقليد والإتّباع .
يرى بعض العلماء أن لا فرق بين التقليد والإتّباع, ولهذا فإنّهم يُقسّمون الناس بالنسبة لأخذ الأحكام الشرعيّة إلى قسمين : إمّا مجتهد يستطيع استنباط الأحكام الشرعيّة من أدلّتها , وإمّا مقلّد ليس له قدرة على استنباط الأحكام , بل يأخذ قول المجتهد دون حجّة .
في حين يرى جمهور العلماء والأصوليين أنّ هناك فرق بين الإتّباع والتقليد , فقالوا أنّ التقليد هو عمل بقول الغير بلا حجّة , أمّّّّا الإتّباع فهو الائتمار بما أمر الله تعالى به ورسوله , صلّى الله عليه وسلّم , وترسّم أفعاله وأحواله , صلّى الله عليه وسلّم , للإقتداء به[14] . أو هو أخذ من الدليل لا من المجتهد ؛ لأنّ معرفة الدليل يتطلّب نوع اجتهاد إذ يتوقّف على معرفة سلامة الدليل من المعارض , لذلك إذا تابع الرجل الأئمّّّّّة فيما تابعوا فيه رسول الله , صلّى الله عليه وسلّم , وانقاد الدليل , فهذا يُعدّ متابعا لا مقلّدا , فأخذه بأقوالهم لدلالة الأدلّّّّة عليها إتّباعا في الحقيقة للأدلّة لا لأقوالهم[15] .
قال الإمام ابن عبد البرّ مبيّنا الفرق بين التقليد والإتّباع : " قال – أي أبو عبد الله بن خويز منداد البصريّ المالكيّ – كلّ من اتّبعت قوله من غير أن يجب عليك قبوله لدليل يوجب ذلك , فأنت مقلّده , وكل من أوجب عليك الدليل إتّباع قوله فأنت متّبعه "[16] .
وقال الإمام ابن القيّم : " وقد فرّق أحمد بن حنبل بين التقليد والإتّباع , فقال أبو داود : سمعته يقول : الإتّباع أن تتّبع الرجل ما جاء عن النبي , صلّى الله عليه وسلّم , وعن أصحابه , ثمّ هو من بعد في التابعين مخيّر "[17] , فاعتبر أنّ الإتّباع هو ما ثبت بحجّة , والمتّبع هو الذي يتّبع الدليل الشرعي ؛ لأنّ الأخذ بالحجّة هو الأصل[18] . من هنا ووفق التفريق السابق للتقليد والإتّباع فإنّ الناس يُقسمون إلى ثلاثة أقسام , إمّا مجتهد , أو مقلّد , أو متّبع , والمقلّد ليس عنده قدرة على البحث والنظر , أمّا المتّبع , فإن لم يكن عنده القدرة على الاستقلال في البحث وفهم الأدلّة واستنباط الأحكام منها كالمجتهد , إلا أنّه يستطيع في الوقت نفسه فهم الحجّة وعرفة الدليل[19] .
قال الإمام الشاطبيّ : المكلّف بأحكامها – أي أحكام الشريعة – لا يخلوا من أحد أمور ثلاثة :
أحدها : أن يكون مجتهدا فيها فحكمه ما أدّأه إليه اجتهاده فيها .
الثاني : أن يكون مقلّدا صرفا خليّا من العلم الحاكم جملة , فلا بد له من قائد يقوده وحاكم يحكم عليه , وعالم يقتدي به .
الثالث : أن يكون غير بالغ مبلغ المجتهدين , لكنّه يفهم الدليل وموقعه , ويصلح فهمه للترجيح بالمرجّحات المعتبرة فيه تحقيق المناط ونحوه[20] .
نستنتج ممّا سبق أنّ بين التقليد والمتابعة عموم وخصوص , فالتقليد مطلق المتابعة , أمّا الإتّباع فهو المتابعة فيما قام الدليل عليه[21] , ونتيجة لهذا التفريق بينهما اختلف العلماء في جواز أو عدم جواز التقليد , في حين اتّفقت كلمتهم على أنّ المتابعة جائزة , قال ابن عبد البر نقلا عن الإمام أبي عبد الله بن خواز منداد البصريّ : " والإتّباع في الدين مسوغ "[22] .


المبحث الثاني : أقسام التقليد .
يُقسّم العلماء التقليد إلى قسمين وهما :
القسم الأوّل : التقليد المذموم , أو المحرّم , وهو يُقسم إلى عدّة أنواع :
النوع الأوّل : الإعراض عمّا أنزل الله تعالى , وعدم الإلتفات إليه اكتفاء بتقليد الأباء[23] .
النوع الثاني : تقليد من لا يعلم المقلّد انّه أهل لأن يُؤخذ بقوله[24] .
النوع الثالث : التقليد بعد ظهور الحجّة , وظهور الدليل على خلاف قول المقلّد[25] , ويكون دليل إمامه ضعيفا[26] , يقول الإمام العز بن عبد السلام : " ومن العجب العجيب أنّ الفقهاء المقلّدين , يقف أحدهم على ضعف مأخذ إمامه بحيث لا يجد لضعفه مدفعا , ومع هذا يقلّده فيه , ويترك من الكتاب والسنّة والأقيسة الصحيحة لمذهبه جمودا على تقليد إمامه , بل يتحايل لدفع ظواهر الكتاب والسنّة ويتأوّلهما بالتأويلات البعيدة الباطلة نضالا عن مقلّده " إلى أن قال : " فسبحان الله ما أكثر من أعمى التقليد بصره حتّى حمله على مثل ما ذكر , وفّقنا الله لإتّباع الحقّ أين ما كان وعلى لسان من ظهره "[27] .
ويُفرّق الإمام ابن القيّم بين هذا النوع والنوع الأوّل : " أنّ الأول قلّد قبل تمكّنه من العلم والحجّة , وهذ قلّد بعد ظهور الحجّة له , فهو أولى بالذم ومعصية الله ورسوله "[28] .
النوع الرابع : تقليد المجتهد الذي ظهر له الحكم باجتهاده مجتهدا آخر يرى خلاف ما ظهر


له[29] , فهذا ليس من التقليد الجائز بلا خلاف ؛ لأنّ العلماء أجمعوا على أنّ المجتهد إذا ظهر له الحكم باجتهاده لا يجوز له أن يُقلّد غيره المخالف له[30] .أأأأأأىلااا
يقول الإمام الآمديّ في الإحكام في أصول الأحكام : " المكلّف إذا كان قد حصلت له أهليّة الاجتهاد بتمامها في مسألة من المسائل , فإن اجتهد فيها , وأدّاه اجتهاده إلى حكم فيها , فقد اتّفق الكل على أنّه لا يجوز له تقليد غيره من المجتهدين , في خلاف ما أوجبه ظنّه وترك ظنّه "[31] .
النوع الخامس : تقليد رجل واحد معيّن دون غيره من جميع العلماء , أو مذهب معيّن دون غيره يوافقه على كلّ ما يقول وإن خالف الأدلّة الشرعيّة الصريحة الصحيحة[32] , يقول الإمام الشنقيطي : هذا النوع من التقليد " لم يرد به نصّ من كتاب ولا سنة , ولم يقل به أحد من أصحاب رسول الله , صلّى الله عليه وسلّم , ولا أحد من القرون الثلاثة المشهود لهم بالخير , وهو مخالف لأقوال الأئمّة الأربعة رحمهم الله , فلم يقل أحد منهم بالجمود على رجل واحد معيّن دون غيره من جميع المسلمين "[33] .
النوع السادس : تتبّع الرخص والتسهيلات في المذاهب وفتاوى المجتهدين , وذلك كأن يجمع المقلّد في قضايا ما هو أسهل عليه من المذاهب , أو يقع المقلّد في قضية فيها حكم شرعيّ , فلا يُقلّد من يترجّّّح تقليده من جهة ولايته , أو قوّة دليله , أو تقواه , ولكنّه يختار من المفتين في قضاياه من تكون فتواه في القضيّة المعيّنة سهلة على المقلّد جارية على هواه[34] .
يقول الإمام ابن تيميّة : " إذا جُوّز للعاميّ أن يُقلّد من يشاء , فالذي يدلّ عليه أصحابنا وغيرهم أنّه لا يجوز له تتبّع الرخص مطلقا "[35] .
ويقول الإمام الشاطبيّ : " ليس للمقلّد أن يتخيّر في الخلاف ؛ فإنّ ذلك يفضي إلى تتبّع رخص المذاهب من غير استناد إلى دليل شرعي "[36] .
وهذا القسم من التقليد قد وردت الآيات والآثار في ذمّه , فمن هذه الآيات قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [ البقرة :170 ] . وقال : { وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ } [ سبأ : 34 ] , وقال : { وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] .
يقول ابن القيّم بعد أن ساق هذه الآيات مستدلا على فساد هذا القسم من التقليد : " هذا في القرآن كثير يذمّ فيه من أعرض عمّا أنزله وقنع بتقليد الآباء "[37] .
ومن الأحاديث التي تُبيّن حرمة هذا القسم من التقليد ما رواه الإمام المزنيّ عن جدّه قال سمعت رسول الله , صلّى الله عليه وسلّم , يقول : " إنّي لأخاف على أمّتي من بعدي أعمال ثلاثة , قال وما هي يا رسول الله ؟
قال : أخاف عليهم من زلّة العالم , ومن حكم جائر , ومن هوى متّبع "[38] .
وقال معاذ بن جبل , رضي الله عنه : يا معشر العرب كيف تصنعون بثلاث : دنيا تقطع أعناقكم , وزلّة عالم , وجدال منافق بالقرآن . فسكتوا , فقال : أمّا العالم فإن اهتدى فلا تقلّدوه "[39] .
يقول الإمام ابن عبد البر : " وإذا ثبت وصحّ أنّ العالم يخطئ ويزل , لم يجز لأحد أن يفتي ويدين بقول لا يعرف وجهه "[40] .
ويُعلّق الإمام الشنقيطي على كلام ابن عبد البر السابق : " وإنّما كان كذلك لأنّ من يقلّد العالم تقليدا أعمى يقلّده فيما زلّ فيه فيتقوّل على الله أنّ تلك الزلّة التي قلّد فيها العالم من دين الله , وأنّها ممّا امر الله بها رسوله "[41] .
ومنها الأحاديث التي تبيّن فساد هذا القسم من التقليد ما أخرجه أنّ رسول , صلّى الله عليه وسلّم : " إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعا , ينتزعه من الناس , ولكن يقبض العلم بقبض العلماء , فإذا لم يبق عالما اتّخذ الناس رؤوسا فسُئلوا فافتوا بغير علم , فضلّوا وأضلّوا "[42] . يقول الإمام ابن عبد البر معلّقا على الحديث : " هذا كلّه نفي للتقليد , وإبطال له لمن فهمه وهدى لرشده "[43] .
قلت  
حينما تنكر على بعض الناس إتيانه لمخالفة شرعية ، أو بدعة و توضح له أنه بذلك يخالف نصوص الكتاب ، و السنة يرد عليك أن يقلد الشيخ الفلاني في هذه المسألة .
أنت تقول : هذا حرام ، أو بدعة و الدليل : قال الله قال رسوله ، و هو يرد عليك : الشيخ الفلاني أجاز هذا الأمر .

هذا هو التقليد المحرم ..أن تقلد شخصا بعدما يتأكد لك مخالفته للدليل الشرعي وهذا النوع جاءت ادلة كثيرة تحرمه
القسم الثاني : التقليد المحمود .
وهو ما سوى الأنواع السابقة , وهو تقليد من لم تتوفّر فيه شروط الاجتهاد ولا يقدر على معرفة الحكم الشرعيّ بنفسه , ولا يبقى أمامه إلا أن يتّبع مجتهدا من المجتهدين وتقليده[44] . يقول الإمام الشنقيطيّ : " أمّا التقليد الجائز الذي لا يكاد يخالف فيه أحد من المسلمين , فهو تقليد العاميّ عالما أهلا للفتيا في نازلة نزلت به , وهذا النوع من التقليد كان شائعا في زمن النبي , صلّى الله عليه وسلّم , ولا خلاف فيه "[45] .
يقول الإمام ابن عبد البر بعد أن ذكر القسم الأوّل من أقسام التقليد وأقوال أهل العلم في ذمّه : " وهذا كلّه لغير العامّة , فإنّ العامّة لا بدّ لها من تقليد علمائها عند النازلة تنزل بها " إلى أن قال : " ولم يختلف العلماء أنّ العلماء عليها تقليد علمائها وأنّهم المرادون بقوله عز وجلّ : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [ النحل : 43] وكذلك لم يختلف العلماء أنّ العامّة لا يجوز لها الفتيا , وذلك والله أعلم بجهلها بالمعاني التي منها يجوز التحايل والتحريم والقول في العلم "[46] .
ويقول الإمام ابن القيم بعد أن ذكر أنّ التقليد يُقسم إلى قسمين : " وإلى ما يجب المصير إليه , وإلى ما يسوغ من غير إيجاب "[47] .
وهذا القسم من التقليد دلّ على جوازه الأدلّة الشرعيّة من القرآن والسنّة ومدحه العلماء وقالوا بجوازه , وهو الذي نقصده في بحثنا وسنثبت جوازه في المباحث القادمة .



المبحث الثالث : حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة .
يرى جمهور العلماء أنّ التقليد في العقائد وأصول الدين لا يجوز , ولكنّهم اختلفوا في حكم التقليد في الأحكام الشرعيّة , فمنهم من منع التقليد مطلقا سواء كان المقلّد مجتهدا أو كان عامّيّا , وفي المقابل نجد أنّ من العلماء من أجاز التقليد للعامّي ومنع المجتهد من التقليد . وفي هذا المبحث سوف أتطرّق إلى أقوال العلماء وموقف الإمام ابن حزم في المسألة مبيّنا الأدلّة التي اعتمد عليها كلّ فريق , وذلك من خلال المطالب التالية :


المطلب الأوّل : المجيزون للتقليد وأدلّتهم .
المطلب الثاني : المانعون للتقليد وأدلّتهم .
المطلب الثالث : موقف ابن حزم من التقليد .
المطلب الرابع : القول الراجح في المسألة .



المطلب الأوّل : المجيزون للتقليد وأدلّتهم .
ذهب جمهور العلماء[48] على جواز التقليد بالنسبة للعامّي , بل أوجبوه عليه , وفي المقابل حرّموه على المجتهد القادر على الاجتهاد[49] , قال الإمام ابن تيميّة بعد أن سرد أقوال العلماء في التقليد : " والذي عليه جماهير الأمّة : أنّ الاجتهاد جائز في الجملة , والتقليد جائز في الجملة , لا يوجبون الاجتهاد على كلّ أحد ويُحرّمون التقليد , ولا يوجبون التقليد على كلّ أحد ويُحرّمون الاجتهاد , وأنّ الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد , والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد "[50] .
وقال الإمام الشنقيطيّ : " أمّا التقليد الجائز الذي لا يكاد يُخالف فيه أحد من المسلمين , فهو تقليد العامّي عالما أهلا للفتيا في نازلة نزلت به "[51] .
وقال الإمام ابن قدامة المقدسيّ : " وأمّا التقليد في الفروع فهو جائز إجماعا "[52] .
قال الإمام ابن عبد البر : " ولم يختلف العلماء أنّ العامّة عليها تقليد علمائها "[53] .

الأدلّة التي اعتمد عليها أصحاب هذا القول :
لقد اعتمد أصحاب هذا القول بأدلّة من القرآن والسنّة والمعقول , ومن هذه الأدلّة :
الدليل الأوّل : قوله تعالى : { فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [ النحل : 43] , قالوا : إنّ الله تعالى يأمر من لا يعلم أن يسأل من يعلم , وهذا يدلّ قطعا على أنّ الناس فيهم العالم والجاهل , وعلى الجاهل أن يسأل العالم عمّا يحتاج إليه ويعرفه , فتكليف الناس جميعا بأن يكونوا مجتهدين يُخالف ما تفيده الآية الكريمة[54] , والآية عامّة لكلّ ما لا يُعلم ولكلّ من لا يعلم , فالعامّي الذي لا يعلم , يجب عليه السؤال , والعمل بموجبه , وهذا هو التقليد[55] .
يقول الإمام الشنقيطيّ : " أنّ من جهل الحكم تجب عليه سؤال العلماء والعمل بما أفتوه به "[56] .
الدليل الثاني : قوله تعالى : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } [ التوبة : 122 ] . قال الإمام الزركشيّ : " فأمر بقبول قول أهل العلم , فما كان من أمر دينهم , ولولا أنّه يجب الرجوع إليهم لما كان للنذارة معنى "[57] . فدل ذلك على جواز التقليد للعامّي .
الدليل الثالث : قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ } [ النساء : 59 ] , قالوا : العلماء هم أولو الأمر , لأنّ أمورهم تنفّذ على الأمراء والولاة[58] , لأنّ طاعتهم تقليدهم فيما يفتون , وهذا تقليد منهم للعلماء , ولأنّه لولا التقليد لم يكن هناك طاعة تختصّ بهم[59] .
الدليل الرابع : قوله تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [ التوبة : 100 ] , قالوا : " إنّ تقليدهم إتّباع لهم , ففاعله ممّن رضي الله عنهم "[60] , وقد قال ابن مسعود , رضي الله عنه : " من كان منكم مستنّا فليستن بمن قد مات ؛ فإنّ الحيّ لا تُؤمن عليه الفتنة , أولئك أصحاب محمّد أبر هذه الأمّة قلوبا , وأعمقها علما وأقلّها تكلّفا قوم اختارهم الله لصحبة نبيّه , وإقامة دينه فاعرفوا لهم حقّهم وتمسّكوا بهديهم فإنّهم كانوا على الهدي المستقيم "[61] .
الدليل الخامس : ما رواه الإمام أبو داود في سننه عن جابر , رضي الله عنه , أنّه قال : " خرجنا في سفر , فأصاب رجلا منّا حجر فشجّه في رأسه , ثمّ احتلم , فسأل أصحابه , فقال : هل تجدون لي رخصة في التيمّم ؟ فقالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء . فاغتسل فمات , فلمّا قدمنا على النبي , صلّ الله عليه وسلّم , اُخبر بذلك فقال : قتلوه قتلهم الله , ألا سألوا إذ لم يعلموا , فإنّما شفاء العيّ السؤال "[62] . قال الزركشيّ بعد سرده للحديث : " فبان بذلك جواز التقليد "[63] ؛ لأنّ النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , أرشد من لا يعلم إلى سؤال من يعلم[64] .
الدليل السادس : ما صحّ عن النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , أنّه قال : " فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنّتي وسنّة الخلفاء الراشدين المهديّين من بعدي "[65] , وقال : " اقتدوا باللذين من بعدي , أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار وتمسّكوا بعهد ابن أم عبد "[66] .وهذا تقليد لهم قطعا , إذ كيف يكون الإقتداء بهم إن لم يكن تقليدا لهم , رضي الله عنهم[67] .
الدليل السابع : قالوا : إنّ العوام في زمن الصحابة , رضي الله عنهم , والتابعين كانوا إذا نزل بهم حادثة أو وقعت لهم واقعة , يلجؤون إلى المجتهدين من الصحابة أو التابعين , فيسألوهم عن حكم الله في تلك الحوادث والوقائع من غير أن يُنكروا عليه سؤالهم واستفسارهم , ولم يُنقل عنهم أنّهم أمروا هؤلاء السائلين بان يجتهدوا ليعرفوا الحكم بأنفسهم , فكان ذلك إجماعا من الصحابة والتابعين على أنّ من لم يقدر على الاجتهاد لا يُكلّف به , وأنّ طريق معرفته للأحكام هو سؤال القادر على الاجتهاد . فتكليف الناس جميعا بالاجتهاد فيه مخالفة لهذا الإجماع[68] .
الدليل الثامن : قالوا : لا خلاف أنّ طلب العلم من فروض الكفاية التي إذا قام بها البعض سقط عن الباقين , ولو منعنا التقليد ؛ لأفضى إلى أن يكون من فروض الأعيان , وهذا لم يقل به أحد من أهل العلم , بل المنقول عن الصحابة , رضي الله عنهم , والتابعين واهل العلم , أنّ الناس منهم العالم المجتهد ومنهم العامّي المقلّد[69] .
الدليل التاسع : قالوا : إنّ المجتهد في الفروع إمّا مصيب , وإمّا مخطئ مثاب على اجتهاده غير آثم[70] لحديث رسول الله , صلّى الله عليه وسلّم : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإن أخطا فله أجر "[71] . يقول الأستاذ عبد الكريم النملة في شرحه على روضة الناظر : " فهذا يٌفيد أنّ المجتهد في الفروع إذا أخطأ فلا إثم عليه , بل له أجر , فلا خطر على المقلّد في هذا ... فلذلك جاز التقليد في الفروع "[72] .
الدليل العاشر : قالوا : إنّ تكليف الناس جميعا بالاجتهاد يُؤدّي إلى شغلهم عن القيام بمصالحهم الضروريّة , ومعايشهم الدنيويّة , وفي ذلك تعطيل للمصالح , والصنائع والحرف , وخراب الدنيا , وتعطيل الحرث والنسل , ورفع الاجتهاد والتقليد رأسا , وهو من الحرج والإضرار النفي بقوله تعالى : { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [ الحج : 78 ] وهو عامّ في كلّ حرج وضرار , كونه نكرة في سياق النفي , وهو عام في المسائل الاجتهاديّة[73] .
الدليل الحادي عشر : أنّ الاجتهاد قوّة وملكة لا تكون إلا لخاصّة العلماء الذين توفّرت لديهم أسبابها , وكملت لهم وسائلها و فإذا كُلّف به من لا يقدر عليه كان ذلك تكليفا له بما ليس في وسعه , والتكليف بما ليس في الوسع لا يجوز شرعا لقوله تعالى : { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } [ البقرة : 286 ][74] , وليس للعامّي آلة الاجتهاد في الأحكام ؛ لأنّ الأدلّة فيها مكتسبة ومقتبسة بالتعليم لا بالقريحة


المطلب الثاني : المانعون للتقليد وأدلّتهم .
ذهب بعض العلماء إلى القول بعدم جواز التقليد مطلقا وبأي وجه من الوجوه , ورأوا أنّ الواجب على العامّي هو النظر والاجتهاد , وأشهر من قال بهذا القول هم الظاهريّة[75] , ومعتزلة بغداد , والإمام الشوكانيّ[76] وغيرهم , واستدلّوا على قولهم هذا بأدلّة من القرآن والسنّة , ومن هذه الأدلّة :
الدليل الأوّل : الآيات القرآنيّة التي ذمّت تقليد الآباء والرؤساء , ومن هذه الآيات قوله تعالى : { َكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] , قالوا : إنّ الله تعالى ذكر تقليد الآباء في معرض الذم والمذموم لا يمكن أن يكون جائزا .
ومنها قوله تعالى : {يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا } [ الأحزاب : 66 , 67 ] , ومنها قوله تعالى : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [ البقرة : 170 ] .
قال الإمام الشوكانيّ في تفسيره لهذه الآية : وفي هذه الآية من الذم للمقلّدين , والنداء بجهلهم الفاحش واعتقادهم الفاسد ما لا يقدر قدره "[77] .
يقول الإمام ابن قيّم بعد أن ذكر آية الأحزاب : " وهذا نصّ في بطلان التقليد "[78] . ويقول الإمام ابن عبد البرّ بعد أن سرد الآيات السابقة : " قال أبو عمر : وقد احتجّ العلماء بهذه الآيات في إبطال التقليد ولم يمنعهم كفر أولئك من جهة الاحتجاج بها , لأنّ التشبيه لم يقع من جهة كفر أحدهما وإيمان الآخر , وإنّما وقع التشبيه بين التقليدين بغير حجّة للمقلّد , كما لو قلّد رجل فكفر , وقلّد فأذنب , وقلّد آخر في مسألة دنياه فأخطأ وجهها ؛ كان كلّ واحد ملوما على التقليد بغير حجّة ؛ لأنّ كلّ ذلك تقليد يشبه بعضه بعضا وإن اختلفت الأثام فيه "[79] .
ويقول الإمام الشوكاني : " فهذه الآيات وغيرها ممّا ورد في معناه ناعية على المقلّدين ما هم فيه , وهي وإن كان تنزيلها في الكفار لكنّه قد صحّ تأويلها في المقلّدين لاتّحاد العلّة , وقد تقرّر في الأصول أنّ الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب , وأنّ الحكم يدور مع العلّة وجودا وعدما "[80] .
ويقول الإمام ابن حزم مستدلا بالآيات السابقة على بطلان التقليد : " فمن لم يأت بكتاب الله تعالى شاهد لقوله , أو برهن على صدق قوله , وإلا فليس صادقا , لكنّه كاذب آفك , مفتر على الله غزّ وجلّ , ومن أطاع سادته وكبراءه وترك ما جاءه عن الله تعالى وعن رسوله فقد ضلّ , بنصّ القرآن واستحقّ الوعيد بالنار " إلى أن قال : " هكذا والله يقول هؤلاء الفضلاء الذين قلّدوا أقوام قد نهوهم عن تقليدهم ؛ فإنّهم رحمهم الله تبرّءوا في الدنيا والآخرة من كلّ من قلّدهم , وفاز أولئك الأفاضل الأخيار , وهلك المقلّدون لهم , بعد ما سمعوا من الوعيد الشديد , والنهي عن التقليد , وعلموا أنّ أسلافهم الذين قلدوا قد نهوهم عن تقليدهم , وتبرّءوا منهم إن فعلوا ذلك "[81] .
الدليل الثاني : قالوا إنّ التقليد تقوّل على الله بغير علم وقد نهى الله عن ذلك بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ{168} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ{169} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ } [ البقرة : 168 , 179 ] , وقال في سورة أخرى مبيّنا حرمة التقليد : { قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [ الأعراف : 33 ] , وقال في سورة أخرى : { وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } [ الإسراء : 36 ] . يقول القنّوجيّ : " فصرّح جلّ جلاله بالتحريم في هذه الأشياء التي من جملتها التقوّل على الله بغير علم . . . وأيضا التقليد يوجب إتباع الخطأ ؛ لأنّه جائز الوقوع من المجتهد , وعلى تقدير وقوعه يجب إتباعه , والدفع بأنّ الخطأ جائز مع إبداء المستند مسلّم ولكنّه عفو بالنسبة إليه , لورود الدليل الصحيح من المجتهدين أجرا "[82] . ويقول الإمام ابن حزم : " ومن قلّد فقد قال على الله ما لا يعلم , وهذا نصّ كلام ربّ العالمين "[83]
الدليل الثالث : قال رسول الله , صلّى الله عليه وسلّم : " طلب العلم فريضة على كلّ مسلم "[84] , وقال كذلك " اعملوا فكلّ ميسّر لما خُلق له "[85] , قالوا إنّ الحديثين عامّان في جميع الأشخاص وفي كلّ علم , وعليه فهما يدلان على وجوب الاجتهاد والنظر[86] .
الدليل الرابع : الحديث المروي عن الصحابيّ عدي بن حاتم , رضي الله عنه , قال : أتيت النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم وفي عنقي صليب من ذهب , فقال لي : " يا ابن حاتم الق هذا الوثن من عنقك " . فألقيته . ثمّ افتتح سورة براءة فقرأ حتّى بلغ قوله تعالى : { اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ } [ التوبة : 31 ] . فقلت : يا رسول الله , ما كنّا نعبدهم . فقال النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم : " كانوا يُحلّون لكم الحرام فتستحلّونه , ويُحرمون عليكم الحلال فتحرّمونه " . قلت : بلى . قال : " فتلك عبادتكم "[87] .
قال الإمام ابن حزم : " فسمّى النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , إتّباع من دون النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , في التحليل والتحريم عبادة , وكلّ من قلّد مفتيا يُخطئ ويصيب , فلا بدّ له ضرورة أن يستحلّ حراما ويُحرّم حلالا , وبرهان ذلك تحريم بعضهم ما يحلّه سائرهم , ولا بد أنّ أحدهم يُخطئ , أفليس من العجب إضراب المرء عن الطريق التي أمره خالقه بسلوكها , وضمن له بيان نهج الصواب فيها "[88] .
الدليل الخامس : قالوا لقد ورد العديد من الآثار من أهل العلم والتي ذمّوا فيها التقليد ومن هذه الآثار : قال ابن عبّاس , رضي الله عنه : " ويل للأتباع من غمرات العلم , فإنّه يقول من قبل رأيه ثمّ يبلغه عن النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , فيأخذ به وتمضي الأتباع بما سمعت "
ومنها ما ورد عن معاد , رضي الله عنه : " أمّا العالم فإن اهتدى فلا تقلّدوه دينكم , وإن افتتن فلا تقطعوا منه رجاءكم ؛ فإنّ المؤمن يفتتن ثمّ يتوب " .
قال سليمان الفارسيّ , رضي الله عنه : " فإمّا زلّة العالم فإن اهتدى فلا تقلّدوه دينكم " .
وقال ابن مسعود , رضي الله عنه : " ألا لا يقلّدنّ أحدكم دينه رجلا , إن آمن آمن , وإن كفر كفر , فإنّه لا إسوة في الشر " .
وقال الإمام ابن عبد الله بن المعتز : " لا فرق بين بهيمة تُقاد ,إنسلن يُقلّد "[89]
وقال الإمام أحمد : " لا تقلّدني , ولا تقلّد مالكا , ولا الشافعيّ , ولا الأوزاعيّ , ولا الثوريّ , وخذ من حيث أخذوا "[90] .
يقول الدكتور عمر سليمان الأشقر : " بعد أن سقنا هذه النصوص عن الأئمّة نتسائل فنقول : هل الذين يزعمون أنّهم مقلّدون على مذهب الأئمّة يتّبعون الأئمّة أم هم مخالفون لهم ؟ والجواب واضح : فاللذي يتّبع شخصا يسمع له ويطيع , وهؤلاء لو كانوا متابعين للأئمّة لأخذوا بما أمروهم به من تقديم قول الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , على أقوالهم "[91] .

الدليل السادس : قالوا إنّ العامّي لو كان مأمورا بالتقليد , فلا يؤمن أن يكون من قلّده مخطئا في اجتهاده , أو كاذبا فيما أخبره به , فيكون العامّي مأمورا بإتباع الخطأ والكذب , وهذا على الشارع ممتنع[92] .
الدليل السابع : قالوا : إنّ الفروع والأصول مشتركة في التكليف بها , فلو جاز التقليد في الفروع لمن ظهر صدقه فيما اخبر به , لجاز ذلك في الأصول[93] .


المطلب الثالث : موقف ابن حزم من التقليد .
يُعتبر الإمام ابن حزم , رحمه الله , من العلماء القائلين بمنع التقليد , بل المحرّمين له , وقد صرّح برأيه هذا في العديد من كتبه[94] , حيث اعتبره قول محدث في الدين , ولذلك ردّ بشدّة على القائلين بالتقليد من العلماء , وناقش أدلّتهم وأقام الأدلّة والشواهد التي تؤكّد رأيه , إذ يقول في المحلّى بالآثار : " ولا يحلّ لأحد أن يُقلّد أحدا , لا حيّا ولا ميّتا , وعلى كل أحد من الاجتهاد حسب طاقته "[95] .
وقال في كتاب النبذة الكافية : " والتقليد حرام , ولا يحلّ لأحد أن يأخذ بقول أحد بلا برهان "[96] .
وهو يرى أنّ التقليد كلّّه حرام سواء كان في العقيدة وأصول الدين أو كان في العبادات ومسائل الفقه , إذ يقول : " فالتقليد كلّه حُرّم في جميع الشرائع ؛ أوّلها عن آخرها , من التوحيد والنبوّة والقدر والإيمان والوعيد والإمامة والمفاضلة وجميع العبادات والأحكام "[97] . ثمّ إنّ الإمام ابن حزم يعتبر التقليد بدعة محدثة في الدين حدثت في القرن الرابع للهجرة[98] , إذ يقول : " وليعلم من قرأ كتابنا أنّ هذه البدعة العظيمة – نعني التقليدإنّها حدثت في الناس وابتدئ بها بعد الأربعين ومائة من تاريخ الهجرة , وبعد أزيد من مائة عام وثلاثين عام بعد وفاة رسول الله , صلّى الله عليه وسلّّم , وأنّه لم يكن قط في الإسلام قبل الوقت الذي ذكرنا مسلم واحد فصاعدا على هذه البدعة , ولا وُجد فيهم رجل يُقلّد عالما بعينه , فيتّبع أقواله في الفتيا , فيأخذ بها ولا يُخالف شيئا منها , ثمّ ابتدأت هذه البدعة من حين ذكرنا في العصر الرابع في القرن المذموم , ثمّ لم تزل تزيد حتّى عمّـت بعد المائتين من الهجرة عموما طبق الأرض , إلا من عصم الله عزّ وجلّ , وتمسّك بالأمر الأوّل الذي كان عليه الصحابة والتابعون , وتابعوا التابعين بلا خلاف من أحد من أحد منهم . نسأل الله تعالى , أن يُثبّتنا عليه , وألا يعدل بنا عنه , وأن يتوب على من تورّط في هذه الكبيرة من إخواننا المسلمين , وأن يفئ بهم إلى منهاج سلفهم الصالح "[99] .
ثمّ إنّ الإمام ابن حزم في تحريمه للتقليد لا يُفرّق بين العالم والعامّي فالكلّ يُحرم عليه التقليد , إذ يقول : " قال أبو محمّد , رحمه الله تعالى : والعامّي والعالم في ذلك سواء . وعلى كلّ أحد حظّه الذي يقدر عليه من الاجتهاد "[100] .
وقال في موضع آخر : " فإن قال قائل : فكيف يصنع العامي إذا نزلت به نازلة ؟
قال أبو محمّد : فالجواب وبالله تعالى التوفيق إنّا بيّنّّّّّّّّّّّّّّّّّّا تحريم الله تعالى للتقليد جملة , ولم يخصّ الله تعالى بذلك عامّيّا من عالم , ولا عالما من عامّي , وخطاب الله تعالى متوجّه إلى كلّ أحد , فالتقليد حرام على العبد المجلوب من بلده , والعامّي , والعذراء المخدّرة , والراعي في شُغف الجبال , كما هو حرام على العالم المتبحّر ولا فرق , والاجتهاد في طلب حكم الله تعالى ورسوله , صلّى الله عليه وسلّم , في كلّ ما خصّ المرء من دينه , لازم لكلّ من ذكرنا , كلزومه للعالم المتبحّر ولا فرق , فمن قلّد من كل من ذكرنا فقد عصى الله عزّ وجل , وأثم , ولكن يختلفون في كيفيّة الاجتهاد فلا يلزم المرء منه إلا مقدار ما يستطيع عليه "[101] .
هذا رأي الإمام ابن حزم في التقليد , ولكنّ السؤال الذي يُطرح هنا , هل يوجب الإمام ابن حزم الاجتهاد على العامّي ؟ بمعنى هل يرى أنّ كلّ إنسان يجب عليه أن يكون مجتهدا ؟ أم أنّه يُفرّق بين العالم والعامّي في مسألة التقليد ؟
الصحيح ومن خلال تتبّع أقوال الإمام ابن حزم في المسألة , أرى – والله أعلمأنّه فرّق بين العالم والعامّي في المسالة , فهو يرى أنّ مراتب العلم والاجتهاد تختلف من شخص لآخر , ولهذا قال بتحريم الاجتهاد على من ملك آلته , ومن توفّرت عنده أدوات الاجتهاد[102] .
وفي المقابل نجد أنّ الإمام ابن حزم لا يوجب الاجتهاد على العامّي , وإنّما يقول أنّ الممنوع بالنسبة للعامّي وكما يرى الأستاذ أبو زهرة أمران :
" أحدهما : أن يُقلّد إماما بعينه , فإنّ المقلّد لهذا الإمام معناه أنّه يتّبع مذهبه ويقول هو شرع الله تعالى , مع أنّ شرع الله تعالى هو ما اشتمل عليه الكتاب والسنّة .
ثانيهما : أن يقبل فتوى من غيره من غير أن يسنده إلى كتاب الله تعالى أو سنّة رسوله أو يُقرّر مفتيه أنّ ذلك حكم الله ؛ فإن قال إنّ هذا مذهب فلان أو فلان يجب عليه أن يذهب إلى من يقول هذا حكم الله , لا مذهب مالك أو الشافعيّ , أو أحمد , أو داوود , أو أبي عبد الله جعفر الصادق , وعلى ذلك نستطيع أن نقول إنّ ابن حزم لا يُطالب العامّي بأن يترك عمله ويتعرّف حكم الله من الكتاب والسنّة مباشرة فيتعطّل العمران بسبب ذلك "[103] .
يقول الإمام ابن حزم : " فعلى كلّ أحد حظّه من الاجتهاد , ومقدار طاقته منه , فاجتهاد العامّي إذا سأل العالم على أمور دينه فأفتاه أن يقول له : هكذا أمر الله ورسوله ؟ فإن قال له نعم , أخذ بقوله , ولم يلزمه أكثر من هذا البحث , وإن قال لا , أو قال له : هذا قولي , أو قال له : هذا قول مالك أو ابن القاسم أو أبي حنيفة , أو أبي يوسف أو الشافعيّ , أو أحمد , أو داود , أو سمّى له أحد من صاحب أو تابع فمن دونهما غير النبيّ , صلّى اللهى عليه وسلّم , أو انتهزه أو سكت عنه : فحرام على السائل أن يأخذ بفتياه , وفرض عليه أن يسأل غيره من العلماء وأن يطلبه حيث كان , إذ إنّما يسأل المسلم من سأل من العلماء عن نازلة تنزل به ليُخبره بحكم الله تعالى , وحكم محمّد , صلّى الله عليه وسلّم , في ذلك , وما يجب في دين الإسلام في تلك المسألة , ولو علم أنّه يُفتيه بغير ذلك لتبرّأ منه وهرب عنه "[104] .
فابن حزم , رحمه الله , يجعل العامّي مراتب , فالعوام عنده ليس في مرتبة واحدة , أدناها أن يكتفي بأن يُصرّح مفتيه بأنّ ذلك حكم الله تعالى , ثمّ إذا علا في تفكيره قليلا , سأل عن نصّ الحديث , فإن زاد عن ذلك سأل عن السند , فإن زاد عن ذلك سأله عن طبقة الأسانيد , فإن زاد سأل عن أقوال العلماء . وأقلّ المراتب وهم الأكثرون يكتفون من المفتي أن يقول هذا حكم الله . فابن حزم لا يُطالب العامّي بما ليس في طاقته , ولكنّه يُطالبه بما هو في طاقته ولا يدعوا إلى تعطيل المصالح , إنّما يُريد عند سؤال العاميّ أهل الذكر أن يفهّموه أنّ ذلك حكم الله , لا حكم إمام بعينه[105] . يقول الإمام ابن حزم : " فقد فرض الله عليه – أي العامّي – أن يقول للمفتي إذا أفتاه : أكذا أمر الله تعالى أو رسوله , صلّى الله عليه وسلّم ؟ فإن قال له المفتي : نعم لزمه القبول . . . . فإذا زاد فهمه فقد زاد اجتهاده , وعليه أن يسأل : أصحّ هذا عن النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , أم لا ؟ فإن زاد فهمه سأل عن المسند والمرسل والثقة وغير الثقة , فإن زاد سأل عن الأقاويل وحجّّّّّّّّّة كلّ قائل , ويفضي ذلك إلى التدرّج في مراتب العلم "[106] . وقال في موضع آخر : " وكذلك إنّما نُحرّم إتباع من دون النبيّ , صلّى الله عليه وسلّم , بغير دليل , ونوجب إتّباع ما قام الدليل على وجوب إتّباعا "[107] .
ممّا سبق يتبيّن لنا أنّ الإمام ابن حزم , وإذ يقول بتحريم التقليد ومنعه , فإنّه في حقيقة الأمر يُحرّم التعصّب لأقوال العلماء وتقليدهم بصورة عمياء , واعتبار أقوالهم دليلا لا يجوز الخروج عنه , وتقديم أقوالهم على قول الله وقول الرسول , صلّى الله عليه وسلّم , ولذا فإنّه لا يكون الفرق كبيرا بين ابن حزم وبين العلماء الذين أجازوا التقليد , بل أوجبوه على العامّة , ولا يكون الفرق جوهريّا , فقد اتّفق الإمام ابن حزم مع غيره على أنّ العامّي لا يُكلّف تعرّف الحكم من كتاب الله وسنّة رسوله ؛ لأنّ ذلك يحتاج إلى دراية خاصّة , وتفرّغ طويل , فقد اتّفق ابن حزم مع غيره على ذلك , ولكن الأئمّة قالوا : إنّ مذهب العامّي هو مذهب مفتيه , وللمفتي أن يقول له : هذا مذهب فلان فخذ به . أمّا ابن حزم فيقول : لا , بل الواجب أن يقول : هذا حكم الله فخذ به , فيشترط أن يكون المفتي مجتهدا والمستفتي لا يطلب الحكم في مذهب , إنّما يطلب حكم الله تعالى , وإذا كان للعامّي حظ من العلم سأل عن الحديث , وإذا كان له حظّ أكثر , سأل عن سنده , وهكذا "[108] .


المطلب الرابع : القول الراجح في المسألة .
بعد أن عرضت أقوال العلماء وموقف ابن حزم في المسألة , أرى , والله أعلم , أنّ القول الراجح هو ما ذهب إليه أصحاب القول الأوّل وهم جمهور العلماء , مع التأكيد على أنّ موقف الإمام ابن حزم من التقليد لا يختلف كثيرا عن قول الجمهور ؛ لأن التعصّب لرأي مذهب أو عالم دون النظر إلى الأدلّة التي اعتمدها صاحب المذهب أو العالم , لا يصحّ ولا يجوز , بل هو من التقليد المذموم عند العلماء كما مرّ بنا سابقا , أمّا التقليد المحمود فهو جائز , وذلك للأسباب التالية :
السبب الأوّل : رجحان الأدلّة التي اعتمد عليها أصحاب القول الأوّل , والتي تبيّن جواز التقليد بالنسبة للعامي بشكل واضح .
السبب الثاني :أنّ الأدلّة التي اعتمد عليها الفريق الثاني , المانعين للتقليد , محتملة ويمكن مناقشتها على النحو التالي :
أوّلا : استدلالهم بالآيات القرآنيّة التي تُحرّم إتّباع الآباء والأجداد والسادات , استدلال في غير محلّّه ؛ لأنّ الذم هنا إنّما هو على التقليد في العقائد ونحوها ممّا يُطلب فيه العلم[109] , أو ذمّ للتقليد الأعمى الذي لا يعتمد على دليل .
ثانيا : قولهم أنّ التقليد تقوّل على الله بغير علم , يوجّه بأنّ التقليد إتّباع للمجتهد في مسألة استنبط حكمها من الأدلّة الشرعيّة , المعتمدة في الفقه الإسلاميّ . يقول الإمام الشنقيطي : " أمّا استدلال بعض الظاهريّة كابن حزم ومن تبعه بهذه الآية التي ننحن بصددها - وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ -ً وأمثالها من الآيات على منع الاجتهاد في الشرع مطلقا , وتضليل القائل به , ومنع التقليد من أصله , فهو من وضع القرآن في غير موضعه , وتفسيره بغير معناه , كما هو كثير في الظاهريّة ؛ لأنّ مشروعيّة سؤال الجاهل للعالم وعمله بفتياه أمر معلوم من الدين بالضرورة . ومعلوم أنّه كان العامّي يسأل بعض أصحاب النبي , صلّى الله عليه وسلّم , فيفتيه فيعمل بفتياه , ولم يُنكر ذلك أحد من المسلمين "[110] .
أمّا ادّعائهم أنّ التقليد يوجب إتّباع الخطأ من الأقوال ؛ لأنّ المجتهد قد يخطأ . فمردود ؛ لأنّ المجتهد يفتي بما صحّ عنده من الدليل وما يعتقده صوابا , والرسول , صلّى الله عليه وسلّم , بيّن أنّه : " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران , وإن أخطا فله أجر "[111] . ثمّ إنّنا إذا أوجبنا على العامّي الاجتهاد في المسائل النازلة , فلا نأمن من وقوع الخطأ منه , بل هو أقرب إلى الخطأ , لعدم أهليّته , فيكون المحذور مشتركا[112] .
ثالثا : إنّ اعتمادهم على حديث رسول الله , صلّى الله عليه وسلم , والذي بيّن فيه أنّ طلب العلم فريضة على كلّ مسلم , وأنّ الحديث عامّ يوجب طلب العلم على كلّ مسلم . يُجاب على هذا الحديث بأنّّّ الخطاب وإن كان عامّا فإنّه يُخصّص على من توافرت فيه شروط الاجتهاد وذلك جمعا بين الأدلّة التي اعتمد عليها أصحاب الفريق الأوّل[113] . ثمّ إنّ الحديث بيّن وجوب طلب العلم على المسلم , وإن اعتبرناه عامّا , فهو لا يبيّن حرمة التقليد , فوجوب طلب العلم , لا يعني أنّ كلّ طالب علم قد يصبح مجتهدا يستطيع استنباط الأحكام الشرعيّة من مظانّها , ولذا فلا تعارض بين القول بوجوب التقليد , وبين القول بجواز التقليد , والله أعلم .
وأمّا قول الرسول , صلّّّّّّّى الله عليه وسلّم , " فالمراد في فعل الطاعات ؛ لأنّ صدر الحديث يقتضيه ؛ لقول الصحابة , رضوان الله عليهم لرسول الله , صلّى الله عليه وسلّم , لمّا سألوه عن القدر , فأخبرهم به عليه السلام , فقالوا : ففيم العمل ؟ فقال عليه السلام : اعملوا , وقاربوا , وسدّدوا , فكلّ ميسّر لما خُلق له "[114] وهو المراد بالاجتهاد ها هنا , ولأنّه مطلق ؛ لأنّه فعل في سياق الإثبات , فيكفي في العمل به صورة , ونحن قد عملنا به , إمّا في الأعمال الصالحة , وإمّا في أصول الديانات , وأيّما كان فقد خرجنا عن عهدة هذا النصّ , ولم يبق فيه حجّة "[115] .
رابعا : قولهم : أنّ الآثار المرويّة عن الصحابة والتابعين والأئمّة وردت بذمّ التقليد , يوجّه بأنّ آثارهم وردت في ذمّ التقليد المذموم الذي سبق بيان حرمته , وهذا التقليد لا يقول به أحد .
أو أنّ ذمّهم هذا كما يقول الإمام ابن عبد البر : " لغير العامّة , فإنّ العامّة لا بدّ لها من تقليد علمائها عند النازلة "[116] .
خامسا : أمّا قولهم : إنّ الفروع والأصول مشتركة في التكليف بها , فلو جاز التقليد في الفروع لمن ظهر صدقه فيما اخبر به , لجاز ذلك في الأصول , فالجواب عليه كما بيّن الإمام أبو الخطّاب الحنبليّ في التمهيد : " أنّه جمع بغير علّة , على أنّ مسائل الفروع يُطلب فيها ما يغلب على ظنّه أنّه الحق , وذلك يحصل للعامّي بقول المفتي كما يحصل للعالم بخبر الواحد عن الرسول , صلّى الله عليه وسلّم .
وجواب آخر : أنّ مسائل الأصول من التوحيد والنبوّات طرقها عقليّة يحتاج الإنسان فيها إلى تنبيه يسير ؛ فلا ينقطع عمر الإنسان ومعاشه فيها , بخلاف الفروع ؛ فإنّها تكثر وتتجدّد , والاجتهاد فيها لا يتمّ إلا بامور شرعيّة لا يمكن ضبطها ومعرفتها إلا بطول يفضي على ما ذكرنا "[117] , أي يؤدّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّ ي إلى الانقطاع عن المعاش الذي به قوام الدنيا .



الهوامش

 
[1]يُنظر : ابن منظور ( ت 711ﮬ ) , جمال الدين محمّد بن مكرم , لسان العرب , دار الفكر , بيروت , ط 3 , 1414/1994 , 3/ 366 , الزبيديّ , محمّد مرتضى , تاج العروس من جواهر القاموس , دار الفكر , ( د : س ) , 2/474 .

[2]الراغب الأصفهانيّ ( ت 502 ﮬ ) , أبو القاسم الحسين بن محمّد , المفردات في غريب القرآن , تحقيق : محمّد سيد كيلانيّ , مصر , مطبعة مصطفى البابيّ الحلبيّ , 1381ﮬ , ص 411 .

[3]يُنظر : الجرجانيّ , السيد الشريف علي بن محمّد , كتاب التعريفات , دارالإيمان , الإسكندريّة , 2004م , ص 73 , الحفناوي , محمّد إبراهيم , تبصير النجباء بحقيقة التقليد والتلفيق والإفتاء , دار الحديث , القاهرة , ط 1 , 1415/1995 , ص 195 , ابن قدامة ( ت 620ﮬ ) , موفّق الدين عبد الله بن أحمد بن محمّد , روضة الناظر وجنّ’ المناظر في أصول الفقه , تحقيق : عبد الكريم بن علي بن محمّد النملة , مكتبة الرشد , الرياض , ط 5 , 1417/1997 , 3/1017, الشوكانيّ ( ت 1250ﮬ ), محمّد بن علي , إرشاد الفحول إلى تحقيق الحقّ من علم الأصول , تحقيق : محمّد حسن محمّد حسن , دار الكتب العلميّة , بيروت , ط 1 , 1419/1999 , 2/ 327 .

[4]الغزالي ( ت 505ﮬ ) , المستصفي من علم الأصول , تحقيق : محمّد سليمان الأشقر , مؤسّسة الرسالة , بيروت , ط 1 , 1417/1997 , 2/462 .

[5]الآمدي , سيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي بن محمّد , الإحكام في أصول الأحكام , دار الفكر , بيروت , ط 1 , 1418/1997 , 2/347 .

[6]أبو الخطّاب الحنبلي ( ت 510ﮬ ) , التمهيد في أصول الفقه , تحقيق : مفيد محّد أبو عمشة , مؤسّسة الريّان , بيروت , ط 2 , 1421 /2000, 4/395 .

[7]يُنظر : الشنقيطي , محمّد الأمين , مُذكّرة أصول الفقه على روضة الناظر , تحقيق : أبي حفص سامي العربي , دار اليقين , مصر , ط 1 , 1419/1999 , ص 533 , النملة , عبد الكريم , إتحافذوي البصائر بشرح روضة الناظر , مكتبة الرشد , الرياض , ط 1 , 1422/2001 , 4/2626 , البدري , أبو مصعب محمّد , شرعة الاجتهاد وبدعة التقليد , دار الكتاب المصري , القاهرة , ط 1 , 1411/1991 , ص 105 .

[8]الشوكانيّ , إرشاد الفحول , 2/327 , الشوكانيّ , القول المفيد في أدلّة الاجتهاد والتقليد , تحقيق : أبو مصعب محمّد سعيد البدري , دار الكتاب المصري , القاهرة , ط 1 , 1411/1991 , ص 17 .

[9]النملة , إتحاف ذوي البصائر , 4/2626 .

[10]الشوكانيّ , إرشاد الفحول , 2/327 .

[11]يُنظر : الغزاليّ , المستصفى , 2/463 , الآمديّ , الإحكام , 347 , ابن النجّار ( ت 972ﮬ ) , محمّد بن أحمد بن عبد العزيز بن علي الفتوحيّ الحنبليّ , شرح الكوكب المنير , تحقيق : محمّد الزحيليّ , مكتبة العبيكان , الرياض , 1413/1993 , 4/532 , التركيّ , عبد الله بن عبد الله المحسن , أصولمذهب الإمام أحمد , مؤسّسة الرسالة , بيروت , ط 4 , 1416/1996 , ص 748 .

[12]ابن الهمّام , كمال الدين (879) : التحرير على التقرير في أصول الفقه . تحقيق : مكتب البحوث والدراسات . بيروت : دار الفكر , ط 1 , 1996, 4/241 .

[13]الشوكانيّ , إرشاد الفحول , 2/327 .

[14]العلوانيّ , طه جابر فيّاض , الاجتهاد والتقليد في الإسلام , دار الأنصار , القاهرة , ط 1 , 1399/1979 , ص 114 , العمريّ , وميض بن رمزي , المنهج الفريد في الاجتهاد والتقليد , دار النفائس , الأردن , ط 1 , 1419/1999 , ص 221 .

[15]الملاح , الفتوى , ص 381 .

[16]ابن عبد البر ( ت 463ﮬ ) , أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد , جامع بيان العلم وفضله , تحقيق : مسعد عبد الحميد محمّد السعدنيّ , دار الكتب العلميّة , بيروت , ط 1 , 1421/2000 , ص 393 .

[17]ابن القيّم ( ت 752ﮬ ) , شمس الدين محمد بن ابي بكر بن أيوب , إعلام الموقّعين عن ربّ العالمين , تحقيق : عصام الدين الصبابطيّ , دار الحديث , القاهرة , ط 3 , 1417/1997 , 2/173 .

[18] الملاح , الفتوى , ص 381 .

[19]معشاشة , أبو عبد الرحمن سعيد , المقلّدون والأئمّة الأربعة , دار ابن حزم , بيروت , ط 1 , 1420/1999 , ص 10 بتصرّّف .

[20]الشاطبي ( ت 790ﮬ ) , أبو إسحاق إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي , الاعتصام بالكتاب والسنّة , تحقيق : محمّد رشيد رضا , مكتبة الرياض الحديثة , الرياض , ( د : س ) , 2/342 بتصرّف .

[21]العلواني , الاجتهاد والتقليد , ص 115 .

[22]ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 393 .

[23]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/161 .

[24]المصدر السابق .

[25]المصدر السابق .

[26]العمريّ , المنهج الفريد , ص 257 .

[27]العز بن عبد السلام ( ت 660ﮬ ) , أبو محمّد عبد العزيز , قواعد الأحكام في مصالح الأنام , دار البيان العربي , الأزهر , ط 1 , 2003م , 2/104 .

[28]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/161 .

[29]الشنقيطيّ , محمّد الأمين بن محمّد المختار , أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن , دار الكتب العلميّة , بيروت , ط 1 , 1421/2000 , 7/319 .

[30]المصدر السابق , 7/319 .

[31]الآمديّ , الإحكام أصول الأحكام , 2/336 .

[32]العمريّ , المنهج الفريد , ص 260 .

[33]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/319 .

[34]العمريّ , المنهج الفريد , ص 255 .

[35]ابن تيميّة ( ت 728ﮬ ), أبو البركات عبد السلام , المسودّة في أصول الفقه , تحقيق : أحمد بن إبراهيم بن عبّاس , دار ابن حزم , بيروت , ط 1 , 1422/2001 , 2/ 929 .

[36]الشاطبي , الموافقات في أصول الشريعة , تحقيق : عبد الله درّاز دار المعرفة , بيروت , ط 4 , 1420/1999 , 4/500 .

[37]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/ 162 .

[38]الطبراني ( ت 360ﮬ ) , أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيّوب , المعجم الكبير , تحقيق : حمدي عبد المجيد السلفيّ , مكتبة ابن تيميّة , القاهرة , ( د : س ) , 17/50 رقم 14 .

[39]ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 386 .

[40]ابن عبد البر , جامع بيان العلم ,.ص 387 .

[41]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/322 .

[42]ابن ماجه ( ت 273ﮬ ) , أبو عبد الله محمّد بن يزيد القزوينيّ , سنن ابن ماجه , تحقيق : بشّار عوّاد معروف , دار الجيل , بيروت , ط 1 , 1418/1998 , 1/79 (52) , [ (1) المقدّمة , (8) باب اجتناب الرأي والقياس ] .

[43] ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 390 .

[44]الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 213 .

[45]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/318 .

[46]ابن عبد البر , جامع بيان العلم وفضله , ص 390 .

[47]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/161 .

[48]يُنظر : ابن قدامة , روضة الناظر , 3/1018 , الآمدي , الإحكام , 2/351 , آل تيميّة ,المسودّة , 2/929 , الشوكانيّ , إرشاد الفحول , 2/334 , الزركشي ّ, البحر المحيط , 4/563 , بن عقيل ( ت 512ﮬ ), أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمّد , الواضح في أصول الفقه , تحقيق : عبد الله بن المحسن التركي , مؤسّسة الرسالة , ط1 , 1420/1999 , 5/417 .

[49]تجدر الإشارة أنّ العلماء اختلفوا في المجتهد القادر على الاجتهاد , هل يجوز له التقليد , أم لا ؟ والراجح من الأقوال جواز ذلك إذا عجز عن الاجتهاد , إمّا لتكافؤ الأدلّة , وإمّا لضيق الوقت عن الاجتهاد , وإما لعدم ظهور دليل له , فإنّه من حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه وانتقل إلى بدله وهو التقليد . يُنظر : ابن تيميّة , مجموع الفتاوى , 20/203 , أبو الخطّاب الحنبلي , التمهيد , 4/419 , الزركشيّ ( ت 794ﮬ ) , بدر الدين محمّد بن بهادر بن عبد الله , البحر المحيط في أصول الفقه , تحقيق : محمّد محمّد تامر , دار الكتب العلميّة , بيروت , ط 1 , 1421/2000 , 4/567 , العلوانيّ , الاجتهاد والتقليد , ص125 , التركي , أصول مذهب الإمام أحمد , ص 680 .

[50]ابن تيمية، مجموع فتاوى شيخ الإسلام، دار الرحمة، القاهرة، ( د . س )., 4/203 .

[51]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/318 .

[52]ابن قدامة , روضة الناظر , 3/1018 . قلت : إنّ ادعائه الإجماع على ذلك تساهل منه , رحمه الله , لوجود من خالف في ذلك , وكان الأصح أن يقول : جواز ذلك للعامّي عند أكثر العلماء .

[53]ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 390 .

[54]يُنظر : ابن النجّار , شرح الكوكب المنير , 4/540 , الآمديّ , الإحكام , الحفناوي , تبصير النجباء , ص 211 .

[55]التركيّ , أصول مذهب أحمد بن حنبل , ص 762 .

[56]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 3/207 .

[57]الزركشيّ , البحر المحيط , 4/564 .

[58]السبكيّ ( ت 756ﮬ ) , عليّ بن عبد الكافي , الإبهاج في شرح المنهاج , دار الكتب العلميّة , بيروت , 1416/1995 , 3/272 , أبو الخطّاب الحنبلي , التمهيد , 4/400 .

[59]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/329 وما بعدها .

[60]المصدر السابق , 7/330 .

[61]المصدر السابق , 7/330 .

[62]ابو داود ( ت 275ﮬ ) , أبو سليمان بن الأشعث السجستانيّ , , سنن أبو داود , تحقيق : عبد القادر عبد الخير , دار الحديث , القاهرة , 1420/1999 , 1/179 (336) [ (1) كتاب الطهارة , (127) باب في المجروح يتيمّم ] .

[63]الزركشيّ , البحر المحيط , 4/564 .

[64]الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/ 330 .

[65]الترمذي ( ت 279ﮬ ) , أبو عيسى بن عيسى بن سورة , سنن الترمذيّ , تحقيق : أحمد محمّد شاكر , دار الحديث , القاهرة , ط 1 , 1419/1999 , 4/469 (2676) [ (38) كتاب العلم , (16) باب ما جاء في الأخذ بالسنّة ] .

[66]الترمذي , سنن الترمذيّ , (3805) [ (46) كتاب المناقب , (38) باب مناقب عبد الله بن مسعود ] .

[67] الشنقيطيّ , أضواء البيان , 7/330 .

[68] يُنظر : الغزاليّ , المستصفى , 2/466 , الآمديّ , الإحكام , 2/352 , الزركشيّ , البحر المحيط , 4/565 , السبكيّ , الإبهاج , 3/269 , أبو الخطّاب الحنبليّ , التمهيد , 4/ 399 , النملة , شرحروضة الناظر , 4/2630 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 211 .

[69]الزركشيّ , البحر المحيط , 4م565 بتصرّف .

[70]ابن قدامة , روضة الناظر , 4/ 1018 .

[71]مسلم (ت 261ﮬ ) , أبو الحسين مسلم بن الحجّاج النيسابوريّ , صحيح مسلم , بيت الأفكار الدوليّة , 1419/1998 , ص 713 (1717) [ (30) كتاب الأقضية , (5) باب النهي عن كثرة السؤال ] .

[72]النملة , شرح روضة الناظر , 4/ 2630 .

[73] ]ثنظر : الآمديّ , الإحكام , 2/352 , السبكيّ , الإبهاج , 3/270 , الزركشيّ , البحر المحيط , 4/565 , ابن عقيل , الواضح في أصول الفقه , 5/417 , الحفناويّ , تيصير النجباء , ص 212 .

[74]يُنظر : الخطيب البغداديّ ( ت 463ﮬ ) , أبو بكر أحمد بن ثابت , كتاب الفقيه والمتفقّه , تحقيق : إسماعيل الأنصاريّ , المكتبة العلميّة , ( د: س ) , 2/69 , ابن عقيل , الواضح في أصول الفقه , 5/417 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 212 .

[75]سأفرد لموقف الإمام ابن حزم من التقليد مطلبا خاصّا ؛ وذلك من أجل إبراز رأيه في المسالة لعلاقته المباشرة بحكم تقليده , وسأكتفي في هذا المطلب عرض آراء المانعين للتقليد مع الأدلّة .

[76]يُنظر : الشوكانيّ , إرشاد الفحول , 2/333 , الآمديّ , الإحكام , 4/351 , الزحيليّ , أصول الفقه , 2/1126 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 207 , النملة , شرح روضة الناظر , 4/2631 , القنّوجيّ , أبو النصر علي بن صديق حسن خان , القول السديد في أدلّة الاجتهاد والتقليد , تحقيق : أبو عبد الرحمن سعيد معشاشة , دار ابن حزم , ط 1 , 1421/2000 , ص 29 .

[77]الشوكاني , فتح القدير الجامع بين فنّي الرواية والدراية من علم التفسير, مطبعة البابيّ الحلبيّ , القاهرة , ط 2 , 1383/1964 , 1/167 .

[78]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/179 .

[79]ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 384 .

[80]الشوكانيّ , القول المفيد , ص 56 .

[81]ابن حزم , الإحكام , 2/277 .

[82]القنوجي , القول السديد , ص 20 .

[83]ابن حزم , الإحكام , 2/278 .

[84]ابن ماجه , سنن ابن ماجه , 1/215 (225) , [ (1) المقدّمة , (17) باب فضل العلماء والحثّ على طلب العلم ] .

[85]البخاري ( ت 256ﮬ ) , أبو عبد الله محمّد بن إسماعيل , صحيح البخاريّ , دار الفكر , بيروت , 1401/1981 , 7/212 (6605) [ (82) كتاب القدر , (4) باب وكان أمر الله قدرا مقدورا ] . .

[86]يُنظر : الآمديّ , الإحكام , 4/302 , التركيّ , أصول أحمد , ص 763 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 208 , الزحيليّ , أصول الفقه , 2/1129 .

[87]الترمذيّ , سنن الترمذي , 5/122 (3095) , [ (44) كتاب تفسير القرآن , (10) باب ومن سورة الأنفال ] .

[88]ابن حزم , الإحكام , 2/283 .

[89]يُنظر : ابن حزم , إبطال التقليد , ص 71 وما بعده , ابن عبد البر , جامع بيان العلم , ص 389 وما بعدها .

[90]ابن القيّم , إعلام الموقّعين , 2/183 .

[91]الأشقر, المدخل إلى دراسة المدارس والمذاهب الفقهيّة , ص 198 .

[92]يُنظر : الآمديّ , الإحكام , 2/352 , الزحيليّ , أصول الفقه , 2/1129 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 209

[93]يُنظر :الآمديّ , الإحكام , 2/353 .

[94]من هذه الكتب وعلى سبيل المثال لا الحصر : كتاب " ملخّص إبطال القياس والرأي والاستحسان والتقليد والتعليل " , ومنها " الجزء السادس من كتاب الإحكام في أصول الأحكام " , وكتاب " المحلّى بالآثار " 1/85 , وغيرها .

[95]ابن حزم , المحلّى بالآثار , 1/85 .

[96]ابن حزم , النبذة الكافية , ص 85 .

[97]ابن حزم , الإحكام , 2/295 .

[98]ابن حزم , إبطال القياس , ص 52 .

[99]ابن حزم , الإحكام , 2/ 292 .

[100]ابن حزم , النبذة الكافية , ص 88 .

[101]ابن حزم , الإحكام , 2/ 296 ز

[102]أبو زهرة , ابن حزم , ص 273 .

[103]أبو زهرة , ابن حزم , ص 272 .

[104]ابن حزم , الإحكام , 2/296 , ابن حزم , المحلى بالآثار , 1:85 .

[105]أبو زهرة , ابن حزم , ص 273 .

[106]ابن حزم , النبذة الكافية , ص 89 .

[107]ابن حزم , الإحكام , 2/235 .

[108]أبو زهرة , ابن حزم , ص 274 .

[109]الحفناوي , تبصير النجباء , ص 207 .

[110]الشنقيطي , أضواء البيان , 3/422 .

[111]سبق تخريجه ص 46.

[112]يُنظر : الزحيليّ , أصول الفقه , 2/1129 , الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 209 .

[113]]يُنظر : الحفناويّ , تبصير النجباء , ص 208 , الزحيليّ , أصول الفقه , 2/1129 .

[114]سبق تخريجه ص 50 .

[115]القرّافي ( ت 684ﮬ ) , شهاب الدين أبو العبّاس أحمد بن ادريس بن عبد الرحمن , نفائس الأصول في شرحالمحصول , تحقيق : محمّد عبد القادر عطا , دار الكتب العلميّة , بيروت , ط 1 , 1421/2000 , 4/610 .

[116]ابن عبد البر , جامع بيان العلم, ص 390 .

[117]أبو الخطّاب الحنبليّ , التمهيد, 4/401 .