الثلاثاء، 30 أكتوبر 2018

اسقاط دعوى الاجماع على تحريم المعازف

مسالة المعازف من المختلف فيه وليس بها اجماع كما ادعى البعض فنحن لاننكر ان بعض العلماء نقلوا اجماع على التحريم ولكن كما هو معلوم فى علم الاصول ان نقل الخلاف يسقط دعوى الاجماع فالناقل للخلاف مقدم على ناقل الاجماع لانه مثبت والذين نقلوا الخلاف فى المسالة هما ابن تيمية وابن حجر
قال ابن حجر -رحمه الله- في فتح الباري: ((وأما الالات فسيأتى الكلام على اختلاف العلماء فيها عند الكلام على حديث المعازف في كتاب الأشربة وقد حكى قوم الإجماع على تحريمها وحكى بعضهم عكسه)) انتهى كلام ابن حجر اى ان هناك من حكى الاجماع على اباحتها فى مقابل من حكى الاجماع على تحريمها او عدم وجود الاجماع وهذا نص واضح صريح من واحد من اهم علماء المسلمين فى اثبات الخلاف وهو كاف لحسم الامر واثبات ان المسالة خلافية وكذلك ابن تيمية اثبت الخلاف فى المعازف يقول ابن تيمية فى مجموع الفتاوى ((ومعلوم في كل عمل تنازع المسلمون فيه هل هو محرم أو مباح ليس بقربة أن من جعله قربة فقد خالف الإجماع وإذا فعله متقربا به كان ذلك حراما بالإجماع كما لو تقرب بلعب النرد والشطرنج وبيع الدرهم بالدرهمين وإتيان النساء في الحشوش واستماع الغناء والمعازف ونحو ذلك مما للناس فيه قولان التحريم والإباحة لم يقل أحد إنها قربة ))انتى كلام ابن تيمية
ومعلوم ان ناقل الخلاف مقدم على ناقل الاجماع لانه مثبت
يقول ابن تيمية فى مجموع الفتاوى ((وإذا نقل عالم الإجماع ونقل آخر النزاع : إما نقلا سمي قائله ; وإما نقلا بخلاف مطلقا ولم يسم قائله فليس لقائل أن يقول نقلا لخلاف لم يثبت ; فإنه مقابل بأن يقال ولا يثبت نقل الإجماع بل ناقل الإجماع ناف للخلاف وهذا مثبت له والمثبت مقدم على النافي . 
وإذا قيل : يجوز في ناقل النزاع أن يكون قد غلط فيما أثبته من الخلاف : إما لضعف الإسناد ; أو لعدم الدلالة قيل له : ونافي النزاع غلطه أجوز ; فإنه قد يكون في المسألة أقوال لم تبلغه ; أو بلغته وظن ضعف إسنادها وكانت صحيحة عند غيره ; أو ظن عدم الدلالة وكانت دالة فكل ما يجوز على المثبت من الغلط يجوز على النافي مع زيادة عدم العلم بالخلاف )) انتهى كلام ابن تيمية 

تنبيه بخصوص اثر عمر بن عبدالعزيز والاستدلال به على وجود اجماع 
إستدل البعض بأن عمر بن عبد العزيز رضي الله  101 هـ) قد نقل الإجماع على تحريم المعازف لأنه كتب لاحد ولاته قائلا:

("وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الاسلام ولقد هممت ان ابعث اليك من يجز جمتك جمة السوء") إنتهى
كما جاء في سنن النسائي باب الفيء أخبرنا عمرو بن يحيى قال حدثنا محبوب يعني إبن موسى قال انبانا ابو اسحق وهوالفزاري عن الأوزاعي قال:كتب عمربن عبد العزيز...به. وقالوا أن الإمام الأوزاعي وهو من ائمة الإسلام الكبار كان معاصرا لعمر بن عبد العزيز ولم يعرف أنه أنكر كلامه السابق بل حدث به مما يؤكد الإجماع.
لكن هذا الاثرلايصح للآتي:
- توفي عمر بن عبد العزيز رحمه الله والأوزاعي لا يزال غلاما إبن ثلاث عشرة سنة, ونبه لذلك الشيخ الجديع فقال (أحسبه-أي الأثر- منقطعا بين الأوزاعي وعمر فإنه لم يذكر برواية عنه أو سماع منه وكأنه من أجل صغره يوم مات عمر فقد ولد –الأوزاعي- سنة(88 هجري) ومات عمر سنة (101 هجري)إنتهى
-قال البخاري في تاريخه الكبير في ترجمة (2798) عيسى بن يونس بن أبي إسحاق أبو عمرو السبيعي ...قال إبراهيم وسمعت عيسى يقول نصصت الأوزاعي عما قال عمر بن عبد العزيز وكتب عمر بن عبد العزيز فلم أجد عنده ما يقوم عليه) إنتهى
- في (تهذيب التهذيب) أيضا تجد الحافظ ابن حجر العسقلاني  لم يعد الأوزاعي ممن أخذ عن عمر بن عبد العزيز لا في ترجمة الأوزاعي رقم (487) ولا في ترجمة عمر بن عبد العزيز رقم (791).
- وإذا بحثت ودققت ستعلم أن الأوزاعي لم يبدأ في طلب العلم اصلا إلا بعد وفاة عمر بن عبد العزيز بتسع سنين أي عند بعثه لليمامة ولقائه يحيى بن كثير كما ورد في (الجرح والتعديل) لأبي حاتم (186)
فالأثر لايصح رغم انك قد تجده كثير التكرار على الالسنة مثله مثل ما أورده إبن ابي الدنيا في ذم الملاهي  بلا إسناد عن أمر عمر بن عبد العزيز مربي أولاده بمنعهم من الغناء.


والخلاصة : أن مسألة الموسيقى هي مسألة إختلف فيها العلماء ولا اجماع فيها ولم يكن ابن حزم هو الوحيد الذي قال بإباحتها وان كان اشهر من قال بذلك ولذا فترجيح الصواب يكون بإتباع الأدلة من الكتاب والسنة وهو ما سيلي نقاشه في باقي الاجزاء بحول الله التي سترجح بجلاء أن الموسيقى هي من المباحات ولادليل واحد على تحريمها وفي الجزء التالي نناقش (حديث المعازف).

فموضوع الموسيقى (المعازف) من المواضيع التي إحتدم الجدال حولها قديما وحديثا رغم كونها مسألة أقل من أن تكون فرعا فقهيا معظم كتب الفقه تغفله ولا تكاد تذكره اللهم إلا كجزئية بسيطة في باب البيع أو النكاح هذا إن ذكرت أصلا..ورغم ذلك فأصبحت تجد اليوم من يكاد يعقد الولاء والبراء بناء على الموقف منها ويجعلها شرطا من شروط الإنتساب لأهل السنة والحديث بل ويزعم الإجماع على تحريمها! 
وتتضح دوافع الحماس لإثبات تحريم الموسيقى في ظل ما في غناء اليوم من عري وخلاعة وكلمات لاترضي ربنا ولذلك فتحرير موطن الخلاف هام جدا 
فلا يوجد مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر يقول بإباحة العري والخلاعة أو كلمات الفسق أو تضييع الواجبات والغفلة عن ذكر الله وهجر كتابه فهذا لاخلاف على تحريمه .. ولكن الكلام عن الموسيقى المجرده أو الموسيقى التي تصاحب كلاما حسنا يخلو من كل ما سبق للترفيه أحيانا أو في خلفيات البرامج والأفلام الوثائقية..هل من أفتى بأن الموسيقى تكون حينئذ على أصل الإباحة ولادليل على تحريمها يكون قد اخطأ؟!
يقول تعالى
 (
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا) البقرة 29
ويقول سبحانه (يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَـٰتِ ما أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدوا إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ) المائدة87

ويقول سبحانه
 (وَلاَ تَقُولُواْ لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُواْ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ) النحل 116
فالأصل في الأشياء الإباحة وعدم ورود دليل على تحريم الشيء يقضي بأن يبقى الشيء على أصله وحله وهذا ما تمسك به من قال بجواز الموسيقى فقال أنها تبقى على أصلها من الإباحة ولا تحرم إلا كما يحرم أي شيء مباح إذا إستخدم للحرام أو للدعوة للحرام او ادى للحرام. وقالوا بأنه لايوجد دليل صحيح صريح على التحريم والديانة لاتؤخذ بالظن.
ولكن رد من قال بالتحريم بوجود أدلة على التحريم من صحيح السنة والكتاب وأهمها على الإطلاق حديث رواه البخاري في صحيحه يعتبر العمدة في هذا الباب بات يعرف بحديث المعازف وهو ما سيلي نقاشه بحول الله.
هذا البحث المختصر يناقش هذا الموضوع وله عدة أهداف:أولا: البحث عن الحق وبيانه,
 قال تعالى:
(وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولاتكتمونه) آل عمران 
187
 وقال سبحانه:
(إن الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد مابينناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) البقرة
159

البحث كامل هنا فى الرد على كل ادلة تحريم المعازف بنظرات جديدة
https://ahkam667.blogspot.com/2014/01/blog-post_8.html

الجمعة، 26 أكتوبر 2018

ضعف الاثار التى جاءت عن الصحابة فى تفسير لهو الحديث بالغناء

جاء عن ثلاثة من الصحابة تفسير لهو الحديث بالغناء وهم ابن مسعود وابن عباسر وجابر ولكن هذه الاثار ضعيفة لايصح منها شىء واليك بيان ذلك 
الأول : أثر ابن مسعود 
الطريق الاول أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه (21130 ) والحاكم في مستدركه (3542) عن حميد بن صخر ، عن عمار الدهني ، عن سعيد بن جبير ، عن أبي الصهباء ، عن عبد الله بن مسعود أنه سئل عنها ـ أي الآية ـ فقال : الغناء والذي لا إله إلا هو .
وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه . ووافقه الذهبي
وقد أخرجه ابن جرير في تفسيره (21/61) من طريق أبي الصهباء عنه .
أبو الصهباء هو البكري مولى ابن عباس :
قال عنه أبو زرعة : مدينى ثقة 
وقال النسائي : بصري ضعيف
وذكره ابن حبان في الثقات
وجمعا بين الجرح والتعديل قال الحافظ في التقريب : مقبول .
ـ الطريق الثانى  أخرجه البيهقي في (شعب الإيمان : 4/279) : من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبيه عن ابن مسعود في قوله  :  ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : رجل يشتري جارية تغنيه ليلا أو نهارا .
وفي سنده انقطاع بين ابن مسعود وبين يونس بن أبي إسحاق .
فالأثر ضعيف
وقد ضعفه الحافظ في الفتح (11/91) . وقال في التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير - (4 / 482) : وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ الْبَيْهَقِيُّ. اهـ وسكت عنه

الثاني : أثر ابن عباس
الطريق الاول أخرجه البخاري في الأدب المفرد (786) ) من طريق خالد بن عبد الله قال : أخبرنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن بن عباس : ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : الغناء وأشباهه . 
والبيهقي في السنن الكبرى (10/221) من طريق منصور بن أبي الأسود عن عطاء به . 
ضعيف
ـ عطاء بن السائب 
قال أحمد : من سمع منه قديما فهو صحيح ، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء .
وقال يحيى : لا يحتج بحديثه .
وقال أحمد بن أبي خيثمة عن يحيى : حديثه ضعيف إلا ما كان عن شعبة وسفيان .
وقال البخاري : أحاديث عطاء بن السائب القديمة صحيحة
وقال ابن عيينة : ذكر أبو إسحاق السبيعي عطاء بن السائب فقال : ما فعل عطاء إنه من البقايا .
وقال أحمد بن حنبل : عطاء بن السائب ثقة ثقة رجل صالح ومن سمع منه قديما كان صحيحا .
وقال أبو حاتم : محله الصدق قبل أن يخلط 
وقال النسائي : ثقة في حديثه القديم لكنه تغير ، ورواية شعبة والثوري وحماد بن زيد عنه جيدة .
وقال البخاري في " تاريخه " : قال على : سماع خالد بن عبد الله من عطاء بن السائب بآخره .اهـ

ـ الطريق الثانى أخرجه بن أبي شيبة (21131 ) من طريق ابن أبى ليلى عن ، الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس قال : الغناء وشرى المغنية .
ـ ابن أبي ليلى : وهو محمد بن عبد الرحمن : ضعيف وقد تقدمت ترجمته .
ـ ومقسم : هو الضبي مولى ابن عباس :
قال أبو حاتم : صالح الحديث لا بأس به
وذكره البخاري في الضعفاء 
وقال ابن حزم : ليس بالقوي
وقال ابن سعد : كان كثير الحديث ضعيفا 
وقال الساجي : تكلم الناس في بعض روايته
قال أحمد بن صالح المصري : ثقة ثبت لا شك فيه 
وقال العجلي : مكي تابعي ثقة 
وقال يعقوب بن سفيان والدار قطني : ثقة .
ـ والحكم : هو الحكم بن عتيبة : وهو ثقة غير أنه لم يسمع من مقسم إلا خمسة أحاديث : ليس هذا منها . وقد وصفه ابن حبان بالتدليس

الطريق الثالث اخرجه ابن حزم من طريق عبد الكريم الجزري عن أبي هاشم الكوفي عن ابن عباس به 
وأبو هاشم الكوفي : هو القاسم بن كثير 
قال أبو حاتم : صالح 
وقال النسائي : ثقة 
وذكره بن حبان في كتاب الثقات . وقال : يخطئ ، وقال في موضع آخر : ربما خالف
وقال الذهبي : صالح الأمر
غير أنه لم يسمع من ابن عباس .
ـ وعبد الكريم الجزري : ثقة
الطريق الرابع  أخرجه ابن جرير (21/61) من طريق : ابن أبي ليلى عن الحكم أو مقسم عن مجاهد عن ابن عباس قال : شراء المغنية
قلت : وابن أبي ليلى : ضعيف 
الطريق الخامس اخرجه ابن جرير أيضا (21/61) من طريق : ليث ، عن الحكم ، عن ابن عباس قال : الغناء .
ضعيف :
ليث : هو ليث بن أبي سليم : ضعيف وقد تقدمت ترجمته
الطريق السادس اخرجه الطبري أيضا (21/62) من طريق محمد بن سعد قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله  قال : باطل الحديث هو الغناء ونحوه .
وفيه مجاهيل 
والحديث لا تصححه كثرة الطرق إذا كان فيها ضعف

الثالث : أثر جابر
أخرج الطبري في تفسيره (21/62) من طريق : سفيان عن قابوس بن أبي ظبيان ، عن أبيه ، عن جابر في قوله : (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) ، قال : هو الغناء والاستماع له
ضعيف :
ـ قابوس بن أبي ظبيان 
قال يحيى : ضعيف الحديث 
وقال مرة : ثقة 
وقال أبو حاتم الرازي : يكتب حديثه ولا يحتج به 
وقال النسائي : ليس بالقوي 
وقال ابن حبان : كان رديء الحفظ يتفرد عن أبيه بما لا أصل له .

وقد قام الشيخ مصطفى العدوى وهو عالم حديث سلفى بتضعيف كل هذه الاثار التى جاءت عن الصحابة فى تفسير لهو الحديث بالغناء فى كتابه احكام النساءالجزء الرابع صفحة 400 والكتاب موجود على النت لمن اراد مراجعته