الخميس، 6 ديسمبر 2018

نقد مقولة من سبقك لهذا القول

قال تعالى ( قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ) ، فدل ذلك أن كل قول بدون برهان هو قول مردود ، و أن معيار الحكم على صحة القول يكون باستناده إلى الدليل . و ليس بأن يسبق إليه أحد .

و القائل ( هل سبقك أحد إلى هذا القول ) ليكون ذلك معيارا لنقض القول ، نقول له :

أولا : : لم تحفظ هذه المقولة عن أحد من الصحابة لتكون سبيلا للحكم على صحة الأقوال ، فكيف خفيت عليهم و عرفها من بعدهم ؟، و بذلك تُبطل المقولة نفسها .

ثانيا : : لو كانت كل مسائل الدين لابد أن تؤخذ عن أحد ، ففي ذلك إبطال لكل قول في الدين بعد عصر الصحابة ، إذ لا يمكن أن يخفى الحق عنهم و لا يعرفه إلا من جاء بعدهم . و في ذلك إبطال لكل ما ورد في مؤلفات الفقهاء غير مستند إلى نص صحيح عن صحابي .

ثالثا : لم يتكفل الله تعالى بحفظ أقوال البشر كما تكفل بحفظ الذكر فدل ذلك يقينا استحالة الجزم بأن أي قول لم يقل به أحد من قبل .

فلينتبه من يعتد بهذه المقولة ، فإنها ليست دليل إبطال ، و لكنها دليل عجز عن أن ينقض القول بالدليل و البرهان الحق .
فقول الانسان في أي زمان ومكان إذا كان يستند الى الدليل الصحيح فهو الذي يعتد به سواء سبقه اليه احد او لم يسبقه اليه أحد من الناس وكلنا يعلم ان الشرع جاء باصول عامة وقواعد كليه تشمل كل المسائل حتى قيام الساعة وذلك من معاني قوله تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم ) فكل مسالة جديدة او قديمة لا بد ان يكون لها أصل في الدين فلا داعي ان نقول ان احدا سبق الى هذا القول او لم يسبق اليه أحد فهذا ليس حكما على المسالة وانما الحكم بالدليل اما قول سابق في المسالة فيستأنس به ويسترشد به
بل ان مقولة (من سلفك في هذا الرأي ) هي مقولة مبتدعة اصلاً
وهي شنشنة أهل التقليد والضعف العلمي دائماً


قال ابن حزم في الإحكام (5/662): فكل من أداه البرهان من النص أو الإجماع المتيقن إلى قول ما، ولم يعرف أن أحد قبله قال بذلك القول ففرض عليه القول بما أدى إليه البرهان، ومن خالفه فقد خالف الحق ومن خالف الحق فقد عصى الله تعالى، ولم يشترط تعالى في ذلك أن يقول به قائل قبل القائل به ............. انتهى

وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 4/204 ) : إذا كان عند الرجل الصحيحان أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم موثوق بما فيه فهل له أن يفتي بما يجده ؟، فقالت طائفة من المتأخرين : ليس له ذلك لأنه قد يكون منسوخاً أو له معارض أو يفهم من دلالته خلاف ما دل عليه فلا يجوز له العمل ولا الفتيا به حتى يسأل أهل الفقه والفتيا . وقال طائفة بل له أن يعمل به ويفتي به بل يتعين عليه كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث به بعضهم بعضاً بادروا إلى العمل به من غير توقف ولا بحث عن معارض ولا يقول أحد منهم قط : هل عمل بهذا فلان وفلان ، ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار وكذلك التابعون وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القول وسيرتهم وطول العهد بالنسبة ، وبعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها والعمل بغيرها ولو كانت سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسوغ العمل بها بعد صحتها حتى يعمل بها فلان أو فلان لكان قول فلان أو فلان عياراً على السنن ، ومزكيا لها ، وشرطاً في العمل بها ، وهذا من أبطل الباطل وقد أقام الله الحجة برسوله دون آحاد الأمة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتبليغ سنته ودعا لمن بلَّغها ، فلو كان من بلغته لا يعمل بها حتى يعمل بها الإمام فلان والإمام فلان لم يكن في تبليغها فائدة وحصل الاكتفاء بقول فلان وفلان .

وقال أيضا في إعلام الموقعين ( 4/212 ) : فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كذا وكذا ، يقول من قال بهذا ؟ ويجعل هذا دفعاً في صدر الحديث أو يجعل جهله بالقائل حجة له في مخالفته وترك العمل به ، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل وأنه لا يحل دفع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الجهل ، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفة تلك السنة ، هذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبح من ذلك عذره في دعوى هذا الإجماع وهو جهله ودعم عمله بمن قال بالحديث ، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة والله المستعان . ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام البتة قال : لا نعمل بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نعرف من عمل به .

وقال في كتاب الروح ( 264 ) : فلا تجعل جهلك بالقائل به حجة على الله ورسوله ، بل اذهب إلى النص ، ولا تضعف واعلم أنه قد قال به قائل قطعاً ولكن لم يصل إليك . انتهى .

وقال الألباني في السلسلة الصحيحة ( حديث رقم : 163 ) : لا يضر الحديث ولا يمنع العمل به عدم العلم بمن قال به من الفقهاء ، لأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود . انتهى .

وقال ابن حزم في الإحكام ( 5/662 ) : فكل من أداه البرهان من النص أو الإجماع المتيقن إلى قول ما ، ولم يعرف أن أحد قبله قال بذلك القول ففرض عليه القول بما أدى إليه البرهان ، ومن خالفه فقد خالف الحق ومن خالف الحق فقد عصى الله تعالى ، ولم يشترط تعالى في ذلك أن يقول به قائل قبل القائل به ، بل أنكر على من قاله إذ يقول عز وجل حاكيا عن الكفار منكراً عليهم أنهم قالوا : { مَاسَمعْنَا بـِهَذَا فِي المِلَّةِ الآخِرَةِ }[ ص : 7 ] ومن خالف هذا فقد أنكر على جميع التابعين وجميع الفقهاء بعدهم ، لأن المسائل التي تكلم فيها الصحابة رضي الله عنهم من الاعتقاد والفتيا ، فكلها محصور مضبوط ، معروف عند أهل النقل من ثقات المحدثين وعلمائهم ، فكل مسألة لم يرد فيها قول عن صاحب لكن عن تابع فمن بعده ، فإن ذلك التابع قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله بلا شك ، وكذلك كل مسألة لم يحفظ فيها قول عن صاحب ولا تابع وتكلم فيها الفقهاء بعدهم فإن ذلك الفقيه قد قال في تلك المسألة بقول لم يقله أحد قبله . انتهى .

ترك الرسول واصحابه لامر ما لايعنى انه حرام

*طريق خاطئ من طرق الاستدلال المعاصر*
-------------------
تنتشر بعض الفتاوى في الانترنت حول مسألة ما، وهذه المسألة مختلف فيها مثلا، ويحتج من يفتي بالتحريم بقول (لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر به) أو يقول (لم يفعله الصحابة او التابعون ...)
او يقول : (لو كان خيرا لسبقونا اليه)
والغريب ان الكلام قد لا يكون عن فعل مستحب او واجب أو حرام، إنما يكون عن خلاف في فعل هل هو جائز (مباح) أو حرام..
ولي هنا وقفات:
أولها:
يجب ان نعرف بأن هذا الكلام (لو كان خيرا لسبقونا اليه) ليس أصلا من أصول الاستدلال في الشريعة.
ثانيا:
إن ترك الفعل لا يدل على تحريمه، فالشيء الذي لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم لا يدل على التحريم، إنما يدل على عدم الوجوب أو الاستحباب.
ثالها:
إن كان الكلام يدور حول فعل جائز فماذا يعني اذا لم يفعله السلف، هو جائز وليس واجبا او مستحبا كي نستغرب عدم فعلهم له.
رابعا:
ورد عن بعض سلف الأمة وأئمتها أفعال لم يامر بها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعلها، منها:
¤ كان عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قد قسم دهره ثلاث ليال؛ ليلة يبيتها قائما، وليلة راكعا، وليلة ساجدا.
¤ وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تعطر أموال الصدقة.
وغيرها كثير من أفعال لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها، مع ان هذه عبادات وليس من امور العادات والمباحات.
وكذلك من بعد الصحابة من السلف والأئمة، منها:
¤ كان الامام مالك لا يلبس نعالا ولايركب دابة في المدينة المنورة، وكان يقول: أنا أستحي من الله أن أطأ تربة نبي الله بحافر دابة .
فهل قال احد للإمام مالك :
هل أنت تحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من صحابته الذين مشوا بنعالهم وركبوا الدواب في المدينة؟ هل فاتهم ذلك وتذكرته أنت ؟ لا لم يقل له أحد ذلك.
¤ وقال ابن القيم رحمه الله :
سمعت ابن تيمية رحمه الله يقول :
(من واظب على "يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت" كل يوم بين سنة الفجر وصلاة الفجر أربعين مرة أحيا الله بها قلبه)
فها هو ابن تيمية يفعل شيئا لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن صحابته ، فلماذا لم يقل له تلامذته أو أقرانه : من أين لك هذا الدعاء، وبهذا العدد تحديدا، وبهذا الوقت تحديدا؟
وهل قال له أحد: لو كان خيرا لفعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته؟ هل فاتهم وتذكرته ؟ لا لم يقل له احد ذلك، بل عد ابن القيم ذلك من مناقبه رحمهما الله .
وغير ذلك كثير جدا، وفيما ذكرناه كفاية.
*ونختم بمسألة فقهية:*
لو نذر رجل أن يفرش مسجدا بسجاد، فهل نذره واجب الوفاء؟
الجواب نعم واجب.
ولنسأل الان: هل فرش المسجد عبادة؟
فإن قلت: نعم عبادة لانه من باب توقير المساجد، والمسجد من شعائر الدين التي أمرنا بتعظيمها.
قلنا لك: إن كانت عبادة فلماذا لم يفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة؟
وإن قلت: ليست عبادة، قلنا: إن لم تكن عبادة فكيف يجب هذا النذر ؟ والنذر لا يجب في غير العبادات ؟

فاعلم إن ترك الرسول الكريم لأمر لم يفعله في زمانه ليس حجة في التحريم، لأن القاعدة الشرعية المتفق عليها أنه لا تحريم إلا بنص ، لذلك فإن المقولة التي ذكرتها في السؤال ليست قاعدة شرعية بتاتاً .أما القاعدة الشرعية لأي عمل هي أن ننظر إلى الأمر هل هنالك من نص صريح في تحريمه أم لا ، وإن كان من الأمور المستحدثة هل اتفق العلماء على تحريمه بالقياس (كما هو الحال بالنسبة للمخدرات مثلاً) فإن لم يكن كذلك فالأمر مباح يجوز فعله وتركه . ودليل هذا فيما يلي:
أولها : أن الله لما بين لنا في القرآن الكريم ما يجب علينا من طاعة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا )وَمَا ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) الحشر 7. ولم يقل : وما تركه فاتركوه . فجعل الطاعة في امتثال الأمر واجتناب النهي فحسب ، وما جعلها في متابعته صلى الله عليه وسلم في الترك .
ثانيها : أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين لنا ما تجب طاعته فيه ؛ وحصر ذلك بامتثال أمره واجتناب نهيه ولم يجعله في ترك ما ترك من الأمور . يشهد لذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ قال : خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : (أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا) َقَالَ رَجُلٌ : أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ سَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم (لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ) ثُمَّ قَالَ ( ذَرُونِي مَاتَرَكْتُكُمْ ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ . فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ) فقد قال أولاً ( ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ ) أي اتركوا سؤالي عمالم آمركم به أو أنهَكم عنه ؛ لأن ذلك يدخل في الأمور المباحة التي لا أمر فيها ولا نهي ، فإذا اقتضى الأمر أمراً بينته ، أو نهياً بينته . 
ثالثها : أن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك كثيراً من الأمور لا لحرمتها ؛ وإنما لأمور اقتضت ذلك . فمن ذلك تركُ هدم الكعبة وإعادة بنائها على قواعد إبراهيم على نبينا وعليه أفضل الصلاة أكمل التسليم ، وتركُ إنفاق كنْزها في سبيل الله لا لأن ذلك حرام لا يجوز بل لأن قومه كانوا حديثي عهد بجاهلية ؛ ومنها كذلك تركه صلى الله عليه وسلم أكل الضب ؛ لا لأنه حرام ؛ بل لأنه لم تشتهه نفسه الكريمة ، أو لأنه ليس من طعامه .
ومن الأمور التي تركها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح مع الجماعة في شهر رمضان لا لأنها لا تجوز بل خشية أن يفرضها الله على أمته فلا تستطيعها ، وهذا من كمال رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته ، فما أعظمه من رسول بر رؤف رحيم ! ومنها تركه صلى الله عليه وسلم الانتصار لنفسه الكريمة ؛ لا لأنه لا يجوز له الانتصار لها ؛ بل لأن العفو والصفح من كمال خلقه صلى الله عليه وسلم.
رابعها : أن الصحابة الكرام فعلوا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم أموراً لم يفعلها هو ، ولم يأمر بها ؛ وإنما كان ذلك اجتهاداً منهم في التقرب إلى الله فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك ؛ لكي يكون باب الاجتهاد في التقرب إلى الله بأنواع من القربات مفتوحاً على مصراعيه ؛ إلا ماخالف نصاً صريحاً من كتاب أو سنة أو أصلاً شرعياً متفقاً عليه . 
وفَعَلَ الصحابة الكرام بعده صلى الله عليه وسلم أموراً كثيرة لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم منها جَمْعُ القرآن الكريم في مصحف واحد في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ثم نسخ ذلك في ستة مصاحف وبعثها إلى الأمصار وإحراق ما سوى ذلك ؛ حتى لا يختلط القرآن بغيره ، في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه وذلك معروف مشهور . ومنها جَمْعُ أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الناس في صلاة التراويح في رمضان على إمام واحد هو أُبَيُّ بن كعب رضي الله عنه.
وقد استجدت بعد النبي صلى الله عليه وسلم أمور ليس لها نص صريح في كتاب الله ولا في سنة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كتنقيط المصحف وتشكيله ، وتدوين العلوم كالنحو والفقه وأصوله ، وتجويد القرآن وتفسيره ، وغيرها من العلوم ، وظهرت أشياء جديدة كالقهوة والشاي وغيرها ، مما لم يكن معروفاً زمن النبوة ، استنبط العلماء أحكامها من تلك القواعد والضوابط . ولم يقل أحد من العقلاء : إن أولئك العلماء قد زادوا في دين الله شيئاً ، أو ابتدعوا شيئاً لم يأذن به الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم

اذن قد يكون للترك اسباب منها:
1-العادة: كموضوع الضب في حديث سيدنا خالد ابن الوليد انه دخل على التبي صلى الله عليه وسلم ببيت ميمونة فاتي بضب محنوذ فاهوى اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فقيل هو ضي يا رسول الله فرفع يده فقلت: احرام هو يا رسول الله؟فقال( لا ولكن لم يكن بارض قومي فاجدني اعافه)قال خالد:فاجتررته فاكلته والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر .
الحديث يدل على امرين:
ا -ان تركه للشىء ولو بعد الاقبال عليه لا يدل على تحريمه.
ب-ان استقذار الشىء لا يدل على تحريمه ايضا.

- 2ان يكون تركه نسياتا وسهى صلى الله عليه وسلم في الصلاة فترك منها شيئا فسئل :هل حدث في الصلاة شىء؟ قال (انماانا بشر انسى كما تنسون فاذا نسيت فذكروني(.

-3 ان يكون الترك مخافة ان يفرض كصلاة التراويح.

-4 ان بكون تركه لعدم التفكر فيه ولم يخطر في باله مثل احداث المنبر له صلى الله عليه وسلم

-5ان يكون تركه لدخوله في عموم الايات او الاحاديث كتركه الكثير من المندوبات لانها مشمولة في قوله تعالى(وافعلوا الخير لعلكم تفلحون)الحج77

وحسب العاقل المنصف الذي يرجو رحمة ربه ويخشى عذابه قول الله جل شأنه) وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ ( النحل 116 وقوله جل شأنه ) قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلالاً قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ( يونس 59 . مما تقدم فترك النبي صلى الله علي وسلم شيئا لشىء لا يعنى حرمة ذلك لان القاعدة عند العلماء (ترك الشىء لا يدل على حرمته) ونقصد بالترك ان ان يترك النبي صلى اللله عليه وسلم شيئا لم يفعله او تركه السلف الصالح من غير ان ياتي حديث او امر بالنهي عن ذلك الشىء المتروك بمقتضى تحريمه او كراهته. .قال علماء الأصول: السنة هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته .. ولم يقولوا وتروكه (أي ما تركه ولم يفعله) ..
لأن الترك ليس حكما شرعيا , ولا أثر له في التشريع (أي لا تعبره العلماء شيئا مؤثرا في إثبات حكم شرعي معين لمسألة معينة).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا أمرتكم بشيء فائتوا منه ما استطعتم , وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه) [ متفق عليه].
ولم يقل إذا تركت شيئا فاجتنبوه ..
إذن .. مجرد ترك النبي صلى الله عليه وسلم لشيء ما, لا يعتبر دليلا على تحريمه .. لكنه يفيد أن تركه جائز وفعله جائز..
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وحببنا فيه ، وأرنا الباطل باطلاً وألهمنا اجتنابه وكرهنا فيه، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب لعالمين

السبت، 1 ديسمبر 2018

خطورة تحريم ما اباحه الله

هذه كلمةٌ موجزةٌ، موجَّهةٌ إلى الذين هان عليهم إطلاقُ لفظة "حرام" في فتاواهم إذا أفتَوا، وفي بحوثهم إذا كتَبوا، وفي خُطَبهم ودروسهم، وفي كل ما من شأنه أن يكون سبيلًا للدعوة إلى الشريعة والدين: أن الواجبعليهم في قولهم هذا مراقبةُ الله الجليل عزَّ شأنه، وأن يعلموا يقينًا أن كلمة "حرام" كلمةٌ خطيـرةٌ، فهي تعني الإثم والعقاب من الله تعالى المترتِّبَ على الفعل المحرَّم، وهذا أمرٌ لا يُعرف بالتخمين، ولا بموافقة المزاج، ولا بالاغترار بكثـرة القائلين، ولا بشُهرة أسمائهم، ولا بمجرد وجوده في كتابٍ قديمٍ، ولا بالآثار والأخبار عن غير المعصوم صلى الله عليه وسلم، كما لا يُعرف هذا الأمر من خلال الأحاديث الضعيفة أو غيـر ذات الدلالة؛ وإنما يُعرف بنصوص الكتاب والسنة الثابتة الصحيحة، ذات الدلالة الصريحة، أو بإجماعٍ قطعيٍّصحيح مستندٍ إلى الكتاب والسنة، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعةٌ، وهي الأصل بلا خلاف، بل يقول أهل الأصول: إن "تحريم الحلال أشدُّ من تحليل الحرام"[1]، وفي كُلٍّ منهما شرٌّ عظيمٌ.

قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116]، وقال جلَّ شأنه: ﴿ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ ﴾ [الأنعام: 140].

إذا تلفظ المكلف بتحريم شيء ما أبيح لـه من المطاعم والمشارب والمناكح وغير ذلك، فإنه محرم ولا يجوز.
قال شيخ الإسلام: " المناكح، والمطاعم، التي يباح الانتفاع بها هي مما سماه اللَّه حلالاً، ومن جعل ما أحل اللَّه حراماً فقد أتى منكراً من القول وزوراً، وهو كلام لا يمكن تحقيق موجبه، ولا يحل التكلم به، فلا يجعل سبباً لما أباحه اللَّه من الطلاق الذي فيه إرسال المرأة ".
وقال أيضاً عند قوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللَّه غفور رحيم ¯ قد فرض اللَّه لكم تحلة أيمانكم واللَّه مولاكم وهو العليم الحكيم } ([
سورة التحريم، آية: 1، 2.])، وهذا الاستفهام استفهام إنكار يتضمن النهي، فإن اللَّه لا يستفهم لطلب الفهم والعلم، فإنه بكل شيء عليم، ولكن مثل هذا يسميه أهل العربية استفهام إنكار، استفهام الإنكار يكون بتضمن الإنكار مضمون الجملة: إما إنكار نفي إن كان مضمونها خبراً وإما إنكار نهي إن كان مضمونها إنشاء، والكلام إما خبر وإما إنشاء، وهذا كقوله: { عفا اللَّه عنك لم أذنت لهم } ([سورة التوبة، آية: 43.])، وقوله: { لم تقولون ما لا تفعلون } ([سورة الصف، آية: 1.]) ونحو ذلك " ([مجموع الفتاوى 35/329.]).
وقال القرطبـي  في معرض استدلاله للمالكية في عدم لزوم كفارة اليمين في تحريم غير الزوجة: " فذم المحرم للحلال، ولم يوجب عليه كفارة، قال الزجاج
: ليس لأحد أن يحرم ما أحل اللَّه، ولم يجعل لنبيه أن يحرم إلا ما حرم اللَّه عليه... " ([أحكام القرآن للقرطبـي 18/180.]).
وقال أيضاً عند قوله تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّه الكذب } ([
سورة النحل: 16.]).... ومعنى هذا: أن التحليل والتحريم إنما هو لله عز وجل، وليس لأحد أن يقول أو يصرح بهذا في عين من الأعيان، إلا أن يكون البارىء تعالى يخبر بذلك عنه " اهـ ([أحكام القرآن للقرطبـي 10/196.]).
ويدل لهذا قوله تعالى: { ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على اللَّه الكذب إن الذين يفترون على اللَّه الكذب لا يفلحون } ([
سورة النحل: 16.]).
وقوله تعالى: { قل أرأيتم ما أنزل اللَّه لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً قل آللَّه أذن لكم أم على اللَّه تفترون } ([
سورة يونس، آية: 59.]).
وقوله تعالى: { يا أيها النَّبِيّ لم تحرم ما أحل اللَّه لك تبتغي مرضاة أزواجك واللَّه غفور رحيم } ([
التحريم: 1.]).

يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله التالي 
"تحريم ما أحل الله لا ينقص درجة في الإثم عن تحليل ما حرم الله وكثير من ذوي الغيرة من الناس تجدهم يميلون إلى تحريم ما أحل الله أكثر من تحليل الحرام بعكس المتهاونين وكلاهما خطأ ومع ذلك فإن تحليل الحرام فيما الأصل فيه الحِل أهون من تحريم الحلال لأن تحليل الحرام إذا لم يتبين تحريمه فهو مبني على الأصل وهو الحِل ورحمة الله ـ سبحانه ـ سبقت غضبه فلا يمكن أن نحرم إلا ما تبين تحريمه ولأنه أضيق وأشد والأصل أن تبقى الأمور على الحِل والسعة حتى يتبين التحريم. أما في العبادات فيشدد لأن الأصل المنع والتحريم حتى يبينه الشرع " 

المصدر : القول المفيد على كتاب التوحيد - باب من أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله