الخميس، 17 ديسمبر 2015

اية لهو الحديث ودلالتها على تحريم الغناء والمعازف












(ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين) لقمان (6)

يستدل الكثير من اهل العلم  بهذه الاية على تحريم الغناء والمعازف ويعتبروها دليل قوى على تحريم الغناء والمعازف !!!
وهذا ليس بصحيح فالاية لاتدل على تحريم الغناء والمعازف لثلاث اسباب

اولا: ان الاية لم تحرم الغناء على عمومه او لذاته بل حرمته فى حالة معينة وهو مانصت عليه الاية فى قوله تعالى ليضل عن سبيل الله

ثانيا: ان اللهو في الآية قيد هنا بالإضافة إلى الحديث (لهو الحديث) فخرجت الآلات هنا من المقصود , والآثار في إباحة الغناء بدون آلة صحيحة صريحة , بل والجمهور على إباحته ماسلم من المحرمات مما يؤكد أنه حتى لوكان تفسير (لهو الحديث) بالغناء أو حتى بالآت الموسيقية هو التفسير الوحيد فهو لمقصدها وإستخدامها وليس لذاتها أو بإطلاقها.

ثالثا: وهى ملحوظة ذكية لاستاذى الدكتور محمد الروسي وهى ان الاية مكية فهل الغناء من الخطورة بحيث ينزل تحريمه في الفترة المكية وهي مرحلة تأسيس العقيدة وترسيخ التوحيد ونشأة الإسلام, هل هو أخطر من الربا وشرب الخمر لينزل تحريمه قبلهما؟!!!


الأحد، 13 ديسمبر 2015

اباحة الاحتفال بعيد الام والعمال وغيرها والرد على ادلة المحرمين







ادلة المحرمين ومناقشتها

 

اولا قالواأن هذه أعياد بدعية خارجة عن الأعياد التي دلت عليها الأدلة الشرعية، وهي عيد الفطر والأضحى، ويوم الجمعة الذي هو عيد الأسبوع، وتسميتها بالأيام لا يغير من حقيقتها شيئاً، فهي أعياد تتكرر كل عام، والعبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني. واستدلوا بحديث بحديث "إ"إن الله قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر" " ووجه الاستدلال ان الحديث يقتضي حصر عيدنا في هذا فليس لنا عيد سواه فلايجوز الاحتفال بعيد الام وغيرها من الاعياد المبتدعة فالعيد فى اللغة هو ما يتكرر عوده على وجه معتاد في السنة أو الشهر أو اليوم، وهذه الأيام المذكورة من اليوم الوطني، ويوم المعلم، ويوم الام ، ويوم المرور، وغيرها يتكرر عودها سنوياً على وجه معتاد، فتكون أعياداً بدعية محرمة.
الرد

ويرد على هذا الاستدلال بمايلى

 

يقول الشيخ غبد العزيز بن فوزان أن هذا الضابط المذكور، لو طردناه على كل ما يتكرر على وجه معتاد، لجعلنا الصلوات الخمس أعياداً، لأنها تتكرر يومياً على وجه معتاد وفي أوقات محددة، ولجعلنا تردد الموظفين والعمال على وظائفهم وأعمالهم أعياداً، لأنها تتكرر يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً على وجه معتاد وفي أوقات محددة، وكذا من يلتزم بوقت محدد في اليوم أو الأسبوع أو الشهر لاجتماعات اللجان والمجالس ونحوها، أو للعب مع زملائه أو الخروج لنزهة أو اجتماع في استراحة ونحوها... وهكذا، وهذا لا يقول به أحد.

الامر الثاني: أن العيد وإن أطلق في اللغة على ما يتكرر عوده على وجه معتاد، وهو ينطبق على اليوم الوطني ويوم المعلم وأسبوع المرور وأمثالها، فإن الأعياد الشرعية، وهما عيد الفطر والأضحى يشرع فيهما أمران لا يتوفران في اليوم الوطني وأمثاله من الأيام، وهما:1ـ أن عيد الفطر والأضحى شرع فيهما من الذكر والتكبير وصلاة العيد، وزكاة الفطر في عيد الفطر، وذبح الأضاحي في عيد الأضحى، ووجوب الفطر وتحريم الصيام فيهما ما لا يوجد مثله في بقية الأيام.

2ـ أن إظهار الفرح والسرور، وإشاعتهما بين الناس في هذين العيدين عبادة يتقرب بها المسلم إلى ربه، كما أنه يشرع في هذين العيدين من التجمل والتطيب، والاحتفال بهما، والصلة والإحسان، والتسامح والتغافر، والتوسع في تناول الطيبات ما لا يشرع مثله في اليوم الوطني وأمثاله من الأيام، وإن تكرر عودها على وجه معتاد ولهذا كان الأولى أن تسمى أياماً لا أعياداً، حتى لا تلتبس بالعيد الشرعي، الذي له من الخصائص والأحكام ما لا يوجد مثله في هذه الأيام.

فالأعياد المشروعة يشرع فيها وجوبا، أو استحبابا: من العبادات ما لا يشرع في غيرها، ويباح فيها، أو يستحب، أو يجب من العادات التي للنفوس فيها حظ ما لا يكون في غيرها كذلك. ولهذا وجب فطر العيدين، وقرن بالصلاة في أحدهما الصدقة، وقرن بها في الآخر الذبح. وكلاهما من أسباب الطعام"

 

ثانيا قالواأن فيها تشبهاً بالكفار، ومن تشبه بقوم فهو منهم، كما نطق بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.

 

الرد

يقول العلامة عبد العزيز بن فوزان

إن هناك أموراً كثيرة جداً يفعلها المسلمون كما يفعلها الكافرون، وليست من التشبه المحرم في شيء، فنحن نأكل ونشرب وننام كما يأكلون ويشربون وينامون، ونلبس ونركب ونمشي ونجلس كما يفعلون، ونستخدم كل ما ينتجونه ويستعملونه مما نستورده منهم من المنتجات الحضارية وأنواع المصنوعات المدنية والعسكرية، وهم الذين ابتدعوها واستعملوها، والنبي صلى الله عليه وسلم أخذ الخاتم من الروم، والمنبر من الأحباش، والخندق من فارس، وركب الصحابة السفن التي كان يصنعها ويركبها الكفار، وهكذا، ونحن اليوم نركب السفن والسيارات والطائرات التي صنعها وركبها قبلنا أولئك الكفار، وكثير من أنظمتنا الإدارية والتعليمية والسياسية والاقتصادية إنما استفدناها منهم، والحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها، فليس كل ما يفعله الكفار أو يدعون إليه يكون حراماً أو أن موافقتهم فيه من التشبه الممنوع، خصوصاً إذا كان فيه مصلحة ظاهرة، وقد انتشر بين أهل الإسلام ولم يكن شعيرة من شعائر دين الكفار، أو خاصاً بهم وعلَماً عليهم.

 

ومن تتبع النصوص الشرعية في النهي عن التشبه بالكفار وجد أن التشبه المنهي عنه بهم محصور في ثلاثة أحوال:

 

الأول: التشبه بهم فيما هو من شعائر دينهم، كالتشبه بهم في الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه الصلاة والسلام، أو التشبه بهم في لبس الصلبان وتعظيمها، أو مشاركتهم في صلواتهم، أو طقوس جنائزهم وعقود أنكحتهم، ونحو ذلك من شرائع دينهم وشعائره.

 

الثاني: التشبه بهم فيما هو من خصائص عاداتهم التي هي علم عليهم، وشعار لهم يميزهم عن غيرهم

الثالث: التشبه بهم فيما يمارسونه من أعمال محرمة كتبرج النساء، وفعل اللواط والزنا

وإذا عرفنا ضوابط التشبه المحرم علمنا أن اتخاذ هذه الأيام كاليوم العالمي للأم أو للعمال أو للمرور أو للشجرة أو اليوم الوطني وأمثالها ليست من التشبه بالكفار في شيء، لأنها ليست من شعائر دينهم، ولا من خصائص عاداتهم، ولا من الأعمال المحرمة شرعاً، وإن كانت في الأصل جاءت من الكفار، لكنها أصبحت شائعة في كل دول العالم مسلمها وكافرها، وهي تشبه ما أخذناه عن هؤلاء الكفار من ركوب السفن والسيارات والطائرات، والتعامل مع البنوك والبورصات، والأكل بالملاعق وعلى الطاولات، والأخذ بنظام التعليم، ونظام المرور، ونظام السجون، ونظام الجوازات والأحوال المدنية، وغيرها من أنظمتهم الإدارية والتعليمية والاجتماعية والصحية والاقتصادية والعسكرية والسياسية.

 

ثالثا قالواأن هذه الأيام وبخاصة اليوم الوطني يتخللها الكثير من المنكرات والمخالفات الشرعية، فيكون تخصيص هذا اليوم والاحتفال به حراماً، لأن ما كان وسيلة لحرام فهو حرام.

الرد

أن المنكر يحرم فعله، ويجب إنكاره ومنعه، سواء وقع في هذا اليوم أو في غيره، ولكن هذا لا يعني أن أصل اتخاذ هذا اليوم حرام، لأن هذه المنكرات قد يفعلها السفهاء وضعاف الإيمان في عيد الفطر وعيد الأضحى، وقد يفعلون فيهما أكثر مما يفعلونه في اليوم الوطني، فهل يجرؤ أحد على القول بتحريم الاحتفال بهذين العيدين، لما قد يقع فيهما من المنكرات؟ فلا يصح أن نحكم على ما هو مشروع أو مباح في الأصل بأنه حرام، لأنه قد يفعل فيه شيء من المنكرات!! بل تمنع المنكرات، ويبقى المشروع أو المباح على أصله.

 

المقال منقول باختصار من مقال للشيخ د.عبدالعزيز بن فوزان الفوزان بعنوان الفارق بين العادة والعبادة

 


السبت، 27 يونيو 2015

اباحة كشف وجه المرأة حتى فى زمن الفتنة والرد على المانعين








البحث مقسم على 3 روابط نظرا لطوله

اولا الادلة القاطعة على اباحة كشف وجه المرأة ورد ماحولها من شبهات

ثانيا الرد القوى على ادلة وجوب النقاب

ثالثا اسقاط دعوى الاجماع على تحريم كشف وجه المرأة فى زمن الفتنة




الثلاثاء، 23 يونيو 2015

ايه الحجاب وبيان خصوصيتها بنساء النبى فقط














منقول بتصرف من مقال للعلامة احمد الغامدى
(( ايه الحجاب وبيان خصوصيتها بنساء النبى فقط ))
اولا يجب ان نفرق بين الجلباب والخمار والحجاب
فالخمار: هو ما يُغطى به رأس المرأة وعنقها وفتحة قميصها وهو واجب على عامة نساء المؤمنين لقوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو ءابائهن.......الآية ) سورة النور(31) فالآية صريحة في إيجابه على عامة النساء.

والضرب: هو الوضع الممكن، والجيب: هو فتحة القميص مما يلي الرقبة. والمعنى ليشددن وضع الخمر على الجيوب، حتى لا يظهر شيء من بشرة العنق أو النحر والصدر وقوله تعالى (إلا ما ظهر منها) يعني الوجه والكفين كما قال به جمهور الأئمة من الفقهاء والمفسرين.

أما الجلباب: فهو ما يغطي بدن المرأة مما يوضع على رأسها ويتدلى جانباه وينسدل سائره على كتفيها وظهرها إلى أسفلها عند الخروج، وهو واجب كذلك على عامة نساء المؤمنين لقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما) سورة الأحزاب (59).

أما الحجاب: فهو كل ما حال بين شيئين كالستر ونحوه وهو واجب على أمهات المؤمنين خاصة لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما) سورة الأحزاب (53).

الحجاب لأمهات المؤمنين
قال الطاهر بن عاشور: وبهذه الآية مع الآية التي تقدمتها من قوله (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) تحقق معنى الحجاب لأمهات المؤمنين المركب من ملازمتهن بيوتهن وعدم ظهور شيء من ذواتهن حتى الوجه والكفين، وهو حجاب خاص بهن لا يجب على غيرهن، وكان المسلمون يقتدون بأمهات المؤمنين ورعا وهم متفاوتون في ذلك على حسب العادات.

فنص الآية وسببها وسياقها وغايتها كل ذلك دال على أنها خاصة بأمهات المؤمنين وليست عامة للنساء. أما سبب النزول ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: (لما أهديت زينب بنت جحش رضي الله عنها إلى الرسول وكانت معه في البيت، صنع طعاما ودعا القوم فقعدوا يتحدثون فجعل النبي يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون.. إلى أن قال فأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي..) فنزلت آية الحجاب و زاد "مسلم": (وحجبن نساء النبي). فأنظر إلى قوله: (وحجبن نساء النبي) فلا يدخل في ذلك باقي النساء.

ويؤكد ذلك ماجاء في الصحيح من أن عمر رضي الله عنه قال: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب. وعن أنس بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: (وافقت ربي في ثلاث: قلت يا رسول الله، لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، وقلت: يا رسول الله، إنه يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.. الحديث).

وقد أكد الإمام ابن حجر خصوصية الرسول "صلى الله عليه وسلم" عن بني البشر، بقوله: وفي الحديث - يقصد حديث نزول آية الحجاب - من الفوائد مشروعية الحجاب لأمهات المؤمنين. قال عياض: فرض الحجاب مما اختصصن به - يقصد أزواج النبي "صلى الله عليه وسلم" - فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين.. والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على نساء النبي صلى الله عليه وسلم، حتى صرح بقوله للرسول صلى الله عليه وسلم "احجب نساءك". وقال له عمر: يا رسول الله لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وذلك أطهر لقلوبهن.

وهذا يؤكد قصر اللفظ على مسببه والمسبب هنا هو إحدى أمهات المؤمنين فالأمر بالحجاب خاص بهن لأن الله جعل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات للمؤمنين وهي "أمومة شرعية" لا تكوينية ولأنه لا توجد بين نساء النبي والمسلمين تلك النفرة الفطرية التي توجد بين الرجل وأمه، فرض الله عليهن الحجاب، ليلقي في روع الرجال مهابتهن وأمومتهن، وتتسامى نفوس الطرفين عن الميل الفطري الذي يكون بين الرجل والمرأة. فأمومة نساء النبي أمومة جعلية شرعية في نفوس المسلمين لا تكوينية.

ويتأيد هذا بأن الله جل وعلا استثنى محارم نساء النبي صلى الله عليه وسلم من الاحتجاب الخاص بأمهات المؤمنين وذلك في قوله: (لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن) بينما استثنى محارم نساء المؤمنين من إخفاء الزينة الباطنة وهو أمر يعم جميع النساء وذلك في قوله جل شأنه: (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن).

كما يؤكده أيضا أن هذه الآية - أي آية الحجاب - خاصة بأمهات المؤمنين لكونه لم يذكر "بعولتهن" فيها بينما ورد ذكر ذلك في آية سورة النور - حيث الخطاب فيها لعامة النساء - ولكل واحدة (بعل)، أما في حال أمهات المؤمنين - فالحجاب خاص بهن - فلا مجال لذكر (بعولتهن) فيها لأنهن جميعاً ليس لهن إلا بعل واحد وهو النبي صلى الله عليه وسلم. ولأنه لن يكون بينهن وبين الرجال، تلك النفرة الفطرية بين الولد وأمه فأراد الله أن يحولهن إلى "ذوات مجردة" غير متماسة مع "الناس" ليلقي هذا في روع الناس مهابتهن وأمومتهن.

وهذا يؤكده الغاية المنوه عنها بقوله تبارك وتعالى: "يانساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معرفا وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا) فالآية تبين أنهن لسن كغيرهن من النساء في الفضل وفي الأحكام وأن الغاية تطهير أهل بيته عليه السلام وهم طاهرون.

قال الطاهر بن عاشور: هذا أمر خصصن به وهو وجوب ملازمتهن بيوتهن توقيرا لهن، وتقوية في حرمتهن، فقرارهن في بيوتهن عبادة، ونزول الوحي فيها وتردد النبي - صلى الله عليه وسلم - خلالها يكسبها حرمة. إلى أن قال رحمه الله وهذا الحكم وجوب على أمهات المؤمنين وهو كمال لسائر النساء، وهذا قول عامة أهل العلم.
فهم كبار الصحابة
وكون الحجاب خاص بأمهات المؤمنين هو ما فهمه كبار الصحابة، كما جاء في الصحيحين، في قصة زواجه من صفية حين قال الناس "إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه" متفق عليه.

وجاء في صحيح البخاري عن عبد الرحمن بن عوف، قال: «أرسلني عمر وعثمان بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عثمان يسير أمامهن فلا يترك أحداً يدنو منهن ولا يراهن إلا من مد البصر، وينزلان في فيء الشعب ولا يتركان أحداً يمر عليهن». وفي رواية الوليد بن عطاء قال: «كان عثمان ينادي، ألا يدنو إليهن أحد ولا ينظر إليهن أحد».. الحديث.

ويؤكد ما تقدم أن الله لم يذكر نساء المؤمنين في آية الحجاب وقصر الخطاب فيها على أمهات المؤمنين بينما ذكر نساء المؤمنين في الأمر بالجلابيب بقوله تعالى: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) ولو كان أمر أمهات المؤمنين كافيا في امتثال نساء المؤمنين لاكتفى به كما قيل إنه اكتفى به في آية الحجاب.

فإن قيل إنما ذكرن "تأكيداً".. قلنا: فلماذا أكد في آية الجلابيب، ولم يؤكد في آية الحجاب؟!..

وقد كان الإمام أحمد بن حنبل يفرق بين "حجاب أمهات المؤمنين" وباقي النساء. قال الأثرم: قلت لأبي عبدالله (يعني أحمد بن حنبل) كأن حديث نبهان: "أفعمياوان أنتما" لأزواج النبي "خاصة"، وحديث فاطمة بنت قيس "اعتدّي عند ابن أم مكتوم" لسائر النساء؟ قال: نعم. أنظر "المغنى" لابن قدامة 7/28.
تأكيد خصوصية الحجاب لأمهات المؤمنين
ويؤكد خصوصية "الحجاب" بأمهات المؤمنين أن الإذن لنساء النبي في "الجهاد" كان قبل الحجاب ثم منعن بعده كما جاء في الصحيحين من حديث أنس: لما كان يوم أحد انهزم الناس عن النبي صلى الله عليه وسلم ولقد رأيت عائشة بنت أبي بكر وأم سليم وإنهما لمشمرتان أرى خدم سوقهما.

وكان هذا في معركة "أحد" قبل الحجاب. أما بعد نزول آية "الحجاب" فلم يأذن النبي صلى الله عليه وسلم لنسائه بالجهاد.

فعن عائشة رضي الله عنه قالت: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال: جهادكن الحج، بينما استمر جهاد باقي النساء. ويؤيد ذلك ما جاء في صحيح "مسلم" عن أنس: أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجراً، فقال لها الرسول: ما هذا الخنجر؟ قالت: اتخذته إن دنا مني أحد المشركين بقرت به بطنه..!

ومعركة "حنين" كانت بعد الحجاب، ومن آخر معارك الرسول صلى الله عليه وسلم! ونحوه ما رواه أنسٍ، عن أمِّ حرامٍ ـ رضي الله عنها ـ وهي خالةُ أنسٍ، قالت: (أتانا رسولُ الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ يوماً فقالَ عندنا، فاستيقظ وهو يضحكُ، فقلتُ: ما يضحكك يا رسولَ الله، بأبي أنت وأمي؟ قال: ناسٌ من أمتي يركبون البحرَ، [وفي رواية: ناس من أمتي عُرِضوا علَيّ غزاة في سبيل الله يركبون ثبج هذا البحر] كالملوكِ على الأسِرّة في سبيلِ الله، فقلتُ: ادعُ الله أن يجعلَني منهم، فقال: أنتِ منهم. قال: فتزوجها عبادةُ بنُ الصامتِ بعدُ، فغزا البحرَ فحملها معه، فلما أن جاءت قُرِّبت لها بغلةٌ، فركبتْها، فصرعتْها، فاندقّتْ عنقُها!

فهذه الصحابية تمنت أن يدعو لها صلى الله عليه وسلم فلم يُنكر ذلك عليها، ولم يقل لها: إنك تُعَرّضين نفسك للفساد ، وبيتُك خير لك، فقرّي في بيتِك، بل دعا لها، وبشّرها بهذه الأمنية وتحققت أمنيتها بعد وفاته عليه السلام في زمن معاوية رضي الله عنه.

اعتراض للمانعين والجواب عليه
اعترضوا على حديث وضوء النساء مع الرجال وأن ذلك كان خاصا بالمحارم، أو أنهم كانوا يتوضؤن تباعا وليس اجتماعا أو أنه قبل الحجاب، وهو منسوخ بالحجاب

ـ الجواب عن بعض اعتراضاتهم على ما أخرجه البخاري من طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: "كان الرجال والنساء يتوضأون في زمان رسول الله جميعاً".
ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: من الإناء الواحد جميعا.
ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ: كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله من إناء واحد ندلي فيه أيدينا.

فالجواب عن الاعتراض الأول: أن هذا خاص بالمحارم. وهذا الاعتراض لا يصح لسببين:

1- دلالة السياق اللغوية في قوله (الرجال والنساء) فإن "أل" هنا (للجنس) تفيد العموم والاستغراق للجنس. وقوله (نحن والنساء) دليل ذلك، فلم يقل نحن ونساءنا..!

2- أن ما صح عن أم صبية رضي الله عنها قالت: اختلفت يدي ويد رسول الله في الوضوء من إناء واحد. قال العراقي في طرح التثريب: وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما.

فهاتان قرينتان إحداهما لغوية والأخرى شرعية وكلتاهما تدل على (العموم) مع عدم الدليل على التخصيص.

أما جواب الاعتراض الثاني: أن الرجال كانوا يتوضأون ثم النساء. وهو اعتراض لا يصح لقوله ( جميعاً) والجميع ضد المتفرق..! وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه. وواو العطف في قول أم صبية رضي الله عنها (اختلفت يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم) تفيد مطلق الجمع والاشتراك بين المعطوف وما عطف عليه، وهي في الأصل لا تفيد التعاقب أو الترتيب. وهذا كله يرد دعوى أن الحكم خاص (بالمحارم)..!

الاعتراض الثالث: أن هذا كان قبل الحجاب، وهذا اعتراض لا يصح لأمرين:

الأول: أن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين كما تقدم.

الثاني : أن في قوله ( في زمن النبي) دليل على سريانه طيلة عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان قبل الحجاب، لقال: ثم منعوا من ذلك، فإن تأخير البيان عن وقته لا يجوز. ولا يخفى هذا على صحابي جليل فقيه حريص على التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ابن عمر..!

فهذا النص صحيح وصريح ودلالته واضحة جدا على إباحة الاختلاط.

*- هل هناك من قال من سلف الأمة بما يدل على هذا القول الذي قلت به؟

-لم تكن مسألة الاختلاط بهذا المعنى المتأخر محل بحث عند المتقدمين مما يدل على أنه أمر طبيعي في عداد المباحات. والنصوص التي أستدللت بها تدل على الجواز وقد رويت أثار تدل بلازمها على صحة ذلك الاستدلال منها:

أولا: ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه ولى امرأة من قومه يقال لها (الشفاء) الحسبة في السوق لتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وهذا يستلزم بلا شك مخالطتها للأجانب من الرجال.

ثانيا: سُئل الإمام مالك رحمه الله هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم أو مع غلامها؟ قال مالك ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال. (باب جامع ما جاء في الطعام والشراب 2/935 الموطأ).

ثالثا : نص النووي رحمه الله على جواز الاختلاط إذا لم يكن فيه خلوة وذلك في شرح المهذب في رده على الشيرازي فقال: ولأن اختلاط النساء بالرجال إذا لم يكن خلوة ليس بحرام. وهذا نص صريح لإمام من أئمة الإسلام يوافق ما قاله الإمام مالك.

رابعا : سأل المروزي الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله كما جاء في الفروع 5/109 (عن الكحال يخلو بالمرأة قد انصرفت من عنده هل هي منهي عنها؟ قال أليس على ظهر الطريق! قيل نعم، قال: إنما الخلوة في البيوت). فدل هذا صراحة على أن الإمام أحمد لم ير في وقوف المرأة لوحدها عند الكحال محذورا لكونهما على ظهر الطريق، وهذا لا يختلف عن قول الإمام النووي والإمام مالك.

خامسا: قال ابن مفلح الحنبلي (الخلوة هي التي تكون في البيوت، أما الخلوة في الطرقات فلا تعد من ذلك). ولذلك جعل جمهور الفقهاء الخلوة المحرمة لها قيدان؛ وهما: أن تكون بين رجل وامرأة بحيث لا يكون معهما رجل أو امرأة أخرى. والقيد الآخر أن يكون في مكان يتمكن فيه الشخص من ارتكاب المحظور عادة. قال في فتوحات الوهاب المعروف بحاشية الجمل (وضابط الخلوة اجتماع لا تؤمن معه الريبة بخلاف ما لم يقُطع بانتفائها عادة فلا يُعد خلوة).

وقد جاء في الموسوعة الفقهية (من الخلوة المباحة انفراد رجل بامرأة في وجود الناس).
لا مانع من المناظرة
*- يقول أحد القراء " نحن بأخر الزمان ... لا نعلم أين الحق! حديث الغامدي مقنع وحديث علمائنا المعروفين أيضا مقنع ولكن مع من نتبع ؟: ما تعليقك على ذلك ثم على ما شاركه في قراء آخرون حول طلب دخولك مناظرة علمية حول أطروحاتك؟.

- الإعتدال والعمل بهدي النبوة في ذلك هو الصواب فلا إفراط ولاتفريط وقد أوضحت فيما سبق ما يعتبر جوابا لهذا ولا غضاضة في المناظرة حول ماطرحته مع مؤهل لذلك.