الثلاثاء، 23 يونيو 2015

اسقاط دعوى الاجماع على تحريم كشف وجه المرأة فى زمن الفتنة














((اسقاط دعوى الاجماع على تحريم كشف وجه المرأة فى زمن الفتنة ))

تنبيه البحث ماخوذ باختصار من بحث للباحث  ربيع أحمد سيد
اولا سنعرض الاقوال التى استندوا اليه فى اثبات هذا الاجماع المزعوم ثم نبين الرد عليها من اكثر من وجه
من قال تغطية المرأة وجهها - في زمن الفتنة - واجب بإجماع العلماء فإنه قد يستند لمقولته لما يلي :                                          
 قال ابن عابدين في رد المحتار: ((  تمنع المرأة الشابة، وتنهى عن كشف الوجه بين الرجال لا لأنه عورة، بل لخوف الفتنة، أي: تمنع من الكشف لخوف أن يرى الرجال وجهها، فتقع الفتنة لأنه مع الكشف قد يقع النظر إليها بشهوة )) .                                                                                 
 وقال الزيلعي في كتابه البحر الرائق  : ((  تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة)) .                                                                                                    
 وقال الطحطاوي في حاشيته على مراقي الفلاح : (( ومَنْعُ الشابة من كشفه لخوف الفتنة، لا لأنه عورة )).    
وقال القرطبي في تفسيره :(( قال ابن خويز منداد ـ وهو من علماء المالكية ـ: المرأة إذا كانت جميلة، وخيف من وجهها وكفيها الفتنة، فعليها ستر ذلك )).

 وقال محمد الخطاب في مواهب الجليل شرح مختصر خليل: (( إن خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين )) . 
                                                                 و قال الشيخ داماد افندي في مجمع الأنهر شرح ملتقى الأبحر: (( وفي المنتقى : تمنع الشابة عن كشف وجهها لئلا يؤدي إلى الفتنة . وفي زماننا المنع واجب بل فرض لغلبة الفساد )) . 
       
       وقال الشيخ محمد علاء الدين الإمام في الدر المنتقى في شرح الملتقى: (( وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ، وقدميها في رواية ، وكذا صوتها، وليس بعورة على الأشبه ، وإنما يؤدي إلى الفتنة ، ولذا تمنع من كشف وجهها بين الرجال للفتنة )) .

وقال العلامة ابن نجيم في ( البحر الرائق شرح كنز الدقائق) : (( قال مشايخنا : تمنع المرأة الشابة من كشف وجهها بين الرجال في زماننا للفتنة )). 
                                      
 وقال الشيخ علاء الدين عابدين في ( الهدية العلائية ) : (( وتُمنع الشابة من كشف وجهها خوف الفتنة )) .                                                                                
 وحكى الإمام العلامة أحمد بن حسين بن رسلان الشافعي: (( اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساق )) نقله الشوكاني في نيل الأوطار .

وحكى العلامة السهانفوري في بذل المجهود : (( ..اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه ، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره)) .                                          
وكل هذه الأقوال لا تفيد القول بالإجماع على وجوب تغطية الوجه لما يلي :

  الوجه الأول :  هذا الإجماع المزعوم معارض بقول ابن حجر الهيثمي في ( الفتاوى الكبرى ) : (( وحاصل مذهبنا أن إمام الحرمين نقل الإِجماع على جواز خروج المرأة سافرة وعلى الرجال غضّ البصر )) والمرأة لفظ عام يشمل الجميلة وغير الجميلة

الوجه الثانى : هذا الإجماع معارض بقول ابن مفلح الحنبلي في ( الآداب الشرعية ) عندما سئل هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق؟    (( ينبني (الجواب) على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها أو يجب غض النظر عنها ؟ وفي المسألة قولان  : قال القاضي عياض في حديث جرير رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم قال العلماء رحمهم الله تعالى : وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي . ذكره الشيخ محيي الدين النووي ولم يزد عليه ((    فابن مفلح قال بوجود قولين في المسألة قول بجواز الكشف وقول بعدم الجواز ،ولم يقل أن قول الذي قال بالجواز منعه عند خوف الفتنة
الوجه الثالث : هذا الإجماع المزعوم معارض بقول الإمام السرخسي  الحنفي (483 هـ) في المبسوط : (( ثم لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك فكذلك إلى وجهها وكفها  )) انظروا حتى النظر مع مظنة الفتنة لوجه المرأة عند أحد كبار الأحناف يجوز ،وجواز النظر مع الخوف من الفتنة أقل من الحكم أو يساوي القول بجواز الكشف مع الخوف من الفتنة ؛لأن المرأة هي المتسببة فيه ،وها هو العلامة الطرسوسي يقول في حق كتاب المبسوط للسرخسي : مبسوط السرخسي لا يعمل بما يخالفه ،ولا يركن إلا إليه ولا يفتى ولا يعول إلا عليه ( رسم الفتوى لابن عابدين الحنفي)               
الوجه الرابع : هذا الإجماع المزعوم معارض بقول الإمام المرغيناني الحنفي (  593 هـ  ) في ( الهداية )(( ولا يجوز أن ينظر الرجل إلى الأجنبية إلا وجهها وكفيها فإن كان لا يأمن الشهوة لا ينظر إلى وجهها إلا لحاجة((  . انظروا النظر مع خوف الفتنة عند الإمام المرغيناني ، وجواز النظر مع الخوف من الفتنة أقل من الحكم أو يساوي القول بجواز الكشف مع الخوف من الفتنة ،والمرغيناني من علماء الطبقة الخامسة لأحناف كما في رسم الفتوى لابن عابدين .                                                                الوجه الخامس : هذا الإجماع المزعوم معارض بقول الإمام البابرتي الحنفي ( 786  هـ ) في ( العناية شرح الهداية ) : (( إذا خاف الشهوة لم ينظر من غير حاجة )) . ،وكذلك قال الإمام زين الدين الرازي الحنفي من علماء القرن السابع الهجري في ( تحفة الملوك ) : ))ويحرم النظر إلى غير الوجه والكفين من الحرة الأجنبية وفي القدم روايتان فإن خاف الشهوة لم ينظر إلى الوجه أيضا إلا لحاجة وكذا لو شك((  .
الوجه السادس: هذا القيد لم ينسب لأئمة المذاهب ،وإنما لبعض المتأخرين ،وقبل هذا الإجماع المزعوم خلاف مستقر في جواز كشف الوجه ،ولم يقيد باشتراط أمن الفتنة وقد قرأت للشيخ ابن عثيمين في الأصول من علم الأصول : (( الإجماع لا يرفع الخلاف السابق ،وإنما يمنع من حدوث الخلاف )) والمعلوم أن الراجح من أقوال العلماء عدم إحداث قول ثالث إذا اختلف العلماء على قولين كما في الوجيز في أصول الفقه للدكتور عبد الكريم زيدان ،وهذا القيد يعتبر قول ثالث في المسألة .

الوجه السابع : أن فتنة الرجل بالمرأة كفتنة المرأة بالرجل فلما يؤمرون المرأة وحدها بتغطية وجهها مع أنهم لا يوجبونها على الرجل ؟ وهل نساء اليوم الذين يشاهدون التلفزيون ويسمعون الأغاني كالصحابيات و أمهات المؤمنين ،ولقد سمعت أن بعض طالبات الطب عندما مسكن قضيب رجل ميت عبرت بكلمات جنسية في غاية السفالة ،وهذا في كلية من أعرق كليات الطب في مصر ،ولقد سمعت من بعض طلبة الحقوق والآداب والشريعة أن الطالبات تفتن بطالبات مثلهن ،ولم أكن أصدق حتى رأيت في يوم وكنت ذاهبا لأشرح كتاب الحكم الشرعي للدكتور بلال مهران في جامعة القاهرة ،وهذا الكتاب يقع في  450 صفحة فرأيت شابا يقول لا حول ولا قوة إلا بالله فنظرت فإذ وللأسف بنت تنظر نظرة شهوانية لفتاة ماشية فإذا كانت البنت تنظر للفتاة بهذه الطريقة فكيف تنظر للولد صبيح الوجه أو فتي الجسم ؟!!!!!!! فهذا الإجماع المزعوم يستلزم باطلا ،وما استلزم باطلا فهو باطل

الوجه الثامن : في هذا الإجماع المزعوم اتهاما للشريعة بالتناقض إذا كيف تجعل عقوبة المعصية في الحرم مضاعفة ،ولم توجب على النساء تغطية الوجه في الحج،وهذا زمان فتن بل النساء يكن بجانب الرجال ،والناس في الحرم منهم من يأتي ليسرق ومنهم من يأتي لمنفعة ومنهم من يأتي لكي يقول الناس أنه حاجا ومنهم من يأت للحج لكنه رجل شهواني فداعي التغطية في الحرم أشد من التغطية في غير الحرم لمضاعفة العقوبة في الحرم ؟!!! فإذا قالوا أوجبت الشريعة على الجنسين غض البصر إذن لما لا تقولون هذا في المسألة التي نحن بصددها ،وتوجبون ما لم يوجبه الله على النساء  ؟ ،وقد أفتى ابن عقيل الحنبلي ردا على سؤال وجه إليه عن كشف المرأة وجهها في الإحرام -مع كثرة الفساد اليوم-: أهو أولى أم التغطية. فأجاب: بأن الكشف شعار إحرامها، ورفع حكم ثبت شرعا بحوادث البدع لا يجوز، لأنه يكون نسخا بالحوادث، ويفضي إلى رفع الشرع رأسا. وليس ببدع أن يأمرها الشرع بالكشف، ويأمر الرجل بالغض، ليكون أعظم للابتلاء، كما قرب الصيد إلى الأيدي في الإحرام ونهى عنه ( بدائع الفوائد لابن القيم ).


الوجه التاسع: عصر النبي صلى الله عليه وسلم نفسه كان عصر بشر فيه افتتان الرجال بالنساء  وفيه فسقة وفيه منافقون و كان فيه من يزن وإن كان عصرًا مثاليًا حقًا، ولم تر البشرية مثله في النقاء والارتقاء، فما هو إلا عصر بشر مهما كانوا، ففيهم ضعف البشر، وأهواء البشر، وأخطاء البشر، ولهذا كان فيهم من زنى، ومن أقيم عليه الحد، ومن ارتكب ما دون الزنى، وكان فيه الفُسَّاق والمُجَّان الذين يؤذون النساء بسلوكهم المنحرف، وقد نزلت آية سورة الأحزاب التي تأمر المؤمنات بإدناء الجلابيب عليهن، حتى يعرفن بأنهن حرائر عفيفات فلا يؤذين : ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين). وقد نزلت آيات في سورة الأحزاب تهدد هؤلاء الفسقة والماجنين إذا لم يرتدعوا عن تصرفاتهم الشائنة، فقال تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قيلاً. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً) أضف إلى هذا أن الناس كانوا حديث عهد بجاهلية ،وكانوا في الجاهلية يبيعون الجوارى ويعرضونها كالسلعة ،وكان الرجل يجملها طبعا ليروج البيع ،وقد يجس الرجل صدرها ليعرف حجمه وينظر لفخذها إلى هذه الأشياء التي تحدث اليوم في تركيا و ألمانيا وهولندا فكان داعي الشهوة موجود  فلماذا هذا الإجماع المزعوم في هذا العصر ،وهو كغيره من العصور في افتتان الرجال بالنساء ؟

هناك تعليقان (2):