الاثنين، 6 يناير 2014

رد علمى قوى على من يفتون بوجوب الصلاة فى المسجد للرجال فى كل الفرائض







تنويه هذا البحث
للعلامةالسعودى أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئات منطقة مكة  


اولا سنذكر ادلة اباحة الصلاة فى البيت ثم سنذكر ادلة المخالفين ونرد عليها

اولا ادلة الاباحة 

حديث أبي الدرداء مرفوعا: (( ما من ثلاثة في قرية أو بدو لا يؤذن ولا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليك بالجماعة، فإن الذئب يأكل من الغنم القاصية )).
وهذا يفهم منه أنه إن قام بها البعض سقط الوجوب عن الباقين، وعليه فالحديث لا يفهم منه لزوم الجماعة على كل أحد، وإنما يحث عليها حثا متأكدا حيث قال فيه: (( فعليك بالجماعة )) معللا إياه بأنه: (( إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية ))، فلا ينبغي لأحد أن يستهين بتركها ولا أن يفرط فيها لهذا المعنى


حديث
رواه مالك في الموطأ من حديث أبي هريرة، أن رسول الله قال: (( صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده، بخمس وعشرين جزءا ))، وفي رواية للبخاري ومسلم في صحيحيهما: (( بسبع وعشرين درجة )).
قال ابن عبدالبر في التمهيد1: ” في هذا الحديث من الفقه معرفة فضل الجماعة، والترغيب في حضورها ... إلى أن قال: وفيه دليل على جواز صلاة الفذ وحده، وإن كانت الجماعة أفضل “ اهـ. 
وبيّن ابن عبدالبر وجه دلالة الحديث على قوله ذلك فقال: 
لا يخلو قولـه (( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ )) من أحد ثلاثة أوجه: إما أن يكون المراد بذلك صلاة النافلة، أو يكون المراد بذلك من تخلف من عذر عن الفريضة، أو يكون المراد بذلك من تخلف عنها بغير عذر. 
فإذا احتمل ما ذكرنا، وكان رسول الله قد قال: (( صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة ))، علمنا أنه لم يرد صلاة النافلة، بتفضيله صلاة الجماعة على الفذ، وإنما أراد بذلك الفرض، وكذلك لما قال : (( من غلبه على صلاته نوم كتب لـه أجرها ))، وكذلك قوله: (( إذا كان للعبد عمل يعمله فمنعه منه مرض أمر الله كاتبيه أن يكتبا لـه ما كان يعمل في صحته ))، وكذلك قوله في غزوة تبوك لأصحابه: (( إن بالمدينة قوما، ما سلكتم طريقا، ولا قطعتم واديا، ولا أنفقتم نفقة، إلا وهم معكم، حبسهم العذر )). 
علمنا بهذه الآثار وما كان في معناها أن التخلف بعذر لم يقصد إلى تفضيل غيره عليه، وإذا بطل هذان الوجهان صح أن المراد بذلك هو المتخلف عن الواجب عليه بغير عذر، وعلمنا أن النبي لم يفاضل بينهما إلا وهما جائزان، غير أن أحدهما أفضل من الآخر. 
ومما يدل على ما ذكرنا حديث محجن الديلي حين قال لـه رسول الله : (( ما منعك أن تصلي معنا؟ ألست برجل مسلم؟ قال بلى، ولكني قد صليت في رحلي ))، فعلم أنه إنما صلى في رحله منفردا، وكذلك قولـه : (( إذا حضرت العشاء وأقيمت الصلاة فابدأوا بالعشاء )). وقد يكون من العذر: المطر، والظلمة، لقولـه: (( ألا صلوا في الرحال ))، ومن العذر أيضا: مدافعة الأخبثين: الغائط والبول ...“ - اهـ كلام ابن عبدالبر بنصه.
قلت: ما وجّهه ابن عبد البر في معنى حديث : (( صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ )) - من أنه يراد به تفضيل أجر من صلى المكتوبة في الجماعة على أجر من صلاها منفردا من غير عذر- يؤيده نصوص كثيرة؛ 
أحدها: حديث محجن الديلي - الذي ذكره ابن عبدالبر محتجا به لتأييد ما قاله سابقا-، وهو حديث صحيح بشواهده، كما سنبينه في المبحث الثاني من هذه الرسالة1. ووجه دلالة حديث محجن هذا، هو: أن النبي أقرّ صلاته مع كونه لم يصليها مع الجماعة . 
والثاني: حديث أبي هريرة في الصحيحين وغيرهما أن النبي قال: (( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف، فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء )). فقولـه: (( إذا صلى لنفسه )) عام يشمل النفل والفرض، ففيه إقرار على صلاة المنفرد، وإن كان في المكتوبة. 
والثالث: ما جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة ، أن النبي قال: (( صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته وصلاته في سوقه بضعا وعشرين درجة )).
قال الشوكاني في نيل الأوطار1: ” مقتضاه أن الصلاة في المسجد جماعة تزيد على الصلاة في البيت والسوق جماعة وفرادى، ولكنه خرج مخرج الغالب في أن من لم يحضر الجماعة في المسجد صلى منفردا، قال ابن دقيق العيد: وهو الذي يظهر لي، وقال الحافظ: وهو الراجح في نظري “ اهـ. 
قلت: توجيه الشوكاني لمعنى الحديث صحيح، دلّ عليه مفهوم السياق وعموم اللفظ، وقوله في الحديث (( تزيد على...))- صريح في التفضيل، وفيه ما يشعر بثبوت المفضول أصلا، ومن مقتضى ذلك أن من صلى في بيته أو سوقه - سواء كان في جماعة أو منفردا وإن كان الظاهر كونه منفردا - فصلاته صحيحة ومجزئة، ولا يقال في حقه إنه قد ترك الواجب حينئذ فيأثم من أجله. 
والرابع: ما جاء في الصحيحين أيضا من حديث أبي موسى الأشعري ، قال رسول الله : (( إن أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرا من الذي يصليها ثم ينام ))، وفي رواية أبي كريب عند مسلم: (( حتى يصليها مع الإمام جماعة )). 
قلت: وهذا نظير حديث أبي هريرة المتقدم، والإشارة فيه إلى المعنى المطلوب أصرح، فقوله: (( أعظم من الذي يصليها ثم ينام )) - المراد به صلاة المنفرد، وهذا المعنى هو المتبادر في الذهن، ولا يظهر لي من مفهوم السياق غيره، لقوله في الحديث: (( حتى يصليها مع الإمام جماعة )). 
والخامس: ما جاء في قصة المسيء صلاته عند الشيخين وغيرهما من حديث أبي هريرة : أن رجلا دخل المسجد، ورسول الله جالس في ناحية المسجد، فصلى ثم جاء فسلم عليه، فقال له رسول الله : (( وعليك السلام، ارجع فصلّ فإنك لم تصل ))، فقال في الثانية أو في التي بعدها: علمني يا رسول الله. فقال: (( إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر من القرآن...))- فذكر الطمأنينة في الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين. قال صديق حسن خان في الروضة الندية في باب صلاة الجماعة عند ذكره الأحاديث المشعرة بجواز صلاة المنفرد: ” ومنه حديث المسيء صلاته المشهور، فإنه أمره بأن يعيد الصلاة منفردا “ اهـ. قلت: وهذا محتمل، لأننا لا نستطيع الجزم بأن الصلاة التي صلاها الرجل كانت فريضة أم نافلة، وكون النبيّ أمره بالإعادة فيه ما يشعر بأنها فريضة، وجاء في بعض طرق الحديث ذكر (( الركعتين )) لكنه ضعيف لما فيه من شذوذ1، والله أعلم. 
فهذه الأحاديث كما ترى كلها ثابتة، ومفادها يدور على وجه مشترك من الحكم، وهو جواز صلاة المنفرد وإجزاؤها مطلقا، وهذا هو الحق عندي في المسألة.

ثانيا ادلة المخالفين والرد عليها

وخلاصة أدلة القائلين بالوجوب لا ترتقي إلى القول بالوجوب فقد استدلوا بحديث هم النبي صلى الله عليه وسلم بتحريق البيوت على المتخلفين (صحيح البخارى)، وليس فيه ما يدل على الوجوب للاحتمالات في معناه وجمعا بينه وبين النصوص الدالة على عدم فرضيتها فإن الأظهر في معناه من تلك الإحتمالات إنما هو للزجر والمبالغة سدا لذريعة التخلف عنها بالجملة ولئلا يفشو في الناس مشابهة أهل النفاق في ذلك .
ويؤيد هذا الإستدلال أنه ورد في بعض رواياته قوله عليه السلام : (لا يشهدون صلاة العشاء)1 فتخصيص العشاء من بقية الصلوات دال على أن المقصود به ذم أهل النفاق الذين يتخلفون في الصلوات التي لا يعرف من شهدها ومن لم يشهدها رياء ونفاقا وليس المقصود ذات الجماعة لأن رياءهم لا يتبين إلا في مثل هذه المواضع وهو موضع دقيق وهو من أحسن ما يستدل به على توجيه هذا الحديث إذ لا معنى مناسب من تخصيص العشاء فيه إلا هذا الوجه وهو حال أهل النفاق ولو كان المقصود الجماعة لما خص العشاء بالذكر فيه ولقال ( لا يشهدون الجماعة) فذكر العشاء دون بقية الصلوات يدل على أن المقصود ليس ذات الجماعة وإنما المقصود ذم الرياء في العمل وهو حال أهل النفاق فلا يستقيم القول بأن المراد به الجماعة مع هذا التخصيص ، فإن القول بأن المراد به الجماعة يقطع عليه أن بقية الصلوات فيها ما في العشاء من القول بوجوب الجماعة فلماذا خصها عليه السلام بالذكر إلا لمعنى آخر يناسب المقام وبهذا يتبين المراد. 

كما استدلوا بحديث الأعمى (( أتسمع النداء قال نعم قال فأجب )) وهذا الحديث ضعيف وفي متنه نكارة سنبين تحقيقه اخر البحث من تحقيق العلامةالسعودى أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئات منطقة مكة 

و احتجوا بحديث
(( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر )) والمحفوظ أنه موقوف والحجة في قول الله وقول رسوله عليه الصلاة والسلام
 سنبين تحقيقه اخر البحث من تحقيق العلامةالسعودى أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئات منطقة مكة

و احتجوا بحديث (( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ..)) وهذا صحيح موقوف على ابن مسعود 
والحجة فى قول الله ورسوله
كما احتجوا بحديث (( لا صلاة لجار المسجد إلا بالمسجد )) وهذا موقوف ضعيف
 سنبين تحقيقه اخر البحث من تحقيق العلامةالسعودى أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئات منطقة مكة
كما احتجوا أيضا بقوله تعالى (( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة )) وقالوا لو لم تكن واجبة لرخص فيها حالة الخوف . والصحيح إن هذه الآية أنزلت لبيان مشروعية صلاة الخوف وبيان بعض كيفياتها فأن لصلاة الخوف كيفيات متعددة.
واحتجوا أيضا بقوله تعالى (( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين )) وقالوا أن معناها أي اركعوا معهم مجتمعين، والصواب أن يقال : أي كونوا مع الراكعين يعني في زمرتهم و فيه الإرشاد إلى شهود الجماعة والخروج إلى المساجد كما قال الشوكاني جمعا بين النصوص الدالة على عدم وجوب حضور الجماعة وإلا لكان من الواجب في مثله قوله تعالى ( فادخلوا النار مع الداخلين) 
وأما قوله تعالى في الأعراف (( وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد )) إقامة الوجوه في الآية إنما هو تمثيل لكما ل الإقبال على عبادة الله ويعني بالمسجد هنا كل مكان متخذ لعبادة الله تعالى وهو أعم من أن يراد به المسجد الذي هو البنيان المعروف . وأما قوله (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة ..)) فليس في هذا الأية ما يدل على وجوب إقامة الصلاة جماعة لا بالمنطوق ولا بالمفهوم وإنما فيه الحث على تعمير المساجد برفع الآذان فيها والإشتغال فيها بالذكر والصلاة.
واحتجوا أيضا بقوله تعالى (( يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون . خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون)).وليس فيها ما يدل على الوجوب وقد ثبت في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام (( يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاواحدا )). 
فبهذا يتبين أن المتوعد عليهم في الآية إنما هم المنافقون فلا يصح حمل الآية على أن الوعيد فيه من أجل ترك شهود الجماعة قال تعالى (( وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم )) وقد بين لنا النبي صلى الله عليه وسلم الوعيد المذكور في الآية أنه لمن كان يسجد لله رياء وسمعة .ثم إن السجود في الآية الذي هو بمعنى الصلاة يشمل صلاة الجماعة والمنفرد فلا وجه لتخصيصه على أنها صلاة الجماعة في المساجد. 
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

تحقيق النصوص
مع التنبيه ستجد تحقيق النصوص طويل جدا لكثرة اسانيد الحديث او الاثر الذى تم تحقيقه

تخريج حديث حديث الأعمى الذي طلب الرخصة من النبي أن يتخلف عن شهود صلاة الجماعة
وبيان ضعفه وان كان فى صحيح مسلم تحقيق العلامةالسعودى أحمد قاسم الغامدي مدير عام هيئات منطقة مكة 

حديث الأعمى الذي طلب الرخصة من النبي أن يتخلف عن شهود صلاة الجماعة
[1] أخرجه ابن راهويه (برقم313)، ومسلم (2/124)، والنسائي (برقم850)، وأبو عوانة الاسفراييني (برقم1261)، والبيهقي (3/57)- كلهم من طريق مروان بن معاوية الفزاري، عن عبيدالله ابن الأصم، قال: حدثنا يزيد بن الأصم، عن أبي هريرة، قال - واللفظ لابن راهويه-: جاء رجل أعمى إلى رسول الله فقال إنه ليس لي قائد يقودني إلى الصلاة، فسأله أن يرخص لـه في بيته فأذن لـه، فلما ولى دعاه، فقال لـه: (( هل تسمع النداء بالصلاة؟ ))، فقال: نعم، قال: (( فأجب )).
قلت: إسناده ضعيف، لم يرو هذا الحديث عن أبي هريرة غير يزيد بن الأصم العامري، ولا عن يزيد غير ابن أخيه عبيدالله بن عبدالله بن الأصم العامري ولا عن عبيد الله إلا مروان بن معاوية 
أما تفرد يزيد بن الأصم عن أبي هريرة فهو موضع نظر دقيق لأن جلالة أبي هريرة وشهرته وكثرة تلاميذه مع عدم مشاركة غير يزيد في روايته لهذا الحديث فمحل غرابة وفيه تفرد عبيدالله بن الأصم ولم يوثقه معتبر : مروان بن معاوية الفزاري. 
وإنما ذكره البخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي حاتم في الجرج والتعديل، ولم يذكرا لـه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان في الثقات وليس توثيقه بمعتبر لتساهله وقد قال الحافظ في التقريب: ” مقبول “، أي: يعتبر بحديثه حيث يتابع - كما صرح به في مقدمة التقريب. ولم يتابع على حديثه هذا . 
وفيه تفرد مروان الـفـزاري عن عبيد الله ومروان هذا وثقه أحمد وابن معين، وقال أبو حاتم: ” صدوق، لا يدفع عن صدق، وتكثر روايته عن الشيوخ المجهولين “، وقال ابن نمير: ” كان يلتقط الشيوخ من السكك “، وقال عبدالله بن علي ابن المديني عن أبيه: ” ثقة فيما روى عن المعروفين، وضعفه فيما روى عن المجهولين “، التهذيب وبمثل هذا قال العجلي في الثقات، وذكره العقيلي في الضعفاء، وقال الذهبي في الميزان: ” ثقة عالم صاحب حديث، لكن يروي عمن دب ودرج، فيستأنى في شيوخه “، وقال الحافظ في التقريب: ” ثقة حافظ، وكان يدلس أسمــاء الشيوخ “. 
قلت: ومن كان هذا حاله وقد تفرد عن شيخه وشيخه ممن لم يذكر بجرح أو تعديل عند نقاد الحديث بل غاية حاله الإعتبار به إذا توبع فكيف إذا انفرد وقد تفرد هنا لا متابع له وهذا الحديث كما ترى تفرد به مروان عن عبيد الله وتفرد به عبيد الله عن يزيد وتفرد به يزيد عن أبي هريرة وفي كل من تفرد كلام آخر مع تفرد كما تقدم بسطه. 
وسيأتي في أواخر الباب ما في هذا الحديث من نكارة في المعنى فضلا عما تقدم في الإسناد من كلام . 
[2] وأخرجه الطبراني في الكبير (19/138)، قال: حدثنا محمد بن العبــاس الأخــرم الأصبهاني، ثنا جعفر بن محمد ابن فضيل الجزري، ثنا محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، حدثني أبي، عن عبدالكريم الجزري، عن زياد بن أبي مريم، عن عبدالله بن معقل، عن كعب بن عجرة: (( أن أعمى أتى النبي ، فقال: يا رسول الله، إني أسمع النداء، فلعلي لا أجد قائدا. فقال: فإذا سمعت النداء فأجب داعي الله )).
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه سليمان بن أبي داود الحراني، ضعفه أبو حاتم، وقال أبو زرعة: ” لين الحديث “، وقال أحمد: ” ليس بشيء“، وقال البخاري والأزدي: ” منكر الحديث“، وقال ابن حبان في المجروحين: ” لا يحتج به، وقال أبو أحمد الحاكم: ” في حديثه بعض المناكير “، وذكره الساجي في الضعفاء. 
وابنه محمد بن سليمان ضعفه الدارقطني، وقال أبو حاتم: ” منكر الحديث “، وقال النسائي: ” لا بأس به “، ووثقه مسلمة بن القاسم وأبو داود الحراني، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ” يعتبر حديثه في روايته عن أبيه “. 
وفي الإسناد أيضا جعفر بن محمد الجزري لا يعرف من هو، وفي طبقته جعفر بن محمد ابن فضيل الرسعني، روي عن سعيد بن أبي مريم المصري، وعنه الحافظ الباغندي وعبدالله بن أحمد ابن حنبل، ذكره السمعاني في الأنساب وقال: ” وثقه بعضهم، وقال أبو عبدالرحمن النسائي: هو ليس بالقوي “ اهـ.
[3] وأخرجه الطبراني أيضا في الكبير (19/139)، قال: حدثنا عبدالله بن سعيد بن يحيى الرقي، ثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي، حدثني أبي، عن أبيه، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي ابن ثابت، عن عبدالله بن معقل، عن كعب بن عجرة، قال : (( جاء رجل أعمى إلى رسول الله ، فقال: إني أسمع النداء، فلعلي لا أجد قائدا، ويشق علي، أفأتخذ مسجدا في داري؟ فقال النبي : أيبلغك النداء؟ قال : نعم. قال النبي : فإذا سمعت النداء فاخرج )). 
قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن فيه يزيد بن سنان بن يزيد التميمي أبو فروة الرهاوي، ضعفه ابن المديني، وقال أبو حاتم: ” محله الصدق، والغالب عليه الغفلة، يكتب حديثه ولا يحتج به “، وقال أبو زرعة: ” ليس بقوي الحديث “، وقال ابن معين: ” ليس بشيء “، وذكره ابن عدي في الكامل وقـال: ” ولأبي فروة الرهاوي هذا حديث صالح، ويروي عن زيد بن أبي أنيسة نسخة ينفرد بها عن زيد بأحاديث، وله عن غير زيد أحاديث مسروقة عن الشيوخ، وعامة حديثه غير محفوظة “. 
وابنه محمد بن يزيد بن سنان ليس بالقوي - كما قال الحافظ في التقريب. 
وحفيده يزيد بن محمد بن يزيد بن سنان ملقب كذلك بأبي فروة وصفه الذهبي في السير بأنه المحدث، وشيخ الطبراني عبدالله بن سعيد الرقي لم أجد لـه ترجمة. 
وفي الاسناد أيضا زيد بن أبي أنيسة، وهو الرهاوي، فيه مقال 1. 
[4] أخرجه الطبراني في الأوسط (برقم7427) من رواية شيخه محمد بن أبان، قال: حدثنا الشاذكوني، قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني، قال: حدثنا أبو عبدالرحيم خالد بن يزيد، عن زيد بن أبي أنيسة، بالإسناد السابق: مثله، وقال: (( فإذا سمعت فأجب )). 
قال الطبراني: ” لم يرو هذا الحديث عن عدي بن ثابت إلا زيد بن أبي أنيسة “.
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه الشاذكوني - واسمه سليمان بن داود، يكنى أبا أيوب البصري- متروك، اتهم بالكذب والوضع، وقيل أنه كان يتعاطى المسكر ويتماجن - كما حكى الحافظ في اللسان، ومحمد بن أبان شيخ الطبراني هو الأصبهاني أبو مسلم، وصفه أبو نعيم في تاريخ أصبهان بأنه: ” كثير الحديث ثقة “، ومن فوق الشاذكوني موثقون. 
[5] وأخرجه البيهقي في الكبرى (3/57-58)، قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن الفضل القطان ببغداد، ثنا محمد بن عثمان بن ثابت الصيدلاني، ثنا محمد بن غالب، ثنا بشر بن حاتم الرقي، ثنا عبيدالله بن عمرو، عن زيد بن أبي أنيسة، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن معقل، عن كعب بن عجرة: بمثل سياق الطبراني في الكبير عن عدي بن ثابت. 
قال البيهقي: ” خالفه أبو عبدالرحيم، فرواه عن زيد بن أبي أنيسة، عن عدي بن ثابت، عن عبدالله بن معقل “. 
قلت: وفيه عنعنة أبي إسحاق عمرو بن عبدالله السبيعي، وهو ثقة إلا أنه مدلس، وفيه بشر الرقي لا يعرف حاله، وإنما ذكره البخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكرا لـه جرحا ولا تعديلا. وتقدم الكلام على زيد بن أبي أنيسة وفيه محمد بن غالب تمتام وثقه الدارقطني وقال وهم في أحاديث. لسان الميزان.
يتضح مما تقدم أن حديث الأعمى هذا إنما روي عن أبي هريرة بإسناد ضعيف جدا - لتفرد مروان بن معاوية الفزاري به عن عبيدالله بن الأصم، أما مروان الفزاري فإنه صدوق، لكنه كثير الرواية عن المجاهيل، ويدلس تدليس الشيوخ، وأما عبيد الله بن الأصم فإنه يعتبر حديثه حيث يتابع، ولا متابع لـه هنا - وما روي عن كعب بن عجرة بأسانيد ضعيفة جدا ،.
ويشبه قصة حديث الأعمى هذه: ما رواه عطاء أن رجلا ضريرا جاء إلى النبي لطلب الرخصة في تركه شهود صلاة الجماعة، ولم يرخص لـه في ذلك لأنه كان سمع النداء.
[6] وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (برقم1912) عن ابن جريج، قال: قال عطاء: (( وإنما الأولى من الأذان ليؤذن بها الناس. قال: فحق واجب لا بد منه ولا يحل غيره إذا سمع الأذان أن يأتي فيشهد الصلاة. ثم أخبرني عند ذلك، عن رسول الله ، أنه قال: ما بال رجال يسمعون النداء بالصلاة ثم يتخلفون؟ لقد هممت أن أقيم الصلاة ثم يتخلف عنها أحد إلا حرقت بيته، أو حرقت عليه. قال: وجاءه رجل، فقـال: يا نبي الله، إني رجل ضرير، وإني عزيز علي أن أشهد الصلاة، فقال النبي : إشهدها. قال: إني ضرير يا رسول الله، قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فاشهدها. قلت: ما ضرره؟ قال: حسبت أنه أعمى، أو سيء البصر، وسأل الرخصة في العتمة. قال ابن جريج: وأخبرني من أصدق: أن ذلك الرجل ابن أم مكتوم )).
قلت: وهذا مرسل، ورجال سنده ثقات، وفيه عنعنة ابن جريج وهو مدلس. 
وقولـه: (( لقد هممت أن أقيم الصلاة ... إلى قوله: أو حرقت عليه )) يعرف من حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين في همّ النبيّ بتحريق قوم يتخلفون عن صلاة الجماعة، وسيأتي توضيح هذا أكثر عند تخريجنا للحديث من رواية الحصين بن عبدالرحمن، عن عبدالله بن شداد بن الهاد، عن ابن أم مكتوم.
[7] وأخرجه أحمد (3/423) من رواية شيبان، وأبو داود (برقم552) والبيهقي في السنن الكبرى ( 3/58 )من رواية حماد بن زيد وابن ماجة في السنن برقم 792 من رواية زائدة بن قدامة وابن خزيمة في صحيحه برقم 1480 من رواية أبو معاوية محمد بن خازم وحماد بن سلمة والمزي في تهذيب الكمال 22/29 من رواية أبو عوانة والبيهقي في الكبرى 3/58 من رواية الثوري جميعهم يعني ( حماد بن سلمة وحماد بن زيد والثوري وأبو معاوية وأبو عوانة وزائدة وشيبان عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم به.
وأخرجه الطحاوي في مشكل الآثار برقم 5086 من رواية إبراهيم بن طهمان عن عاصم عن زر بن حبيش عن عمرو بن أم مكتوم
: (( جئت إلى رسـول الله ، فقلت: يـا رسول الله، كنت ضريرا شاسع الــدار، ولي قائـد لا يلائمني، فهـل تجـد لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال: أتسمع النداء؟ قال: قلت: نعم. قال: لا أجد لك رخصة )) 
قلت : هذا الحديث أختلف فيه على عاصم بن بهدلة ( ابن أبي النجود )
فرواه حماد بن زيد وشيبان بن عبد الرحمن وسفيان الثوري وأبو عوانة وزائدة بن قدامة وغيرهم عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم 
وخافهم إبراهيم ابن طهمان فرواه عن عاصم عن زر عن ابن أم مكتوم 
والصواب ما رواه الثوري وحماد بن زيد ومن تابعهما عن عاصم عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم للكثرة والثقة وإبراهيم بن طهمان ثقة يغرب كما في التقريب رواه عن عاصم وقال عن زر بن حبيش بدل ( أبو رزين ) وقد تفرد وخالف الجماعة فروايته شاذة لمخالفتها رواية الأكثر .
ورواه سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي رزين عن أبي هريرة يعني جعله من مسند أبي هريرة وهو وهم كما سيأتي بيانه قريبا.
والحديث فيه انقطاع قال ابن معين : أبو رزين وه مسعود بن مالك الأسدي الكوفي عن ابن أم مكتوم مرسل.المراسيل وفيه عاصم بن أبي النجود في حفظه شيء وفي التقريب : صدوق له أو هام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون.
أما رواية سعيد بن سنان التي أشرت إليها آنفا أخرجها ابن أبي شيبة في المصنف 1/346 و الطحاوي في شرح المشكل برقم 5089 من رواية إسحاق بن سليمان الرازي عن أبي سنان سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي رزين عن أبي هريرة نحوه.
قلت : و هذا إسناد ضعيف شاذ لأن فيه سعيد بن سنان وثقة ابن معين وغيره وقال أحمد : ليس بالقوي في الحديث التهذيب وسرد له ابن عدي أحاديث تفرد بها ومنها هذا ثم قال : له أحاديث غرائب أفراد و أرجو أنه ممن لا يتعمد الكذب والوضع لا إسنادا و متنا و لعله إنما يهم في الشيء ورواياته تحتمل و تقبل الكامل وقد تفرد سعيد بن سنان بهذا الإسناد وقد رواه غير واحد من الثقات الأثبات عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم وهو المحفوظ وفيه انقطاع كما تقدم وأشار ابن عدي إلى تفرد سعيد بن سنان بهذا الإسناد حيث قال : هكذا يرويه سعيد بن سنان عن عمرو بن مرة عن أبي رزين عن ابن أم مكتوم أنه قال يا رسول الله .. الحديث
(8) وأخرجه أبو داود في السنن (برقم552)، والنسائي 2/109-110 وابن ماجة (برقم792)، وابن خزيمة في صحيحه (برقم1480)، والبيهقي 3/58 من رواية زيد بن أبي زرقاء 
والنسائي في المجتبى برقم المتقدم والمزي في تهذيب الكمال 22/28 من رواية من رواية القاسم بن يزيد وابن أبي شيبة 1/345 _ 346 من رواية حماد بن أسامة ثلاثتهم يعني حماد وزيد وقاسم بن أبي الزرقاء عن الثوري عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ابن أم مكتوم قال : (( يا رسول الله، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع قال : هل تسمع حي على الصلاة، حي على الفلاح؟ قال : نعم قال : ((فحي هلا )). ولم يرخـص لـه . 
وأخرجه الحاكم في المستدرك 1/246- 247 من رواية زيد بن أبي الزرقاء بهذا الإسناد غير أنه لم يذكر في الإسناد عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو وهم من الحاكم أو ممن فوقه ولله أعلم .
قال الحكم حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إن كان ابن عابس سمع من ابن أم مكتوم 
قال ابن خزيمة عند تخريجه للحديث: ” غريب غريب “ اهـ.
قلت : هذا الإسناد منقطع لأن عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من ابن أم مكتوم قال ابن القطان : وسن عبد الرحمن بن أبي ليلى لا يقتضي له السماع من ابن أم مكتوم فإنه ولد لست بقين من خلافة عمر . المراسيل 
[9] وأخرج أحمد (3/422)، والطحاوي في مشكل الآثار برقم 5087 من رواية عبد العزيز بن مسلم وابن خزيمة في صحيحه برقم1479 والحاكم في المستدرك (1/247): من رواية أبو جعفر الرازي وهو عيسى بن أبي عيسى والطحاوي برقم 5088 من رواية عبد الرحمن بن زياد الرصاصي عن شعبة وابن أبي شيبة في المصنف 1/345 من رواية هشيم كلهم يعني عبد العزيز وأبو جعفر الرازي وشعبة وهشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد عن ابن أم مكتوم ولفظه
(( أن رسول الله أتى المسجد فرأى في القوم رقة، فقال: إني لأهم أن أجعل للناس إماما، ثم أخرج فلا أقدر على إنسان يتخلف عن الصلاة في بيته إلا أحرقته عليه. فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله، إن بيني وبين المسجد نخلا وشجرا، ولا أقدر على قائد كل ساعة، أيسعني أن أصلي في بيتي، قال: أتسمع الاقامة؟ نعم، قال: فأتها )). 
قلت: هذا الحديث اختلف فيه على حصين بن عبد الرحمن 
فرواه عبد العزيز بن مسلم وأبو جعفر عن حصين عن عبد الله بن شداد عن ابن أم مكتوم 
وخالفهما شعبة فرواه عن حصين عن عبد الله بن شداد قال : أن ابن أم مكتوم به هكذامرسلا وتابعه هشيم فرواه عن حصين عن ابن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم مختصرا .
والصواب ما رواه شعبة وهشيم عن حصين بن عبد الرحمن عن عبد الله بن شداد مرسلا لأنهما أثبت وأوثق من عبد العزيز وأما أبو جعفر فسيئ الحفظ ولا يشتغل بروايته وحصين بن عبد الرحمن ثقة تغير حفظه بأخرة كما في التقريب وشعبة وهشيم كانا ممن روى عنه قبل الإختلاط فروايتهما المرسلة هي الصواب 

[10] وأخرج أحمد في المسند (3/367)، وأبو يعلى الموصلي (برقم1803 وعنه ابن حبان (برقم 2063) من رواية يعقوب بن عبد الله ،عن عيسى بن جارية، عن جابر بن عبدالله، قال: (( أتى ابن أم مكتوم النبي ، فقال: يا رسول الله، منزلي شاسع، وأنا مكفوف البصر، وأنا أسمع الأذان. قال: فإن سمعت الأذان فأجب ولو حبوا أو زحفا )).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدا فيه عيسى بن جارية، قال عنه أبو داود: ” منكر الحديث “، وقال ابن عدي: ” أحاديثه غير محفوظة “. وقال ابن معين : عنده مناكير التهذيب 
[11] وأخرج الطبراني في الأوسط (برقم7865)، قال: حدثنا محمود، قال: حدثنا وهب، قال: حدثنا محمد، عن العوام، عن عذرة بن الحارث، عن زهير، عن ماهان، عن البراء بن عازب: (( أن ابن أم مكتوم أتى النبي ، وكان ضرير البصر، فشكا إليه، وسأله أن يرخص لـه في صلاة العشاء والفجر، وقال: إن بيني وبينك ...، فقال النبي : هل تسمع الأذان؟ قال: نعم، مرة أو مرتين، فلم يرخص لـه في ذلك )) .
قلت: بعد قوله (إن بيني وبينك) بياض، قال محقق الكتاب محمود الطحان: ” كلمة غير مقروءة هنا “.
قال الطبراني: ” لم يرو هذا الحديث عن ماهان، وهو أبو صالح، إلا زهير، وهو ابن الأقمر الذي روى عنه عمرو ابن مرة، ولا رواه عن زهير إلا عذرة بن الحارث، تفرد به العوام “.
قلت: إسناده ضعيف جدا، زهير بن الأقمر لا يعرف حاله، وإنما ذكره البخاري في تاريخه الكبير، وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، ولم يذكرا لـه جرحا ولا تعديلا، وعذرة بن الحارث مجهول، قال الهيثمي في المجمع (2/43): ” لم أعرفه “. 
[12] أخرج الطبراني في الكبير (8/266- 267)، قال: حدثنا الحسين بن إسحاق التستري، ثنا الحسين بن أبي السري العسقلاني، ثنا محمد بن شعيب، أبو حفص القاص، ثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: 
(( أقبل ابن أم مكتوم - وهو أعمى، وهو الذي أنزلت فيه:{عبس وتولى * أن جاءه الأعمى}، وكان رجلا من قريش - إلى رسول الله ، فقال له: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أنا كما تراني قد كبرت سني ورق عظمي، وذهب بصري، ولي قائد لا يلاومني قياده إياي، فهل تجد لي رخصة، أصلي في بيتي الصلوات؟ فقال رسول الله : هل تسمع المؤذن من البيت الذي أنت فيه؟ قال: نعم يا رسول الله. قال رسول الله : ما أجد لك من رخصة، ولو يعلم هذا المتخلف عن الصلاة في الجماعة ما لهذا الماشي إليها لأتاها ولو حبوا على يديه ورجليه )). 
قلت: إسناده ضعيف جدا قال الهيثمي في المجمع (2/43): وفيه على بن يزيد الألهاني عن القاسم وقد ضعفهما الجمهور واختلف في الاحتجاج بهما.قال ابن حبان : علي بن يزيد الأهاني منكر الحديث جدا فلا أدري التخليط في روايته ممن ؟ ....المجروحين
[13] وأخرجه الطبراني في الأوسط (برقم4911)، كما في الصغير (برقم732)، قال: حدثنا عمرو بن أحمد العمي، قال: حدثنا عبدالرحمن بن عبدالله الخرزي البصري، قال: حدثنا عبدالله بن داود الخريبي، عن علي بن صالح، عن عاصم ابن أبي زرين: (( أن ابن أم مكتوم أتى النبي فقال: يا رسول الله، إني كبير ضرير، شاسع الدار، ولا قائد لي، فهل تجد لي رخصة؟ قال: تسمع النداء؟ قال: نعم. قال: ما أجد لك رخصة )). 
قال الطبراني: ” لم يرو هذا الحديث عن علي بن صالح بن حي إلا عبدالله بن داود“.
قلت: عاصم بن أبي زرين لا يعرف من هو ولا حاله، وليس في كتب التراجم من شيوخ علي بن صالح من اسمه عاصم إلا ابن أبي النجود، وعمرو شيخ الطبراني لا يعرف أيضا من هو ولا حاله. 
فتضح مما تقدم أن حديث ابن أم مكتوم إنما جاء من طرق لم تخل جميعها من الضعف، أو الإنقطاع أو الإرسال .
وهذا الحديث مع حديث الأعمى المتقدم قد استدل بهما بعض العلماء على وجوب شهود صلاة الجماعة، لأن النبي لم يرخص بتركها للأعمى ولا لابن أم مكتوم. 
وفي هذا عندي نظر، من وجهين: 
أولا: لأن الحديثين - يعني: حديث الأعمى وحديث ابن أم مكتوم – لا يثبتان، وقد تقدم ما فيهما مفصلا. 
ثانيا: أنه قد ثبت في الصحيحين وغيرهما أن النبي قد رخص لعتبان بن مالك - وكان يؤم قومه، وقد أنكر بصره - أن يصلي في بيته، وهو عام في أن يصليها منفردا أو جماعة، ولم يقيد النبي في ذلك بشيء. وهذا يعارض تلك الأحاديث المتقدمة ويدل على نكارة معناها دلالة واضحة. 
[14] فقد أخرج البخاري في صحيحه، في كتاب الصلاة، باب المساجد في البيوت، والنسائي في كتاب الصلاة، باب إمامة الأعمى (برقم788) – من رواية مالك، والبخاري في كتاب الصلاة باب الرخصة في المطر والعلة أن يصلي في رحله (1/163) من رواية عقيل ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة (2/126- باب الرخصة في التخلف عن الجماعة بعذر)- من رواية يونس، وابن ماجة في كتاب الصلاة، باب المساجد في الدور (برقم754) - من رواية إبراهيم بن سعد، وأحمد في المسند (4/44) - من رواية معمر خمستهم يعني مالك وعقيل ويونس وإبراهيم ومعمر عن ابن شهاب، قال :أخبرني محمود بن الربيع الأنصاري : (( أن عتبان بن مالك، وهو من أصحاب رسول الله ممن شهد بدرا من الأنصار، أنه أتى رسول الله فقال: يا رسول الله، قد أنكرت بصري، وأنا أصلي لقومي، فإذا كانت الأمطار سال الوادي الذي بيني وبينهم، لـم أستطع أن آتي مسجدهم، فأصلي بهم، ووددت يا رسول الله أنك تأتيني فتصلي في بيتي، فأتخذه مصلى. قال: فقال لـه رسول الله: سأفعل إن شاء الله. قال عتبان: فغدا رسول الله وأبو بكر حين ارتفع النهار، فاستأذن رسول الله فأذنت لـه، فلم يجلس حين دخل البيت، ثم قال: أين تحب أن أصلي من بيتك. قال: فأشرت لـه إلى ناحية من البيت ... )) الحديث . وألفاظهم متقاربة 
قلت : وهذا إسناد كالذهب 
وأخرجه أحمد (4/43) بلفظ يخالف الروايات السابقة، قال أحمد: حدثنا سفيان، عن الزهري، فسئل سفيان عمن؟ قال: هو محمود - إن شاء الله-: (( أن عتبان بن مالك كان رجلا محجوب البصر، وأنه ذكر للنبي التخلف عن الصلاة. قال: أتسمع النداء؟ قال: نعم. قال: فلم يرخص لـه )).
ساق هذا الحديث البيهقي في المعرفة (4/120- 121)- بسنده، عن الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عتبان بن مالك: فذكره. 
قال الشافعي: ” قال سفيان: وفيه قصة لم أحفظها. قال الشافعي: هكذا حدثنا سفيان، وكان يتوقاه ويعرف أنه لا يضبطه، وقد أوهم فيه فيما نرى، والله أعلم “. 
قال البيهقي: ” والدلالة على ذلك، أن مالكا أخبرنـا عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع الأنصاري، عن عتبان ابن مالك، وكان يؤم قومه وهو أعمى، وأنه قال لرسول الله : إنها تكون الظلمة والمطر والسيل، وأنا رجل ضرير البصر، فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى، قال: فجاءه رسول الله ، فقال: (( أين تحب أن أصلي ))؟ فأشار لـه إلى مكان من البيت، فصلى فيه رسول الله . وأخبرنا أيضا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن محمود ابن عتبان: أنه كان يؤم قومه وهو أعمى “.
قلت: والأمر كما قالا، ولعل ابن عيينة اشتبه عليه حديث عتبان هذا بحديث ابن أم مكتوم المتقدم، فيأتي بإسناد حديث عتبان لمتن حديث ابن أم مكتوم، قال البيهقي في المعرفة (4/122): ” واللفظ الذي رواه ابن عيينة في هذا الاسناد إنما هو في قصة ابن أم مكتوم الأعمى، وتلك القصة رويت عن ابن أم مكتوم من أوجه، ورويت في حديث أبي هريرة “ اهـ.
فالحديث من هذا الوجه معلول، وهم فيه ابن عيينة، والله أعلم. 
والذي يتضح مما تقدم أن حديث الأعمى وحديث ابن أم مكتوم قد رويا من عدة طرق، ولم يثبت منها شيء بإسناد صحيح، ولا حسن، كما أنه مخالف لمعنى حديث عتبان بن مالك المتفق على صحته الدالّ على جواز اتخاذ المصلى في البيوت، وعلى رفع الحرج عن الأعمى، وقد قال تعالى في كتابه العزيز:{ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} [سورة الفتح: آية 17]، وهذا فيه تأييد لمعنى حديث عتبان المذكور.
تخريج حديث ابن عباس: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر ))
تفرد برواية هذا الحديث عن ابن عباس: سعيد بن جبير. ورواه عن سعيد: عدي بن ثابت، وحبيب بن أبي ثابت. أما عدي بن ثابت فقد روى عنه هنا: شعبة، ومغراء العبدي. وأما حبيب بن أبي ثابت فلم يرو عنه غير شعبة. وفيما يلي تفصيل رواياتهم:
[الأولى] : رواية شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وقد اختلف عن شعبة هنا - رفعا ووقفا.
أما رواية الوقف:
[1]  فقد أخرجها علي بن الجعد في مسنده (برقم 496)، وابن أبي شيبة في المصنف (1/345)، من رواية وكيع وأخرجها قاسم بن أصبغ في مسنده - كما في بيان الوهم والإيهام لابن القطان الفاسي (برقم274)-، قال ابن القطان: قال قاسم - ومن كتابه نقلت -: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي، قال: حدثنا حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق، كلهم يعني علي بن الجعد ووكيع وحفص وسليمان وعمرو بن مرزوق عن شعبة، عن عدي بن ثابت،  قال: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس، قال: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر )).
قال إسماعيل بن إسحاق: ” وبهذا الإسناد روى الناس عن شعبة “.
قلت: إسناده موقوف صحيح.  وفي كتاب بيان الوهم والإيهام لابن القطان، في النسخة المطبوعة هكذا:(حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق، عن عدي بن ثابت)- بإسقاط (شعبة)، وهذا خطأ، والصواب ما أثبت، لأن حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق ثلاثتهم من تلامذة شعبة، ولم يرو أحد منهم عن عدي بن ثابت.
ويؤيد هذا ما أخرجه البيهقي في الكبرى  (3/174):  - حيث وقع الإسناد فيه من طريق إسماعيل بن إسحاق، قال: (ثنا حفص ابن عمر وسليمان بن حرب، قالا: ثنا شعبة، عن عدي بن ثابت ...).
قلت: إسناده صحيح كما تقدم
والحديث رواه أيضا عن شعبة موقوفا: ربيبه محمد بن جعفر الملقب بغندر، وعبدالرحمن بن مهدي، أشار إلى الأول الحاكم في المستدرك (1/245)، وإلى الثاني ابن المنذر - فيما نقل عنه ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام (برقم273)، قلت: ولم أقف على هاتين الروايتين.     
وأما رواية الرفع:
[1]  فقد أخرجها الحاكم في المستدرك (1/245)، قال: حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أنبأنا أبـو محمد إسماعيل بن يعقوب بن إسماعيل الصفار بالبصرة، ثنا سوار بن سهل البصري، ثنا سعيد بن عامر، عن شعبة،  عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله r: (( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة لـه إلا من عذر )).
قلت: إسناده ضعيف، فيه سعيد بن عامر - وهو الضبعي-: وثقه ابن سعد وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال أبو حاتم: ” كان رجلا صالحا، وكان في حديثه بعض الغلط، وهو صدوق “، وقال الترمذي في العلل الكبير عن البخاري: ” كثير الغلط “. والراوي عنه سوار بن سهل البصري، روى لـه أبو داود في حديث مالك، وقال حين سئل عنه: ” لو لم أثق به ما رويت عنه “، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان: ” لا يدرى من هو، والظاهر أنه صدوق “، وقال الحافظ في التقريب: ” صدوق “. وأبو محمد إسماعيل بن يعقوب الصفار لا يعرف حاله.
[2]  وأخرجها الحاكم مرة أخرى (1/245)، من رواية أحمد بن يعقوب الثقفي، ثنا الحسن ابن علي بن شبيب المعمري، ثنا أبو غسان مالك بن الخليل، ثنا أبو سليمان داود بن الحكم، ثنا شعبة، بهذا الإسناد- مرفوعا: بمثل لفظ حديث سعيد بن عامر.     
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه أبو سليمان داود بن الحكم، ذكره الحافظ في اللسان، وحكى عن ابن عبدالهادي أنه قال: ” سألت المزي عنه فقال: لا يعرف “. وأبو غسان مالك بن الخليل هو البصري، ذكره ابن حبان في الثقـات، وذكره الذهبي في الكاشف فوثقه، وقال النسائي: ” لا بأس به “، وقال الحافظ في التقريب: ” صدوق “. والحسن بن علي بن شبيب المعمري هو البغدادي، قال عنه الدارقطني: ” صدوق حافظ “، وقال الخطيب: ” كان من أوعية العلم، يذكر بالفهم، ويوصف بالحفظ، وفي حديثه غرائب وأشياء ينفرد بها “، وقال ابن عقدة: ” سألت عبدالله بن أحمد عن المعمري، فقال: لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصّلون - يعني: المراسيل- “. وشيخ الحاكم       أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي لم أجد له ترجمة. 
[3]  وأخرجها ابن ماجة في سننه (برقم793)، وبقي بن مخلد في مسنده (كما في إتحاف المهرة لابن حجر7/124، وفي بيان الوهم والإيهام لابن القطان برقم275)-،  والدارقطني في سننه (1/420) من رواية شيخه علي بن عبدالله بن مبشر-،  وابن حبان  في صحيحه (برقم2064) والطبراني في الكبير (برقم12265)، وكذا ابن المنذر (كما في إتحاف المهرة 7/125، وفي بيان الوهم والإيهام برقم275) وأبو القاسم البغوي في زوائده على مسند ابن الجعد (برقم498) والبيهقي في المعرفة (برقم5608) وأخرجه الحاكم في المستدرك (1/245) كلهم من رواية هشيم عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي r قال: (( من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر )).
قلت: رجاله ثقات، غير أن هشيما مع كونه ثقة إلا أنه مدلس وقد عنعنه في أكثر رواية، وقد خالفه بقية أصحاب شعبة الثقات الأثبات المعروفين فرووه موقوفا وهم أكثر عددا وإتقانا كما تقدم بيانه آنفا
والحديث جاء في بعض رواية هشيم بن بشير دون قولـه: (( إلا من عذر ))، ففيه مخالفة للروايات السابقة، وقد جاء بمثلها دون قولـه: (( إلا من عذر )) - من طريق قراد أبي نوح، عن شعبة، لكن في إسناده ضعف.
[4]  أخرجه الحاكم في المستدرك (1/245) والدارقطني في سننه (1/420) من رواية أبي الفضل العباس بن محمد الدوري ، قال - واللفظ للحاكم-: ثنا عبدالرحمن بن غزوان      - وهو الملقب بقــراد ويكــنى أبــا نـــوح  -،  ثنا شعبة، ثنا عدي بن ثابت،  ثنا سعيد بن جــبـير، عــن
ابن عباس، أن النبي r قال: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له )).
قال الدارقطني: ” وقراد شيخ من البصريين مجهول “.
وقال الحاكم: ” هذا حديث قد أوقفه غندر وأكثر أصحاب شعبة، وهو صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهشيم وقراد أبو نوح ثقتان، فإذا وصلاه فالقول فيه قولهما “ اهـ. ووافقه الذهبي في التلخيص.
قلت: وليس الأمر كذلك، فإن رواية هشيم - كما ترى- فيها عنعنته عند الأكثرين عنه، ومن رواه عنه بالتحديث أو بالإنباء قليل مرجوح، لأن من رواه بالعنعنة هم الأكثرون، ولأن ذلك قد يكون تصحيفا أو تصرفا من بعضهم، فهشيم مشهور بالتدليس، ولا تطمئن النفس إلى قبول المختلف في تحمله له مرة بالعنعنة وأخرى بالتحديث أو بالإنباء ويرجح هذا أن الروايات التي جاءت بتصريح هشيم بالتحديث أو الإنباءمخالفة في متنها لعدم ذكر الإستثناء بالعذر، والروايات الأخرى التي هي أقوى من حيث الإسناد معنعنة جاءت بذكر الإستثناء، .ورواية هشيم المرفوعة لا شك أنها وهم منه وقد رواه غير واحد من الثقات المعروفين بما فيهم محمد بن جعفر وهو أثبت الناس في شعبة فجعله موقوفا فكيف وقد تابعه وكيع وعلي بن الجعد وسليمان بن حرب وغيرهم فرووه موقوفا فالموقوف هو المحفوظ. 
ورواية قراد أبي نوح ضعيفة من أجل قراد نفسه، فقد طعنه الدارقطني ورماه بالجهالة - كما تقدم، وذكره الذهبي في الميزان وقال: ” حدث عنه أحمد والكبار، وكان يحفظ، ولـه مناكير “،“، وقال أبو حاتم مرة: ” صدوق “، ومرة قال:  ” صالح “، وقال ابن الجنيد عن ابن معين: ” لم يكن به بأس “، وقال أبو الفضل العباس الدوري في تاريخه: ” سمعت يحى - يعني: ابن معين- وذكر حديث ليث بن سعد عن مالك بن أنس الحديث الطويل (أن رجلا كان لـه مملوكان) الذي يرويه قراد، قال أبو الفضل: وقد سمعت أنا من قراد بطوله، فوهّن أمره جدا “ اهـ.
قلت: وقد وثق قراد هذا علي بن المديني وابن نمير - كما في تهذيب الكمال، وذكره ابن حبان في الثقات، وهذا التوثيق منهم رحمهم الله تعالى لقراد قد بكون لعدالته، أمــا الضبط فقد تقدم مـا قيل فيه من أن لـه مناكير، وقد وهن ابن معين أمره في حديث حدثه به، والله أعلم. ومما يدل على ضعفه أنه خالفه غير واحد من أصحاب شعبة فرووا الحديث موقوفا وهو المحفوظ
أما دعوى أن الحديث صحيح على شرط الشيخين، فلا وجه لها، لأن التحقيق أن البخاري لم يذكر شرطا لـه في صحيحه، ومسلم إنما أشار في مقدمة صحيحه إلى منهجه في انتقاء الأحاديث الصحيحة وشواهدها ومتابعتها، فما أخرجه الشيخان في صحيحيهما إجتهاد منهما لتخريج الصحيح، وليس لهما نص على شرط معين، فلا وجه للقول فيه بأنه على شرط الشيخين، وإن كان رجاله رجالهما، وذلك لأن تصحيح الأحاديث لـه اعتبارات أخرى - كاتصال السند، والسلامة من النكارة أو الشذوذ، أو العلة كما وقع هنا من تعليل رواية الرفع برواية الوقف لرجحان الثانية على الأولى.
قال الشيخ عبدالغفار البنداري في حاشية المحلى لابن حزم في أوائل باب صلاة الجماعة:        ” والواضح أن الإختلاف على وصله شديد، والأصح الوقف، وذلك لأن أكثر أصحاب شعبة، وهم عدد كثير، وكذا غندر، رووه بالوقف، وهذا أرجح من جهة الضبط، خاصة وأنه لم يروه بالوصل إلا هشيم وقراد، وقد طعن الدارقطني في قراد ورماه بجهالة الحال - وإن كان معروفا- لكن للعدد اعتبار أقوى في ترجيح الرواية على حال روايتها “.
وقال أيضا: ” ولعل البخاري ومسلم قد أعرضا عن إيراده في أصل صحيحيهما لهذا الإختلاف، أو تلك العلة، مما دفع الحاكم إلى استدراكه عليهما، وعزو شرطه إليهما، والحقيقة أن من شروط البخاري ومسلم التي لوحظت بالإستقراء لمثل هذه الأحاديث أنهما لا يوردان  في أصل صحيحيهما حديثا تناوله النقاد بالإختلاف، وخاصة إذا كان الخلاف على الوصل أو الوقف أو الإرسال أو غير ذلك من العلل “ اهـ.
قلت: ما ذكره من ترجيح رواية الوقف هو الحق عندي.
قال البيهقي في الكبرى - عقب تخريجه لرواية هشيم، عن شعبة-: ” تابعه قراد أبو نوح عن شعبة في رفعه، وخالفهما غيرهما من الثقات “ اهـ - باختصار.  
قلت: وفي هذا ما يشعر بترجيح البيهقي لرواية الوقف.
وقد حكى الحافظ في بلوغ المرام هذا الترجيح عن بعض العلماء ولم يسمهم، قال الحافظ - بعد أن ذكر الحديث وعزاه إلى الحاكم وغيره-: ” إسناده على شرط مسلم، لكن رجح بعضهم وقفه “.
وتعقبه الشيخ الألباني في الإرواء (برقم551) بقوله: ” ولا مبرر لهذا الترجيح، فإن الذين رفعوه جماعة الثقات، تابعوا هشيما عليه، منهم قراد وسعيد بن عامر وداود بن الحكم “ اهـ- بتصرف يسير.
قلت: وليس هذا بشيء، وقد سبق أن أشرنا إلى هذه المتابعات وبينا أن طرقها كلها ضعيفة. وما قاله الحافظ من أن إسناد الحديث على شرط مسلم تقدم بيان ما فيه.
ويتضح مما تقدم أن الحديث روي عن شعبة، عن عدي بن ثابت، بـوجهين - الرفع والوقف-، والوقف أرجح، إذ قد رواه على الوقف عن شعبة أكثر أصحابه الثقات، وهم: علي بن الجعد، ووكيع، ووهب بن جرير، وعمرو بن مرزوق، وحفص بن عمر الحوضي، وسليمان بن حرب، وعبدالرحمن بن مهدي - كما أشار إليه ابن المنذر-، وكذا ربيب شعبة محمد بن جعفر المعروف بغندر - كما أشار إليه الحاكم-.
أما رواية الرفع فقد جاءت من طريق عبد الحميد بن بيان وعمرو بن عون، عن هشيم بن بشير، عن شعبة، وقد رواه جميع أصحاب عبدالحميد وابن عون بعنعنة هشيم، وهشيم مشهور بالتدليس، وخالفهم محمد بن عيسى بن السكن عن عبدالحميد بن بيان وابن عون فرواه عنهما عن هشيم بالتحديث، وقد روى أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه عند البيهقي في الكبرى (3/174) عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبي معمر القطيعي، عن هشيم، وفيه تصريحه بالإنباء، وهذا تفرد به  أبو بكر بن بالويه، ولم أجد لـه جرحا ولا تعديلا، غير وصف الذهبي لـه في السير بأنه الإمام المفيد من كبراء أهل بلده، فهذا وما قبله لا يقوى لمعارضة رواية الأكثرين، لكثرتهم أولا، وثانيا لاحتمال تصرف الراوي في صيغة تحمل هشيم بالتحديث أو الإنباء بدلا عن العنعنة- وهما كما ترى صيغتان مختلفتان، ولكل واحد منهما مدلول مختلف عند بعض أهل الحديث-  وقد ثبت للأكثر العنعنة وهناك احتمال آخرهو  التصحيف في النسخ، وهذا الاختلاف مما يوجب الشك في ثبوت كلتا الروايتين اللتين فيهما تصريح هشيم بالتحديث أو الإنباء، أضف لذلك أن  كلتا الروايتين في إسنادهما مقال - كما تقدم.
وقد روى هذا الحديث بالرفع أيضا عن شعبة: سعيد بن عامر - عند الحاكم، وتقدم أن إسناده ضعيف من أجل سعيد نفسه، وقد قال عنه البخاري: كثير الغلط، والراوي عنه سوار بن سهل، قال عنه الذهبي في الميزان: ” لا يدرى  من هو، والظاهر أنه صدوق “، وفيه أيضا إسماعيل بن يعقوب الصفار لا يعرف حاله. وكذا رواه أبو سليمان داود ابن الحكم - عند الحاكم، وإسناده ضعيف من أجل أبي سليمان نفسه، قال عنه المزي: ” لا يعرف “، وفيه أيضا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي شيخ الحاكم لا يعرف حاله، وفيه الحسن بن علي بن شبيب، قال عبدالله بن أحمد عن المعمري: ” لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصلون يعني المراسيل “. ورواه أيضا على الرفع قراد  أبو نوح - عند الحاكم والدارقطني، وإسناده ضعيف من أجل قراد نفسه، وقد رماه الدارقطني بجهالة الحال، وقال الذهبي في الميزان: ” حدث عنه أحمد والكبار، وكان يحفظ، وله مناكير “ اهـ، وقد وهّن ابن معين أمره في حديث حدثه به.
[5]  أخرج أبو داود (برقم551)- ومن طريقه الدارقطني (1/420) والبيهقي في الكبرى (3/75)-، وكذا أخرج الحاكم في المستدرك (1/245) والطبراني في الكبير (برقم12266) والحاكم في المستدرك ( 1/246 )من رواية أبي جناب الكلبي عن مغراء عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال – والفظ لأبي داود -  قال رسول الله r: (( من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر، قالوا: وما العذر؟ قال: خوف أو مرض، لم تقبل منه الصلاة التي صلى )).
قال الإشبيلي في الأحكام الوسطى- بعد أن ذكر الحديث، وعزاه لأبي داود-: ” هذا يرويه مغراء العبدي، والصحيح موقوف على ابن عباس: (( من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة لـه ))  “ اهـ.
قلت: الحديث ذكره ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام وضعف إسناده لضعف أبي جناب - واسمه: يحيى بن أبي حية الكلبي-.
قال ابن القطان: ” فإنه - يعني: أبا جناب- يضعف، وممن ضعفه النسائي وابن معين وأبو حاتم، وكان يحيى القطان يضعفه كثيرا، ويوجد فيه لابن حنبل التوثيق ولكن مع وصفه بالتدليس، وهو عندهم مشهور به “ اهـ. بين الوهم والإيهام 3/96
قلت: وقد رواه أبو جناب بالعنعنة.
قال الألباني في الإرواء ( 551- 2/336 ): "وهذا سند ضعيف، أبو جناب اسمه يحيى بن أبي حية الكلبي وهو ضعيف كما قال المنذري وغيره ...“ اهـ.
قلت: بل إسناده ضعيف جدا. لأن فيه أيضا مغراء العبدي - يكنى أبا المخارق-،       ذكره الذهبي في الميزان وقال: ” تكلم فيه “، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الحافظ في التقريب:       ” صدوق “. وأغرب ابن القطان الفاسي في بيان الوهم والإيهام حيث قال عن مغراء هذا: ” لا يحفظ فيه لأحد تجريح، فقد كان ينبغي لـه على هذا الأصل أن لا يعلّ به الحديث “ اهـ - باختصار. قلت: المغراء لم يذكره في الثقات غير ابن حبان، وهو متساهل، وقد تقدم قول الذهبي عنه في الميزان إنه تكلم فيه، وهذا ظاهر في التجريح، أما قول الحافظ بأنه صدوق فلعله انتهج في ذلك سبيل الجمع بين توثيق ابن حبان وتجريح الذهبي، وفي ذلك نظر لا يخفى، ولا يخفاك أيضا ما في هذه الرواية من زيادة لم يذكرها شعبة في روايته، وما رواه شعبة موقوفا هو الصحيح لأنه أثبت وأوثق بكثير من مغراء العبدي   
وأشار الحاكم إلى أن رواية مغراء هذه تشهد لرواية الرفع المذكورة من طريق هشيم وقراد.
قلت: وليس هذا بشيء، لما بيناه آنفا من أن الحديث إسناده ضعيف جدا.
وأشار أبو داود إلى أن الحديث رواه أيضا أبو إسحاق السبيعي، عن مغراء، بهذا الإسناد، قلت: لم أقف عليه، ولا يزيد للحديث شيئا.
فيتضح مما تقدم أن رواية مغراء هذه ضعيفة الإسناد جدا.
[6]  أخرج الطبراني في الكبير (برقم12344، مجلد12/ص18-19)، قال: حدثنا أحمد بن عمرو القطراني، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له )).
قال الطبراني: ” هكذا رواه القطراني، عن سليمان بن حرب موقوفا، ورواه إسماعيل بن إسحاق القاضي، عن سليمان بن حرب مرفوعا “ اهـ.
قلت: هذا موقوف على ابن عباس، وأحمد بن عمرو القطراني، ذكره ابن حبان في الثقات، وذكره الذهبي في السير ووصفه بأنه: ” الشيخ المحدث المعمر الثقة “، وحبيب مدلس وقد رواه بالعنعنة.
أما ما أشار إليه الطبراني - من اختلاف القطراني وإسماعيل القاضي على سليمان بن حرب في الرفع والوقف - فستأتي زيادة البحث عنه قريبا - إن شاء الله تعالى-.
[7]  أخرج قاسم بن أصبغ في مسنده كما نقل عنه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام  (برقم274)، قـال ابن القطان: قال قاسم - ومن كتابه نقلت-: حدثنا إسماعيل بن إسحاق ...- فذكر روايته حديث: (( من سمع النداء...))، عن حفص بن عمر وسليمان بن حرب وعمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس - موقوفا، وقد تقدم ثم ذكر قول إسماعيل بن إسحاق إنه بهذا الإسناد روى الناس عن شعبة. قال قاسم بن أصبغ: قال إسماعيل بن إسحاق: وحدثنا به أيضا: سليمان، عن شعبة، بإسناد آخر؛ حدثنا سليمان، قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي r قال:  (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه )). قال إسماعيل: ” حدثنا بهذا سليمان مرفوعا، وحدثنا بالأول موقوفا على ابن عباس “.
والحديث نقله الإشبيلي في الأحكام الوسطى عن قاسم بن أصبغ، وقال فيه: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه إلا من عذر ))، قال: وحسبك بهذا الإسناد صحة.
قلت: ما جاء هنا من زيادة قوله: (( إلا من عذر )) - خطأ بين، وقد أوضح هذا الوهم ابن القطان حيث قال - بعدما نقل ما في مسند قاسم بن أصبغ بنصه، كما تقدم-: هذا نص ما عنده، فالمرفوع عنده إنما هو من رواية شعبة عن حبيب بن أبي ثابت، لا عن عدي بن ثابت، وليس فيه زيادة: (( إلا من عذر ))، وإنما تكون هذه الزيادة، في حديث عدي بن ثابت، إلا أنها عند قاسم بن أصبغ موقوفة، فحمل الحديث المرفوع على الموقوف في أن هذه الزيادة فيه، ونسبة ذلك إلى قاسم بن أصبغ خطاء اهـ. وقد أشار ابن القطان أن سبب خطاء الإشبيلي هنا أنه لم ينقل من مسند قاسم ابن أصبغ مباشرة، وإنما نقله عن ابن عبدالبر، أو رواه من ابن حزم - كما سيأتي.
وأما قولـه: (وحسبك بهذا الإسناد صحة)، فخلاف الحق، لأن فيه علة يمتنع من أجله وصف هذا الإسناد بالصحة، وهذه العلة هي تفرد سليمان بن حرب بهذا الوجه، حيث أسنده عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - مرفوعا، وهذا خلاف ما رواه أكثر أصحاب شعبة الثقات، فإنهم أسندوه عن شعبة، عن عدي بن ثابت - وليس حبيب بن أبي ثابت-، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - موقوفا، وقد ذكرنا أسماءهم فيما تقدم عند آخر بحثنا عن الرواية الأولى، فليراجع. هذا على أن حبيب بن أبي ثابت قد عنعن الحديث هنا وهو مع كونه ثقة إلا أنه كثير الإرسال والتدليس- كما قال الحافظ في التقريب.
ومع هذا فإن ما رواه الأكثرون عن شعبة موقوفا أرجح، ولعل ما تقدم نقله عن إسماعيل بن إسحاق - وهو تلميذ سليمان بن حرب في هذا الحديث- من قوله: ” ... و بالإسناد الذي فيه (عن شعبة، عن عدي بن ثابت) روى الناس عن شعبة “ اهـ ما يشعر بترجيحه رواية الأكثرين، كما رجحناه.                والله تعالى أعلم.
قلت: وقاسم بن أصبغ صاحب المسند محدث قرطبة ثقة، لكن ذكره الحافظ في اللسان ونقل عن القاضي عياض قوله في الإلماع: ” كان يحدث، وقد أسن، ونيف التسعين، ولا ينكر شيء من حاله، فمر يوما في أصحابه، فلقيهم حمل حطب على دابة، فقال لأصحابه: تنحوا بنا من طريق الفيل. فكان ذلك أول ما عرف من اختلال ذهنه، وذلك قبل موته بثلاث سنين “ اهـ.
[8]  وأخرج ابن حزم في المحلى (باب صلاة الجماعة)، ومن طريقه الإشبيلي في الأحكام الكبرى، قال ابن حزم: حدثنا أحمد بن قاسم، حدثني أبي قاسم بن محمد بن قاسم، حدثني جدي قاسم بن أصبغ، ثنا إسماعيل ابن إسحاق القاضي، ثنا سليمان بن حرب، ثنا شعبة، عن حبيب بن  أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أن النبي r قال: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه إلا من عذر )).
قلت: فيه ما تقدم من تفرد سليمان وعنعنة حبيب، ومن دون قاسم بن أصبغ في هذا الإسناد لا يعرف حالهما، وقد تقدمت الإشارة إلى أن زيادة قوله: (( إلا من عذر ))، خطأ في هذا الإسناد. 
وقد تابع قاسم بن أصبغ في عدم ذكر الزيادة، عن إسماعيل بن إسحاق، بهذا الإسناد: علي بن المكرم وأبو بكر الشافعي - كما أخرجه البيهقي في المعرفة.
[9]  قال البيهقي (4/105): أخبرنا أبو عبدالله الحافظ، قال: أخبرنا عبدالصمد بن علي بن المكرم وأبو بكر الشافعي، قالا: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، بهذا الإسناد، ولم يذكر فيه تلك الزيادة. 
قلت: ويبقى فيه ما تقدم من تفرد سليمان وعنعنة حبيب، ومن دون إسماعيل بن إسحاق في هذا الإسناد ثقات، وأبو بكر الشافعي هو مسند العراق واسمه محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن عبدويه.
قال الخطيب: قال لنا أبو بكر البرقاني: " تفرد به إسماعيل بن إسحاق عن سليمان بن حرب قلت ( أي الخطيب ): ورواه أبو عمر الحوضي عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفا غير مرفوع "
وذكر الألباني في الإرواء ( برقم551 )كلام البرقاني المتقدم عن الخطيب، وتعقبه بقوله: " وهما إمامان ثقتان حافظان، فلا يضر تفردهما به، على عني قد وجدت لإسماعيل متابعا عليه ..." – فذكر حديث الطبراني المذكور الذي أشار فيه الطبراني أن الحديث قد أختلف فيه على سليمان بن حرب، فرواه عنه القطراني بالوقف، ورواه إسماعيل القاضي فضلا أن يرجح عليه ..." انتهى، بتصرف يسير.
قلت: والقطراني شيخ الطبراني هذا قد ذكرنا ترجمته فيما تقدم، وهو معروف ثقة، لا كما قال الألباني هنا.
والحديث كما ترى مداره على سليمان بن حرب، عن شعبة، وقد اختلف فيه عن سليمان من جهة الرفع والوقف أولا، وبذكر قولـه: (( إلا من عذر )) وعدمها ثانيا، ثم من جهة من روى عنه شعبة الحديث ثالثا، وقد تقدم ما حكاه إسماعيل القاضي فيما أخرج عنه قاسم بن أصبغ من أن سليمان بن حرب حدّثه بهذا الحديث مرة عن شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن  ابن عباس موقوفا، وفيه ذكر قوله : (( إلا من عذر ))، ومرة: عن شعبة، عن حبيب بن أبي حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعا، وليس فيه زيادة الإستثناء، وقد أشار إسماعيل القاضي أنه بالإسناد الأول - يعني: شعبة، عن عدي بن ثابت، موقوفا - روى الناس عن شعبة، وهذا يفيدنا شيئين: أحدهما أن الإختلاف في الإسناد من سليمان بن حرب، وثانيا: أن إسماعيل القاضي يرى شهرة رواية الوقف عن شعبة، عن عدي بن ثابت، وهذا هو الحق عندي، وهو أرجح الروايتين، لموافقتها رواية الأكثرين عن شعبة - كما تقدم -، وقد رواه أحمد بن عمرو القطراني فيما أخرج عنه الطبراني عن سليمان بن حرب، عن شعبة، بالإسناد الأخير، يعني: شعبة، عن حبيب بن أبي حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، لكن موقوفا، خلافا لما جاء في رواية إسماعيل القاضي عن سليمان، بنفس الإسناد، والقطراني شيخ ثقة، والظاهر عندي أن هذا الإختلاف صادر من سليمان بن حرب الذي عليه مدار الحديث، وقد قال أبو داود - كما في سؤالات الآجري لـه – إنه: ” كان يحدث بحديث ثم يحدث به كأنه ليس ذاك “، والله تعالى أعلم.
فيتضح مما تقدم كله أن حديث: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه إلا من عذر )) - روي عن ابن عباس بوجهين - رفعا ووقفا-، والوقف أرجح، فإنه رواية جماعة الثقات عن شعبة، عن عدي بن ثابت، وهؤلاء: علي بن الجعد، ووكيع، ووهب بن جرير، وعمرو بن مرزوق، وحفص بن عمر الحوضي، وسليمان بن حرب، وعبدالرحمن بن مهدي - كما أشار إليه ابن المنذر-، وربيب شعبة محمد بن جعفر المعروف بغندر - كما أشار إليه الحاكم-.
أما رواية الرفع فقد جاءت من طرق ستة - كلها ضعيفة.
أحدها: طريق هشيم بن بشير، عن شعبة، وقد تقدم أنها ضعيفة لتفرد هشيم عن بقية أصحاب شعبة، ولأن هشيم مدلس وقد عنعنه في جميع الروايات عنه، إلا ما وقع عند الحاكم من طريق محمد بن عيسى بن السكن، عن عبدالحميد بن بيان وعمرو بن عون، عن هشيم، فإن فيه تصريح هشيم بالتحديث، وقد بينا أن هذه الرواية ضعيفة، لتفرد محمد بن عيسى بها، وخالفه غيره من أصحاب عبدالحميد، وهم: ابن ماجة، وبقي بن مخلد، وعلي بن عبدالله ابن مبشر، وزكريا بن يحى بن الصبيح الواسطي، وهؤلاء جماعة الثقات، كما خالفه أيضا بقية أصحاب ابن عون، وهم: علي بن   عبد العزيز بن المرزبان - وهو ثقة-، والفضل بن محمد الشعراني - وهو صدوق، تكلم فيه من أجل تشيعه-، وكذا رواه أبو بكر بن بالويه، عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، عن أبي معمر القطيعي، عن هشيم، فيه تصريحه بالإنباء، وابن بالويه لم أجد لـه جرحا ولا تعديلا، غير وصف الذهبي لـه في السير بأنه: ” الإمام المفيد من كبراء أهل بلده “، وهذا ليس صريحا في التوثيق، وإن كان فيه إشارة إلى عدالته، وقد أشرنا أن هذه الرواية وما قبلها لا يقوى لمعارضة رواية الأكثرين، لكثرتهم أولا، ولاحتمال تصرف الراوي في صيغة تحمل هشيم بالتحديث أو بالإنباء ثانيا، وكذلك احتمال وقوع ذلك تصحيفا من النساخ.
الثاني: طريق سعيد بن عامر، عن شعبة - عند الحاكم، وتقدم أن إسناده ضعيف من أجل سعيد نفسه، وقد قال عنه البخاري: كثير الغلط، والراوي عنه سوار بن سهل، قال عنه الذهبي في الميزان: ” لا يدرى من هو، والظاهر أنه صدوق “، وفيه أيضا إسماعيل بن يعقوب الصفار لا يعرف حاله.
الثالث: طريق أبي سليمان داود بن الحكم، عن شعبة - عند الحاكم أيضا، وإسناده ضعيف من أجل أبي سليمان نفسه، قال عنه المزي: ” لا يعرف “، وفيه أيضا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي شيخ الحاكم لا يعرف حاله، وفيه الحسن بن علي بن شبيب، قال عبدالله بن أحمد عن المعمري: ” لا يتعمد الكذب، ولكن أحسب أنه صحب قوما يوصلون يعني المراسيل “.
الرابع: طريق قراد أبي نوح، عن شعبة - عند الحاكم والدارقطني، وإسناده ضعيف من أجل قراد نفسه، وقد رماه الدارقطني بجهالة الحال، وقال الذهبي في الميزان: ” حدث عنه أحمد والكبار، وكان يحفظ، وله مناكير “ اهـ، ووهّن ابن معين أمره في حديث حدثه به، وتقدم أن قراد قد تفرد عن شعبة بعدم ذكر قوله: (( إلا من عذر ))، ولعل هذا يعدّ من مناكيره.
الخامس: رواية مغراء العبدي، عن عدي بن ثابت - عند أبي داود والطبراني والحاكم والدارقطني والبيهقي، وإسناده ضعيف من أجل مغراء نفسه، قال الذهبي: ” تكلم فيه “، والراوي عنه    أبو جناب الكلبي ضعفه أبو حاتم وابن معين والنسائي والمنذري، وحكي عن الإمام أحمد توثيقه لكن مع وصفه بالتدليس، وقد عنعنه.
السادس: طريق سليمان بن حرب، عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، وقد بينا أن سليمان قد روى هذا الحديث بإسنادين، أحدهما: عن شعبة، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، مرفوعا، والثاني: عن شعبة، عن عدي بن ثابت، لا عن حبيب ابن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفا، وهذا هو الأصح، لموافقته رواية الأكثرين عن شعبة، وقد بينا أن هذا الإختلاف صادر من سليمان، وما رواه مخالفا لرواية الأكثرين ظاهره أنه وهم فيه، وسليمان هذا مع كونه ثقة فقد وصفه أبو داود بأنه: ” كان يحدث بحديث ثم يحدث به كأنه ليس ذاك “.
وخلاصة القول: فإن حديث (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة  لـه إلا من عذر )) - صح عن ابن عباس موقوفا، ولم يصح مرفوعا. وبالله التوفيق.
[10]  أخرجه الطبراني في الأوسط (برقم7986)، قال: حدثنا موسى بن هارون، قال: حدثنا العباس بن الحسين القنطري، قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل، عن جعفر بن برقان، عن ميمون بن مهران، عن ابن عباس، قال (( من سمع حي على الفلاح فلم يجب فقد ترك سنة  محمد r )).
قال الطبراني: ” لم يرو هذا الحديث عن ميمون بن مهران إلا جعفر بن برقان، ولا عن جعفر إلا مبشر، تفرد به العباس بن حسين “.
وقال الهيثمي في المجمع (2/43-44): ” رجاله رجال الصحيح “.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، لتفرد جعفر بن برقان بهذا اللفظ وهو شاذ قال ابن خزيمة : لايحتج به إذا انفرد وقال الساجي عنده مناكير – قال الدارقطني وغيره، وحديثه عن ميمون بن مهران صحيح ثابت التهذيب وتكلموا أيضا في حديثه عن الزهري . ومبشر بن إسماعيل وثقه أحمد وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال النسائي: ” لا بأس به “، وضعفه ابن قانع، وقال الذهبي في الميزان: ” تكلم فيه بلا حجة “، وقال الحافظ في التقريب: ” صدوق “، والعباس بن الحسين القنطري، قال عنه ابن أبي حاتم: ” مجهول “، ووثقه عبدالله بن أحمد، وقال: ” سألت أبي عنه فذكره بخير “، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال الذهبي في الميزان: ” صدوق “، وقال الحافظ في التقريب: ” ثقة “.  قلت: ذكر الإمام أحمد لـه بخير يدل على عدالته. وفيه موسى بن هارون القيسي، قال النسائي: ” لا بأس به “، وذكره ابن حبان في الثقات وقال: ” ربما أخطأ “، ووثقه الذهبي في الكاشف، وقال ابن حجر في التقريب: ” صدوق ربما أخطأ “.
والحديث بهذا اللفظ غريب، تفرد به موسى بن هارون، عن العباس بن حسين القنطري، بهذا الإسناد. وقد صح من طريق شعبة، عن عدي بن ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس - موقوفا: (( من سمع الندء فلم يجب فلا صلاة  لـه إلا من عذر )). وهو المحفوظ
[11] أخرج عبدالرزاق في المصنف (برقم1914) عن ابن عباس، لكن مقرونا بعلي بن أبي طالب.
قال عبدالرزاق: عن ابن جريج وإبراهيم بن يزيد، أن عليا وابن عباس قالا: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه ))، قال ابن عباس: (( إلا من عذر أو علة )).  
قلت: هذا من مراسل ابن جريج وإبراهيم، وتقدمت الإشارة إلى أن الحديث قد ثبت من طرق أخرى عن ابن عباس موقوفا. أما رواية علي بن أبي طالب فسيأتي تخريجها مستوفى في موضعها.
طرق أخرى لحديث الباب :
وللحديث طرق أخرى نذكر منها ما يلي:
[أولا] :  طريق أبي موسى الأشعري.
[12]  أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (1/345)، من رواية وكيع : والبيهقي في الكبري (3/174) من رواية أبي نعيم - وهو: الفضل بن دكين-، كلاهما يعني أبو نعيم ووكيع عن مسعر، عن أبي حصين، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال: (( من سمع المنادي ثم لم يجبه من غير عذر فلا صلاة له )).
قلت: هذا موقوف على أبي موسى، وإسناده صحيح. وأبو بردة هو ابن أبي موسى الأشعري، اختلف في اسمه، فقيل: إنه عامر، وقيل: الحارث، ثقة. وأبو حصين اسمه عثمان بن عاصم ثقة. 
[13]  أخرج أبو نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني في أخبار أصبهان (ترجمة هبة الله بن محمد بن بندار المعدل أبي القاسم البغوي2/342)، قال: حدثنا عبدالله بن محمد بن جعفر، ثنا أبو القاسم هبة الله بن محمد، ثنا أبو طالب بن سوادة، ثنا عبدالرحمن بن محمد بن منصور العامري، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا مسعر، ثنا أبو حصين، عن أبي بردة، عن أبيه، قال: قال رسول الله r: (( من سمع المنادي صحيحا فارغا فترك أن يـجيبه فلا صلاة له )).
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه عبدالرحمن بن محمد بن منصور العامري وهو الملقب بكربزان،             قال ابن أبي حاتم: ” كتبت عنه مع أبي، تكلموا فيه، وسألت أبي عنه “، فقال: ” شيخ “ اهـ، وقال ابن عدي في الكامل: ” حدث بأشياء لم يتابع عليها “، وقال الذهبي في الميزان: ” قال الدارقطني وغيره: ليس بالقوي “. وأبو طالب ابن سوادة لم أجد لـه ترجمة. والراوي عنه أبو القاسم هبة الله بن محمد بن بندار البغوي لا يعرف حاله، وإنما ذكره أبو نعيم في أخبار أصبهان، ولم يذكر لـه جرحا ولا تعديلا. وعبدالله ابن محمد بن جعفر شيخ أبي نعيم هو المعروف بأبي الشيخ صاحب كتاب (( طبقات المحدثين بأصبهان )).
فهذه الرواية عن مسعر بالرفع منكرة جدا، والمحفوظ عنه رواية أبي نعيم ووكيع بالوقف للكثرة والثقة.   
[14]  أخرج الحاكم في المستدرك (1/246)، والبيهقي في الكبرى (3/174) من رواية-: أحمد بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه، قال: قال رسول الله r: (( من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له )).
وأشار الحاكم أن هذه الرواية صحيحة عن أبي موسى مرفوعا، ووافقه الذهبي في التلخيص.
قال الألباني: ” وهذا سند صحيح على شرط البخاري لولا أن ابن عياش ضعف من قبل حفظه، لكن تابعه مسعر عند أبي نعيم في أخبار أصبهان وقيس بن الربيع عند البزار كما في تلخيص الحبير... “ اهـ- بتصرف يسير.
قلت: وما أشار إليه الألباني من أن ابن عياش ضعف من قبل حفظه هو كما قال، وقد جاءت روايته هنا على الرفع، خلافا لما رواه وكيع وأبو نعيم عن مسعر، حيث رويا عنه على الوقف، ومسعر أوثق بكثير من ابن عياش، وروايته أصح، أما من رواه عن مسعر على الرفع عند أبي نعيم في تاريخ أصبهان، فإسناده ضعيف جدا تقدم بيانه، كما أنه مخالف للروايات الصحيحة عن مسعر، ففيه رد على الألباني رحمة الله عليه حيث قوّى رواية ابن عياش على الرفع بمتابعة تلك الرواية الضعيفة عن مسعر.
أما رواية قيس بن ربيع التي أشار إليها الألباني هنا فهي ضعيفة كذلك من أجل قيس بن ربيع نفسه.        
قال الهيثمي في المجمع (2/42): ” رواه الطبراني في الكبير، وفيه قيس بن الربيع، وثقه شعبة وسفيان الثوري، وضعفه جماعة “.
قلت: وممن ضعفه: وكيع، وعلي بن المديني، وابن معين، وأبو زرعة، وابن سعد، والنسائي- وقال في موضع: متروك الحديث-، والدارقطني، وأبو أحمد الحاكم، وقال حرب عن أحمد: ” روى أحاديث منكرة “ التهذيب  وقد سئل أحمد عنه مرة، فقيل لـه: لم ترك الناس حديثه؟ قال: ” كان يتشيع ويخطئ في الحديث “، وقال يعقوب بن أبي شيبة: ” رديء الحفظ جدا، مضطربه، كثير الخطأ، ضعيف في روايته “، وقال البخاري: ” سمعت ابن رافع يقول: سمعت محمد بن عبيد: ما زال أمره مستقيما، حتى استقضي، فقتل رجلا، يعني أقام عليه الحد فمات، وعن محمد بن عبيد، قال: استعمل أبو جعفر قيسا على المدائن، فكان يعلق النساء بثديهن ويرسل عليهن الزنابير “ اهـ، وقال ابن عدي: ” وعامة روايته مستقيمة، والقول فيه ما قال شعبة، وأنه لا بأس به، وقال ابن حبان: وتتبعت حديثه فرأيته صادقا، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، فيدخل عليه ابنه، فيحدث منه ثقة به، فوقعت المناكير في روايته، فاستحق المجانبة “. قلت: وقصة عبث ولد قيس في كتاب والده، حكاها ابن نمير وابن مهدي - كما في التهذيب.    
قال الحافظ في إتحاف المهرة (برقم12307) - بعد أن ذكر الحديث، وعزاه إلى الحاكم-: ” تابعه قيس بن الربيع عن أبي حصين في رفعه، ورواه مسعر وغيره عن أبي حصين موقوفا، وهو الصواب “
وقال البيهقي في المعرفة (برقم5601)- بعد ذكر حديث ابن عباس: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه إلا من عذر ))-: ” وروي عن أبي موسى الأشعري - مرفوعا، وموقوفا-، والموقوف    أصح “ اهـ.
قلت: وما رجحه البيهقي وابن حجر هنا هو الحق عندي، لأن رواية الرفع - كما ترى- لم تأت إلا من طريق أبي بكر بن عياش، وقد ضعف من قبل حفظه، ومن طريق قيس بن الربيع، وقد ضعفه أكثر الأئمة لسوء حفظه، وقالوا بأن لـه مناكير. أما رواية الوقف فقد جاءت من طريق وكيع وأبي نعيم عن مسعر بن كدام، فحسبك بهم ثقة وثبتا، وقد تقدمت الإشارة إلى أن الرواية التي جاءت بالرفع عن مسعر فيما أخرجه أبو نعيم الأصبهاني ضعيفة الإسناد جدا لضعف راويها عبدالرحمن كريزان وجهالة حال أبي طالب ابن سوادة والراوي عنه أبي القاسم هبة الله.  
يتضح مما تقدم أن حديث: (( من سمع المنادي ثم لم يجبه من غير عذر فلا صلاة لـه )) - صحيح عن أبي موسى موقوفا، ولم يصح مرفوعا.
[ثانيا]: طريق ابن مسعود رضي الله عنه.
[15] أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/345)، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا سليمان بن المغيرة، قال: حدثنا أبو موسى الهلالي، عن أبيه، عن ابن مسعود، قال: (( من سمع المنادي ثم لم يجب من غير عذر فلا صلاة له )).
قلت: هذا موقوف على ابن مسعود، وإسناده ضعيف، لأن فيه أبا موسى الهلال عن أبيه، قال أبو حاتم: مجهول، وأبوه مجهول. الجر والتعديل 
[ثالثا]: طريق أبي هريرة رضي الله عنه.
[16] أخرج ابن عدي في الكامل (في ترجمة سليمان بن داود أبو الجمل)، قال: ثنا أبو العلاء الكوفي، ثنا إبراهيم بن يعقوب، حدثنا ابن إسحاق السيلحاني، ثنا سليمان بن داود الهجري، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول r: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له )).
قال ابن عدي في سليمان بن داود: ” ولسليمان بن داود غير ما ذكرت، عن يحيى بهذا الإسناد، وعامة ما يروي عن يحيى بن أبي كثير، وعامة ما يرويه بهذا الإسناد لا يتابعه أحد عليه “.
قلت: وقد تقدم قول ابن معين والبخاري في سليمان هذا إنه منكر الحديث، وعليه فالإسناد ضعيف جدا.
[رابعا]: طريق جابر رضي الله عنه.
[17] أخرجـ الـعقيلي في الضعفـــاء (تـرجمة محمد بن سكين - برقم 1635)،  والـدارقـطـني فـي سـنـنـه (1/419-420)، كلاهما من طريق محمد بن سكين الشقري المؤذن، قال      - واللفظ للعقيلي-: حدثنا عبدالله بن بكير الغنوي، حدثنا محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله r: (( لا صلاة لمن سمع النداء ثم لا يأتي، إلا من علة )).
قلت: إسناده ضعيف جدا- من أجل عبدالله بن بكير الغنوي والراوي عنه محمد بن سكين، أما الغنوي فليس بالقوي - كما قال الساجي، وأشار ابن عدي في الكامل إلى أنه صاحب مناكير، وأما ابن سكين فقد ضعفه الحافظ ابن حجر، وقال عنه الذهبي في الميزان: ” لا يعرف، وخبره منكر “. وقد ضعف إسناد هذا الحديث البخاري في التاريخ الكبير وكذا العقيلي في الضعفاء - في ترجمة محمد بن سكين.
فيتضح مما تقدم كله أن حديث: (( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة لـه إلا من عذر )) مروي عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري كلاهما بوجهين - رفعا ووقفا-، والموقوف في حديثهما هو الصحيح الثابت - كما بينا، وروي أيضا عن جابر وابن مسعود مرفوعا، وعن ابن مسعود موقوفا، ولم يصح شيء من ذلك عنهم.
ما يشهد لمعنى حديث الباب :
ويتأيد الموقوف بما روي عن ابن مسعود - موقوفا -؛
(( من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإن الله شرع لنبيكم r سنن الهدى، وإنهن من سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم، كما يصلى هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله لـه بكل خطوة يخطوها حسنة، ويرفع بها درجة، ويحط عنه بها سيئة، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق، معلوم النفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف )).
وفي رواية لـمسلم: (( وإن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه )).
أخرجه مسلم في الصحيح برقم 1431و432 من رواية عبد الملك بن عمير وعلى بن الأقمر وأبو داود في السنن برقم 550  والنسائي في السنن الصغرى برقم 922 وأحمد في المسند 1/414و445 وابن خزيمة في صحيحه برقم 1483 والطبراني في الكبير برقم 8603 من رواية علي بن الأقمر وابن ماجة في السنن برقم 777 وأحمد في المسند 1/382 وعبد الرزاق في المصنف برقم 1979 والطبراني برقم 8596- 8601 من رواية إبراهيم بن مسلم الهجري وأبو يعلى في المسند برقم 5003و5023 وابن حبان في صحيحه برقم 2100 من رواية عبد الملك بن عمير والطبراني في الكبير برقم 8606و 8607 من رواية الحكم وأبي إسحاق السبيعي خمستهم يعني عبد الملك بن عمير وعلي بن الأقمر وإبراهيم والحكم وأبا إسحاق عن أبي الأحوص وهو عوف بن مالك عن عبد الله بن مسعود به وهذا لفظ علي بن الأقمر عند مسلم وألفاظ الباقين متقاربة.
قلت: وهذا إسناد صحيح موقوف ورجاله ثقات.
عن معاذ بن أنس أن النبي r (( الجفاء كل الجفاء، والكفر والنفاق، من سمع منادي الله ينادي بالصلاة، يدعو إلى الفلاح، ولا يجيبه )) –
أخرجه أحمد في المسند(برقم15669)، والطبراني في الكبير (20/183) كلاهما من طريق ابن لهيعة، عن زبان بن فائد، عن سهل بن معاذ بن أنس، عن أبيه - مرفوعا. وفي لفظ للطبراني من طريق رشدين بن سعد، عن زبان، بهذا الإسناد: (( حسب المؤمن من الشقاء والخيبة  أن يسمع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه )).
والحديث ذكره الهيثمي في المجمع وأشار إلى ضعف إسناده من أجل زبان بن فائد، وذكره الألباني في ضعيف الترغيب.
قلت: إسناده ضعيف جدا، لأن من دون معاذ بن أنس ضعفاء، أما سهل بن معاذ، فقد قال أبو بكر بن أبي خيثمة عن ابن معين: ” ضعيف “، وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: ” منكر الحديث جدا، فلست أدري أوقع التخليط في حديثه منه أو من زبان؟ فإن كان من أحدهما فالأخبار التي رواها ساقطة، وإنما اشتبه هذا لأن راويها عن سهل: زبان - الإ الشيء بعد الشيء، وزبان ليس بشيء “ اهـ،  وأغرب العجلي حيث ذكره في الثقات، وقال: ” مصري تابعي ثقة “. وأما زبان بن فائد فقد تقدم قول ابن حبان فيه إنه ليس بشيء، وقال في ترجمته في المجروحين: ” منكر الحديث جدا، يتفرد عن سهل بن معاذ بنسخة كأنها موضوعة، لا يحتج به “ اهـ، قلت: وقد ضعف زبان هذا أحمد وابن معين وغيرهما. وأما ابن لهيهة فقد ضعّف في الرواية لكونه خلّط بعد احتراق كتبه، قال صاحبا التحرير: ” ضعيف يعتبر به، وحديثه صحيح إذا روى عنه العبادلة: ابن المبارك، وابن وهب، وابن يزيد المقرئ، وابن سلمة القعنبي، فإنهم كانوا يتتبعون أصوله فيكتبون منها “. وأما رشدين بن سعد فقال الحافظ في التقريب: ” ضعيف،
تخريج الأثر المروي عن علي بن أبي طالب وغيره :  (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد )) –
وما في معنا.  
[1]  أخرج الدارقطني في سننه (1/420)، من رواية المطلب بن زياد وعبد الرزاق في المصنف برقم 1916 من رواية سفيان الثوري كلاهما عن أبي إسحاق السبيعي عن الحارث عن علي  ، قال: (( من كان جار المسجد فسمع المنادي ينادي فلم يجبه من غير عذر فلا صلاة له )).
قلت: إسناده ضعيف جدا، فيه الحارث الأعور، قال الحافظ في التقريب: ” كذبه الشعبي، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف “ اهـ، والراوي عنه أبو إسحاق السبيعي، واسمه: عمرو بن عبدالله،  مشهور بالتدليس وقد عنعنه.
[2]  وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/345) عن علي بسياق آخر، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا منصور، عن الحسن، عن علي، أنه قال: (( من سمع النداء فلم يأته لم تجاوز صلاته رأسه، إلا بالعذر )).
قلت: إسناده منقطع، لأن الحسن لم يسمع من علي – كما قال أبو زرعة .المراسيل.
[3]  وأخرج عبد الرزاق في المصنف (برقم1915) وابن أبي شيبة  (1/345) من رواية أبي حيان عن أبيه عن علي قال: (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد)) فقيل لـه: ومن جار المسجد؟، قال: (( من سمع النداء )) .
وأشار الحافظ في التلخيص أن الحديث أخرجه أيضا الشافعي من طريق أبي حيان، بهذا الإسناد، قال الحافظ: ” رجاله ثقات “ اهـ، وحكي في موسوعة الحافظ ابن حجر الحديثية (برقم322) أن الحافظ نقل في كتابيه (( الكافي الشافي )) و(( الدراية )) تضعيف  ابن حزم لهذا الحديث.
قلت: هذا موقوف على علي بن أبي طالب، وفي الإسناد أبو حيان - واسمه يحيى بن سعيد ابن حيان التيمي-  وهو ثقة، أما والده سعيد بن حيان فقد ترجم لـه البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ولم يذكرا لـه جرحا ولا تعديلا، وذكره العجلي وابن حبان في الثقات، وقال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (تحت الحديث رقم:2057): ” لا تعرف لـه حال، ولا يعرف من روى عنه غير ابنه “، وقال الذهبي في الميزان: ” لا يكاد يعرف “، وقال قبله في الكاشف: ” ثقة “، ونقل الحافظ في التقريب توثيق العجلي لـه ولم يعقب عليه بشيء، وتعقبه صاحبا تحرير التقريب بقولهما: ” بل مقبول، تفرد بالرواية عنه ابنه أبو حيان، ولم يوثقه سوى العجلي وابن حبان... “ - ثم ذكرا ما قاله الذهبي في الميزان من التجهيل، ولم يذكرا ما قاله في الكاشف من التوثيق.
قلت: وهذا مما يستدرك عليهما، والظاهر عندي أن ما قاله الذهبي في الميزان هو المصير إليه من رأيه، لأن الذهبي إنما قصد في الكاشف كما قال في مقدمته اقتضاب ما في تهذيب الكمال للمزي، ولذا يظهر فيه أنه متابع لما تصرف فيه المزي في كتابه التهذيب متابعة كبيرة قلما يخرج عنه، ولم تظهر فيه شخصيته الإستقلالية الناقدة، كما هي ظاهرة في كتابيه الميزان وسير أعلام النبلاء، أشار إلى هذا المعنى محقق الكاشف محمد عوامة، فلعلّ الذهبي     - فيما يظهر لي من تصرفه - أنه لما وجد صنيع المزي في ترجمته لسعيد بن حيان هذا مقتصرا على الإشارة بأن ابن حبان ذكره في الثقات، ولم يذكر غير ذلك، عمد إلى توثيقه، ولم يستوف البحث في حاله استيفاء كاملا، أما تصرّفه في الميزان فقد ظهر منه الإستيفاء بأتم ما كان، فإنه - بعد أن قال في الميزان بأن سعيد بن حيان هذا: ” لا يكاد يعرف “-  أخذ يشير إلى بعض مروياته وما فيه من علة وضعف، فقال : ” روى- أي: سعيد ين حيان- عن أبي هريرة، وعنه ولده بحديث: (( أنا ثالث الشريكين ))، رواه أبو داود، وللحديث علة، رواه هكذا أبو همام محمد بن الزبرقان، عن أبي حيان، ورواه جرير، عن حيان، عن أبيه مرسلا، ولـه حديث آخر، عن علي، في مناقب أبي بكر، قال فيه الترمذي: غريب“ اهـ، قلت: وينبغي أن لا يغفل أن تأليف الذهبي لليمزان متأخر عن تأليفه للكاشف، وعلى هذا فإن أرجح قولي الذهبي عندي في سعيد بن حيان هو ما قاله في الميزان من أنه: ” لا يكاد يعرف “، وقد تقدم  أن ابن القطان قد قال بمعنى هذا، وهو الأقرب عندي، لما تقدم من أن سعيد بن حيان هذا لم يرو عنه غير ابنه، فهو إلى جهالة الحال أقرب، أما توثيق العجلي لـه وكذا ذكر ابن حبان لـه في الثقات، فإن في اعتبار ذلك عندي نظر، لأنهما من المعروفين بالتساهل في توثيق الرواة المجاهيل.
قال العلامة المعلمي في التنكيل (ص255) موضحا طريقة ابن حبان في كتابه الثقات ومبينا تساهله في توثيق الرواة المجاهيل، ما نصه: ” ... فابن حبان قد يذكر في الثقات من يجد البخاري سماه في تاريخه من القدماء، وإن لم يعرف ما روى وعمن روى ومن روى عنه، ولكن ابن حبان يشدد وربما تعنت فيمن وجد في روايته ما استنكره، وإن كان الرجل معروفا مكثرا، والعجلي قريب منه في توثيق المجاهيل من القدماء “ اهـ. وقال أيضا (ص669): ” والتحقيق أن توثيق ابن حبان على درجات، الأولى: أن يصرح به، كأن يقول: كان متقنا، أو: مستقيم الحديث، أو نحو ذلك،
الثانية: أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم،
الثالثة: أن يكون من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف لـه على أحاديث كثيرة،
الرابعة: أن يظهر من سياق كلامه أنه قد عرف ذلك الرجل معرفة جيدة،
الخامسة: ما دون ذلك، فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم، والثانية قريب منها، والثالثة مقبولة، والرابعة صالحة، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل،  والله أعلم “ اهـ.
قال الألباني في حاشيته على التنكيل: ” هذا تفصيل دقيق، يدل على معرفة المؤلف رحمه الله تعالى وتمكنه من علم الجرح والتعديل، وهو مما لم أره لغيره، فجزاه الله خيرا، غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة، فهو على الغالب مجهول لا يعرف، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين، فإنهم نادرا ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة، بل والتي قبلها أحيانا “ اهـ.
وذكر أبو الحسن السليماني في إتحاف النبيل (2/27-28) خمس مراتب لتوثيق ابن حبان بنحو ما ذكره المعلمي وأتم منه، وقال في المرتبة الرابعة والخامسة: ” ... وكذلك الذين لا يعرفهم ابن حبان، فلا يحتج بهم لمجرد ذكره إياهم في الثقات. ومن ذكرهم ولم يصفهم بشيء، وهم كثير جدا، فإن كان لغيره كلام اعتمدناه، وإلا نظرنا في عدد تلاميذ الراوي، وشهرتهم في هذا الفن، ونظرنا هل الراوي مكثر أو مقل، فإن كان مكثرا، وهذا نادر، احتججنا به، وإن كان مقلا فلا نحتج به “ اهـ.
قلت: وهذه الأقوال من المحققين تؤكد ما أشرنا سابقا من أنه لا ينبغي الإعتماد على توثيق من عرف بالتساهل في توثيق الرواة المجاهيل كابن حبان والعجلي.
ولنرجع إلى الكلام على حديث الباب، فنقول: إن الحديث إسناده ضعيف، لأن فيه سعيد بن حيان التيمي، مجهول الحال، وقد تفرد به عن علي، ولم يتابع عليه.
يتضح مما تقدم أن حديث الباب إنما روي عن علي رضي الله عنه - موقوفا، ولم يصح عنه. وبالله التوفيق.
وللحديث طرق أخرى، نذكرها فيما يلي:
[أولا]: طريق جابر رضي الله عنه.
[1]  أخرج الدارقطني في سننه (1/419-420) والعقيلي - في ترجمة محمد بن سكين (برقم1635)-: كلاهما  من رواية محمد بن سكين مؤذن بني شقرة، من بني ضبة، حدثنا عبدالله بن بكير الغنوي، حدثنا محمد بن سوقة، عن محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبدالله، قال: قال رسول الله r: (( لا صلاة لمن سمع النداء ثم لا يأتي، إلا من علة ))
والحديث أشار إليه البخاري في التاريخ الكبير (ترجمة محمد بن سكين 1/1/111) وقال:      ” في إسناده نظر “.
قلت: وهو كما قال، لأن محمد بن سكين: لا يعرف، وخبره منكر، كذا قال الذهبي في الميزان، وقد حكي تضعيفه عن الحافظ ابن حجر- كما في موسوعاته الحديثية (برقم322). وشيخه عبدالله بن بكير الغنوي ذكره ابن حبان في الثقات، وقال الساجي: ” من أهل الصدق، ليس بالقوي “،
وأشار العقيلي إلى أن الحديث ضعيف الإسناد، وهو كما قال - لما تقدم.
[ثانيا]: طريق أبي هريرة رضي الله عنه.
[1] أخرج الحاكم في المستدرك (1/246) والدارقطني في سننه (1/420) من رواية سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال:    (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد )).
أشار إلى هذا الحديث صاحب موسوعة الحافظ ابن حجر الحديثية (برقم322) ونقل عن الحافظ تضعيفه لإسناد الحديث من أجل سليمان بن داود أبي الجمل، قال: ” هو ضعيف “.
قلت: وهو كما قال، وقال يحيى بن معين: ” ليس بشيء، وقال مرة كما قال البخاري: ” منكر الحديث “، وذكره ابن حبان في المجروحين، وقال: ” ضعيف “. وفيه أيضا عنعنة يحيى بن أبي كثير، و هو مد لس.
[ثالثا]: طريق عائشة رضي الله عنها.
(1)  أخرج ابن حبان في المجروحين - في ترجمة عمر بن راشد الجاري القرشي (برقم655)-،  قال: وروى عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، قالت: (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد )).  حدثناه محمد بن أيوب بن مشكان بطرية، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن موسى المقدسي، قال: حدثنا صالح بن أبي صالح كاتب الليث، قال: حدثنا عمر بن راشد، عن ابن أبي ذئب.
قلت: وهذا موضوع بهذا الإسناد، قال ابن حبان في عمر بن راشد الجاري: ” يضع الحديث عن مالك وابن أبي ذئب وغيرهما من التقات، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل القدح فيه، فكيف الرواية عنه “. وحكي في موسوعة الحافظ ابن حجر الحديثية (برقم321) أن الحافظ نقل في كتابيه      (( الكافي الشافي )) و(( الدراية )) - تضعيف ابن حزم لهذا لحديث.
[2]  وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف (1/345)، قال: حدثنا وكيع، عن منصور، عن عدي بن ثابت، عن عائشة، قالت: (( من سمع النداء فلم يجب لم يرد خيرا، أو: لم يرد به )).
قلت: وهذا إسناد منقطع، فإن عدي بن ثابت، لم يذكر في كتب التراجم أنه روى عن عائشة، والظاهر أنه لم يدركها، وقد توفي سنة ستة عشر ومائة، وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين.
فيتضح مما تقدم كله أن حديث: (( لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد )) - روي عن علي، وأبي هريرة، وعائشة - موقوفا عليهم، وعن جابر مرفوعا  ولم يثبت ذلك عنهم، لأن أسانيده كلها ضعيفة أو منقطعة.
و بالله التوفيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق