الاثنين، 6 يناير 2014

الادلة القاطعة على اباحة كشف وجه المرأة ورد ماحولها من شبهات











الدليل الاول
الدليل من القرآن الكريم هو قوله تعالى " وليضربن بخمرهن على جيوبهن "النور31 فلم ياتي الامر منه تعالى بضرب الخمر على الوجوه بل على الجيوب , والخمار في اللغة العربية هو غطاء الراس وليس غطاء الراس والوجه والادلة على ذلك هي .
الحديث الذي رواه الخمسة الا النسائي لا يقبل الله صلاة حائض الا بخمار صححه احمد شاكر والالباني يفهم منه ان الخمار هو غطاء الرأس وليس غطاء الرأس والوجه معا لان المراة متطلب منها ان تظهر وجهها في الصلاة .
ومثل ذلك الحديث الذي روى أبو داود عن أم سلمةرضي الله عنها أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار، قال : " إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها".

رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي .
ثم انه ثبت في صحيح البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم سمى او اطلق على عمامة الرجل خمار مع ان العمامة لا تغطي الوجه .


وفي "المعجم الوسيط" – تأليف لجنة من العلماء تحت إشراف" مجمع اللغة العربية" – ما نصه:
" الخمار: كل ما ستر ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك".
ومن اللغويين: الراغب الأصبهاني(ت502)قال في كتابه الفريد" المفردات في غريب القرآن" (ص159)
"الخمر، أصل الخمر: ستر الشيء ويقال لما يستتر به: (خمار) لكن (الخمار) صار في التعارف اسما ًلما تغطي به المرأة رأسها،وجمعه (خُمُر) قال تعالى: { وليضربن بخمرهن على جيوبهن}وابن منظور (ت711) والفيروزأبادي (816) وجماعة من العلماء المؤلفين ل" المعجم الوسيط"- كما تقدم- مع نص قولهمالصريح في أنه غطاء الرأس.
ملاحظة حرف ت يقصد بها سنة الوفاة.


اذن عندما يقول الله تعالى " وليضربنبخمرهن على جيوبهن " فهم منه كثير من الفقهاء ان وجه المراة ليس عورة لوجود امرين 
الاول ان الامر في هذه الاية الكريمة جاء بضرب الخمر على الجيوب لا على الوجوه .


وثانيا لأن الاخمار هو غطاء الرأس بناء على الفهم من احاديث النبي صلى اللهعليه وسلم . 


ونحن جميعنا نعلم ان علماء الحنابلة يفسرون الخمار على انه غطاء الرأس والوجه معا لكن الجمهور اي جمهور العلماء رايهم اقوى وادلتهم اقوى بناء على الادلة من احاديث المصطفى التي نقلت لكم بعضها في اعلاهالتي يفهم منها ان الخمار هو غطاء الرأس .
الدليل الثانى
حديث الخثعمية ألذي ورد في البخاري ومسلم‏ وغيرهما
وهو عن ابن عباس ان امرأة من خثعم استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم النحر والفضل ابن عباس رديف رسول الله وكان الفضل رجلا وضيئا فأخذ الفضل ينظر اليها وكانت امرأة حسناء وتنظراليه فاخذ رسول الله بذقن الفضل فحول وجهه الى الشق الاخر .
قال ابن بطال في هذاالحديث الامر بغض البص خشية الفتنة . ومقتضاه انه اذا امنت الفتنة لم يمتنع قال ويؤيده انه صلى الله عليه وسلم لم يحول وجه الفضل حتى ادمن النظر اليها لاعجابه بها, فخشي الفتنة عليه ,الى ان قال
وفيه دليل على ان نساء المؤمنين ليس عليهن من الحجاب ما يلزم ازواج النبي إذ لو لزم ذلك جميع النساء لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالاستتار ولما صرف وجه الفضل
شبهات حول هذا الدليل وردها
وأما قول المتشددين بالادعاءان حديث الخثعمية لا يصلح ان يكون دليلا عاما في الاحرام وغيرالاحرام بحجة انها محرمة، فهذه شبة رد عليها و كلام اجاب عليه الراسخون في العلم بردود قوية مفحمة منها
ان مثل هذا القول مخالف للفهم والقياس ‏الصحيح لأن الاحرام كما هو متفق عليه زيادة في العفاف لدرجة أنه يحرم القبل بين الزوجين فكيف يكون في نفس الوقت ‏نقصا فيه ويجعل المرأة تكشف شيء من عورتها كالوجه ! مالم يكن الوجه ليس عورة اصلا .

‏ورد آخر ودحض لهذه الشبهة هو أن المحرمة تشترك مع غيرالمحرمة في جواز ستر وجهها بان تسدل عليه غطاء الوجه"وليس بالنقاب" لأن النبي نهى عن النقاب كما في البخاري فلم لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الخثعمية بان تسدل على وجهها غطاء الوجه وقد كان الفضل يفتتن بها ؟ وهذايعني ان عدم امر النبي للخثعمية بتغطية الوجه إنما كان لان الوجه ليس عورة وليس لأنها محرمه. 

ويرد ايضا على هذا الادعاء بأنه مخالف للقياس من جهة اخرى لأنه قياس على اشياء ‏مباحة حظرها الاحرام كالتطيب وقص الشعروالاظافر بينما وجه المراة يفترض عندهم أنه ‏محظور ربما قد أباحه الاحرام وهذا فارق كبير .


لان المباحات التي يحضرها الاحرام إنما يقاس عليها مباحات اخرى حضرها الاحرام ولا يصلح أن يقاس عليها محرم يبيحه الاحرام ولذلك قياسهم خاطىء .


من جهة اخرى إنه" ص"لم ‏يقل للفضل لاتنظر إلى عورة المرأة و إكتفى بأن لوى عنقه للشق الاخر وقد كان الفضل ‏ينظر لوجهها ثلاثة أو اربع مرات .

وفي حديث رواه الترمذي وحسنه قال" ص" عن‏الخثعمية في ذلك الموقف عندما سأله العباس لم ‏لويت وجه ابن عمك ؟..رأيت شاب وشابة فلم امن الشيطان عليهما..
وهذاهو الشاهد منه فلو كان الوجه عورة لعلل" ص" في رده على العباس الامربالعورة بأن يقولرأيته ‏ينظر لعورتها فصرفت وجهه عن النظر اليها.


وأما القول انه لا دليل انه الخثعمية كانت كاشفة للوجه فقد توصف المرأة بانها حسناء لقامتها . 
والرد على ذلك اذن لماذا لوى النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل الى الشق الاخر ؟ مالم تكن كاشفة لوجهها .

واما القول ان فعله صلى الله عليه وسلم بأنه لوى وجه الفضل هو دليل على ان وجه المرأة عورة فإن مثل هذا الكلام اجيب عليه من آخر كلام "ابن بطال الذي اوردت كلامه " اعلاه حيث فيه مامعناه بأنه لو كانت وجوهالنساء عورة لما لوى النبي وجه الفضل ولأمر الخثعمية بان تغطي وجهها" راجع اعلاه كلام ابن بطال ". 

ويضاف على كلام ابن بطال ان لوي عنق الفضل لا يجعل من غيره ممتنعا عن النظر الى وجه الخثعمية بل ان النبي عليه الصلاة والسلام اخذ بالقاعدة التي في القرآن الكريم وهي " قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهن "
وهذه الاية فهم منها بعض العلماء ان في المرأة شيئا ليس عورة لانها تشعر أن في المرأة شيئا مكشوفا يمكن النظر اليه .
واما القول ان الخثعمية لم يأمرهاالنبي صلى الله عليه وسلم لانه لا يوجد احد يراها غيره والفضل وقد لوى عنقه .
فهذا الكلام ترده رواية الترمذي ان العباس سأل النبي لم لويت وجه ابن عمك؟
فهذه الرواية يتجلى منها ان العباس كان حاضر ا , ثم ان الواقعة يوم النحر عندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتي الناس .
وأماالزعم بأن حديث الخثعمية يحتمل انه وقع قبل فرض الحجاب فهذا خطأ لأن العلماءقد ذكروا ان قوله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِك َوَنِسَاءالْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَىأَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً* لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّاقَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُواتَقْتِيلًا*سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّة ِاللَّهِ تَبْدِيلًا * (الأحزاب : 59 -62)


قال بعض العلماء انها نزلت في السنة الثالثة للهجرة وقال آخرون انها نزلت في السنة الخامسة للهجرة بينما قصة الخثعميةانما هي في حجة الوداع اي في السنة الثامنة للهجرة .


واما الزعم ان حديث الخثعمية واقعة حال لا عموم لها فهذا قول مردود عليه بأن الخثعمية ليست هي الوحيدة التي لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بتغطية الوجه بل هناك وقائع اخرى
الدليل الثالث
حديث المرأةالسفعاء الخدين وهو عندما خطب الرسول عليه السلام خطبة العيد ومعنى الحديث ان النبي بعد ما وعظ الرجال وذكرهم مضى حتى اتى النساء فوعضهن وذكرهن فقال تصدقن فان اكثركن حطب جهنم فقالت امراة من سطة النساء سفعاء الخدين لم يارسول الله ؟ قال لانكن تكفرن العشيروتكثرن الشكاة .‏
رواه مسلم(19/3)والنسائي والبيهقي وغيره فلم يأتي في ‏الحديث انه "ص" امرها بتغطية الوجه حيثأن ظاهر الواقعة أنها اكاشفة للوجه والا من ‏اين علم راوي القصة أنها سفعاءالخدين .
شبهات حول هذا الدليل والرد عليها
فردوا عليه المتشددون باحتمال ان تكون المرأة امة ‏أو عجوز و هما غيرملزمتان بتغطية الوجه أوأن ذلك يحتمل أن يكون قبل فرض الحجاب ‏.
وهذا ممكن الرد عليه بقوة بأن هذه المرأة معروفة وانها هي اسماء بنت يزيد من بني الاشهل ابنة عم معاذ ابن جبل وهي شابة في عصر الرسالة وامراة حرة
والدليل على المراة التي في الحديث انها اسماء بيت يزيد هو 
ان اسماء بنت يزيد ذكرت في احدى رواياتها أنها هي التي سألت النبي "لم" عندما قال النبي في خطبة العيد يا نساء انتن اكثر حطب نار جهنم ورد ذلك في ‏مسند إسحاق ابن رهوية ووردت روايتها سندها عن مولاها مهاجر وهو ثقة لم يختلف عليه‏ وحسن هذه الرواية د /عبدالغفور البلوشي .
وقد حسن رواية اخرى لها العلامة شعيب الارناؤوط أحد محققي السنة النبوية ذكر بها نفس التاكيد ، ووردت روايتها في مسند الصحابة في الكتب السته ومعجم الطبراني الكبير‏وغيرهم .



وذكرالشيخ محمدالمنجد في احد دروسه ان السائلةهي اسماء بنت يزيد .




والدليل على انها شابه في عصر الرسالة .



لانها ماتت في خلافة يزيد ابن معاوية وقيل في خلافة عبدالملك ابن مروان أي بعد قرابة اربعون سنة من وفاتة الرسول فهل تكون من ماتت في هذه الفترة عجوزا في عصر الرسالة
. وهناك ادلة اخرففي بعض الروايات عن عائشة ان امراة جاءت تسال النبي "صلى الله عليه وسلم" عن الحيض وهي اسماء بنت يزيد كما في رواية اخرى ومن تسال عن الحيض لاتكون عجوزا .



واما القول ان ذلك محتمل ان يكون قبل فرض ‏الحجاب اجاب عليه العلماء ان هذا كلام غير صحيح بل الواقعة حدثت بعد فرض الحجاب لأن الامام البخاري عندما ذكرهذه القصة ذكر فيها زيادة أنه صلى الله عليه وسلم قرأ على‏النساء آية المبايعة للنساء وهي في آخر سورة الممتحنة وطبعا هذه الآية نزلت يوم الحديبية كما في صحيح البخاري نفسه ‏وذكر ابن القيم مرجحا فيزاد المعاد ان هذا اليوم في السنة السادسة ‏,للهجرة،وهناك راي انه في السنه السابعة بينما الاية التي تامر بادناء الجلباب نزلت في السنة الخامسة للهجرة في سورةألاحزاب‏.



وهي طبعا ليست امه لانها من الاوس من بني الاشهل . ..
ثم ان اهل التغليظ والتشديد في وجه المراة يضعون الاحتمالات حول حديث الخثعمية والحديث الاخير هذا حتى يبطلوا حجيتهما وهذا لا يصح بل الصحيح ان يقولوا رأيا وياتوا بادلة عليه كالادعاء مثلا ان الواقعتين قبل فرض الحجاب وياتوا بالادلة اما ان يضعوا شبهات الاحتمالات ولا يبحثوا فهذا لا يقبل منهم.
وليس هذا بمنهج علمي صحيح
ردود اخرى على شبهات المعارضين حول هذا الدليل
هذا الاستدلال رد عليه من عارضوه قالوا انه لا يصلح دليل لاحتمال ان تكون المرأة امة ‏أو عجوز و هماغيرملزمتين بتغطية الوجه أوأن ذلك يحتمل أن يكون قبل فرض الحجاب او تفرد جابر بوصف وجهها . 
ولكن هذه الافتراضات ليست صحيحة البتة لان هذه المرأة المبهمة التي في الحديث تبين انها الصحابية الجليلةاسماء بنت يزيد من بني الاشهل وهي شابة في عصر الرسالة وامراة حرة وليست امة واليكم الادلة على ذالك لكن قبل ذالك اقول .
ذكر الامام الحافظ ابن حجر العسقلاني في الفتح حيث لمح بقوة بل اشار على ان السائلة هي الصحابية الجليلة اسماء بنت يزيد عندما علق على الحديث الذي في البخاري حديث ابي سعيد الخدري قوله صلى الله عليه وسلم يا معشر النساء تصدقن فاني رايتكن اكثر اهل النار فقامت امراة فقالت لم يارسول الله قال هي اسماء يعني بنت يزيد لانه في موضع من الفتح قبله ببضع اسطر قد ذكر انها اسماء بنت يزيد انتهى كلامه رحمه الله وقد جمع في هذا روايتي البخاري ومسلم ذكر ذالك في "بَاب تَعْلِيمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّتَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ مِمَّا عَلَّمَهُ اللَّهُ لَيْسَ بِرَأْيٍ وَلَا تَمْثِيلٍ" 
ولم يذكر في تراجم الرجال انها من الاماء او كانت منهن ثم كيف تكون من الاماء وهي من الاوس وهي احدىالعائلتين العريقتين في المدينة وهما الاوس والخزرج ؟ . وقد استدل الامام ابن حجر على ان المراة التي فيالحديث انها اسماء بيت يزيد على رواية رواها الطبراني في معجمه الكبير ورواها البيهقي في الشعب وهذه الرواية ايضا في مجمع الزوائد للهيثمي وحققها الشيخ الالباني تصحيحا ‏ حيث ان اسماء بنت يزيد ذكرت في احدى رواياتها هذه أنها هي التي سألت النبي " لم ؟ " عندما قال النبي في خطبة العيد يا نساء انتن اكثر حطب نار جهنم . ‏
والرواية الاولى اقرب الى ما جاء في صحيح مسلم في الالفاظ وهي عن عن شهر بن حوشب عن اسماء بنت يزيد قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى النساء في جانب المسجد فإذا أنا معهن فسمع أصواتهن فقال يا معشر النساء إنكن أكثر حطب جهنم فناديت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت جريئة على كلامه فقلت يا رسول الله لم قال إنكن إذا أعطيتن لم تشكرن وإذا ابتليتن لم تصبرن وإذا أمسك عليكن شكوتن وإياكن وكفر المنعمين فقلت يا رسول الله وما كفر المنعمين قال المرأة تكون عند الرجل وقد ولدت له الولدين والثلاثة فتقول ما رأيت منك خيرا قط .
كما قلت رواها البيهقي في الشهب والطبراني في الكبير , وفي مجمع الزوائد للهيثمي . قال الهيثمي معلقا على الرواية التي في مجمعه قال رجاله رجال الصحيح غير شهر ابن حوشب وهو ضعيف وقد وثق , وصحح المحقق الارنؤط رواية مثلها عند احمد . 
ولكن الاهم ان هذه الرواية تشهد لها رواية في مسند اسحاق بن رهوية وروها البخاري في الادب المفرد والطبراني في الكبير واللفظ للبخاري بسنده المتصل الى محمد بن مهاجر عن أبيه عن أسماء ابنة يزيد الأنصارية : " مر بي النبي صلى الله عليه وسلم و أنا في جوار أتراب لي ، فسلم علينا وقال : « إياكن وكفر المنعمين » ، وكنت من أجرئهن على مسألته ، فقلت : يا رسول الله ، وما كفر المنعمين ؟ قال : « لعل إحداكن تطول أيمتها من أبويها ، ثم يرزقها الله زوجا ، ويرزقها منه ولدا ، فتغضب الغضبة فتكفر فتقول : ما رأيت منك خيرا قط . 
الحديث قال فيه البخاري حدثنا مخلد قال : حدثنا مبشر ابن إسماعيل عن ابن أبي غنية عن محمد بن مهاجر عن ابيه عن اسماء بينت يزيد . قال الشيخ الالباني : في السلسلة الصحيحة و هذا إسناد جيد ، رجاله كلهم ثقات رجال " الصحيح " غير مهاجر و هو ابن أبي مسلم روى عنه جماعة من الثقات غير ابنه محمد هذا ، و ذكره ابن حبان في " الثقات " . انتهى وروى مثلها الطبراني في الكبير وفي معجم الشاميين وحققها شعيب الارنؤوط , وروى اسحاق بن رهوية روية وحققها تصحيحا الدكتور عبدالغفور البلوشيء وروى ايضا الحميدي رواية لها نفس المتن حققها الارنؤوط بقوله حسنة , وروايات ايضا عند احمد حققها الارنؤط واحدها الالباني .
* * * 

وهذه الواقعة هي نفسها الواقعة التي في الحديث الاول التي في صحيح مسلم لانه تبين بربط كل الروايات في هذه الواقعة خاصة ان عبارة تكفرن العشير التي في رواية مسلم تعني جحود فضل الزوج من قبل زوجنه وهي نفس المعنى في قول اسماء ناقلة عن النبي عليه السلام اياكن وكفر المنعمين التي وردت في مسند اسحاق ابن رهوية ومثل التي رواها البخاري في الادب المفرد والا ما قال بعض العلماء ان السائلة هي اسماء بنت يزيد بل تطابق كثيرا ما جاء في رواية مسلم مع رواية الهيثمي والطبراني في المعجم الذي ذكرتها اولا.
والمعروف كما قلت ان اسماء بنت يزيد هي خطيبة النساء يسمونها لانها كانت تبادر وتسال النبي حتى في غيرهذه الواقعة .

الادلة على انها شابه في عصر الرسالة
اولاً في بعض هذه الروايات السابقة التي نقلتها تقول اسماء بنت يزيد عن نفسها انها كانت مع جوارٍ اتراب لهاحين جاء اليهم النبي ومعنى جوار هنا اي شابات صغيرات . ويعضد هذا الاستدلال انه جاء في احد الروايات عندما كان النبي عليه الصلاة والسلام يحدث النساء عن حقوق الزوجية ومنها عدم افشاء سر الزوجية وفيها وصف للسائلة من قبل ابا هريرة رضي الله عنه "فَجَثَتْ فَتَاةٌ كَعَابٌ عَلَى إِحْدَى رُكْبَتَيْهَا، وَتَطَالَتْ لِيَرَاهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْمَعَ كَلَامَهَا". فمعنى "فتاة كَعَاب" المرأة حين يبدو ثديها للنهوض ، وهي الكاعب أيضاً ، وجمعها كواعب. وهذا دليل على الشباب . والرواية رواها احمد وفيها ضعف ففي سندها الطفاوي وهو مجهوللكنه تابعي من الطبقة الوسطى . ولكن بالرغم من ذلك فهذه الرواية انما يصلح ان يستشهد بها لأن مجموع الروايات يؤكد ان المراة هي اسماء بنت يزيد وانها كانت شابة حينذاك وعند احمد رواية اخرى عن اسماء بنت يزيد تثبت انها كانت المتكلمة عندما تحدث النبي عن مسالة اسرار الزوجية وتشهد لهذه الرواية .
ثانياً
من الادلة التي قد يستدل بها على ان اسماء بنت يزيد كانت شابة في عصر الرسالة رواية تثبت انها كانت مما ياتيهن الحيض وكانت تاتي لتسأل النبي في هذا الامر حيث روى الامام الخطيب بسنده المتصل الى شعبة عن إبراهيم بن المهاجر عن صفية بنت شيبة عن عائشة: أن أسماء بنت يزيد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الغسل من الحيض فقال: " تأخذ سدرتها وماءها فتغسل رأسها، وتدلكه دلكاً شديداً حتى يبلغ الماء شؤون رأسها، ثم تأخذ فرصة ممسكة فتطهر بها " قالت: كيف أتطهر بها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " سبحان الله العظيم! تطهرين! " قالت عائشة تشير إليها: تتبعين آثار الدم. واصل الحديث في مسلم في متابعاته ورواه البخاري دون ذكر اسمها لكن متن روايته امراة من الانصار .

يضاف الى ذالك ان اسماء بنت يزيد ماتت في خلافة يزيد بن معاوية اي بعد قرابة خمسين عام من وفاة النبي عليه الصلاة والسلام على الاقل مما يعني انه يستبعد ان تكون من القواعد في عصر الرسالة . 
واما القول ان ذلك محتمل ان يكون قبل فرض ‏الحجاب فقد رد الشيخ على هذا في الحقيقة فقال في كتابه حجاب المراة المسلمة وهو الكتاب الاخر له اظن بعد "جلباب المراة المسلمة" . اجاب عليه الالباني ان هذا كلام غير صحيح بل الواقعة حدثت بعد فرض الحجاب لأن الامام البخاري عندما ذكرهذه القصة ذكر فيها زيادة أنه صلى الله عليه وسلم قرأ على ‏النساء آية المبايعة للنساء وهي في آخر سورة الممتحنة وهذه الآية نزلت يوم الحديبية كما في صحيح البخاري نفسه ‏وذكر ابن القيم مرجحا في زاد المعاد ان هذا اليوم في السنة السادسة ‏,للهجرة،وهناك راي انه في السنه السابعة بينما الاية التي تامر بادناء الجلباب نزلت في السنة الخامسة للهجرة في سورةألاحزاب وقيل في السنة الثالثة .

ودليل اخر لم يذكره الشيخ على ان الواقعة بعد فرض الحجاب حيث ان ابا هريرة ايضا روى بعض الرويات عن هذه الواقعة وهو قد صحب النبي في السنة السابعة هـ فاذن الواقعة ليست محموله على انها ناقلة عن الاصل"قبل فرض الحجاب" وعلى ذالك لا يكون ستر وجوه النساء فرض ان شاء الله . من ذالك ماورد في سنن الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ النَّاسَ فَوَعَظَهُمْ ثُمَّ قَالَ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ فَإِنَّكُنَّ أَكْثَرُ أَهْلِ النَّارِ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ وَلِمَ ذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِكَثْرَةِ لَعْنِكُنَّ يَعْنِي وَكُفْرِكُنَّ الْعَشِيرَ الخ قال الترمذي حسن صحيح وروى مثل هذه الرواية ابن خزيمه في صحيحه وابو يعلى في مسنده واحمد كذالك ابو نعيم وغيره وبعض هذه الروايات لها اسناد مختلف عما رواه الترمذي . 

ورى الامام ابو بكر الخرائطي رواية ايضا وسانقلها لكم بعد قليل . 

وهي طبعا ليست امه لانها من الاوس من بني الاشهل . ولم يذكر في سيرتها انها كانت من الاماء في كتب منها سير اعلام النبلاء .

اما القول ان هذه المراة التي وصفت بسفعاء الخدين لم يذكر ذالك الا الصحابي جابر بن عبدالله مما يعني ذالكانه ليس غيره راى وجهها مما يعني احتمال ان يكون قد سقط غطاء وجهها بدون قصد منها يرد على ذالك ان هناك من الصحابة من راى وجه المراة ووصف خديها وعلى ذالك لا يكون كشف وجهها بدون قصد والا لما شاهدخديها اكثر من صحابي وهو ان هذه االمراة سالت النبي صلى الله عليه وسلم سؤال اخر في نفس هذه الواقعة ومما يدل على ان هذه المراة هي اسماء بنت يزيد وانها نفس الواقعة التي في صحيح مسلم ولكن فيها ذكر سؤال للنبي للنسوة لم يذكر في رواية مسلم . فقد روى الامام ابو بكر الخرائطي وهو علم من اعلام الاسلام في مساوئ الاخلاق بسنده المتصل الى أبي هريرة قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ،وفيه نسوة من الأنصار ، فوعظهن ، وذكرهن ، وأمرهن أن يتصدقن ، ولو من حليهن ، ثم قال : « ألا عست امرأة أن تخبر القوم بما يكون من زوجها إذا خلا بها ، ألا هل عسى رجل أن يخبر القوم بما يكون منه إذا خلا بأهله » . قال : فقامت امرأة سفعاء الخدين ، فقالت : والله إنهم ليفعلون ، وإنهن ليفعلن . قال : « فلا تفعلوا ذلك ، أفلا أنبئكم ما مثل ذلك ؟ مثل شيطان لقي شيطانة بالطريق ، فوقع بها ، والناس ينظرون » (1)ورجاله معظمهم رجال الصحيح عدا أحمد بن ملاعب بن حيان .
قال عنه الالباني فهو من الحفاظ المعروفين ، ترجمه الخطيب ( 5 / 168 - 170 ) ترجمة ضافية ، روى فيها توثيقه عن جمع من الحفاظ منهم عبد الله ابن أحمد و الدارقطني ، و وصفه الذهبي في " تذكرة الحفاظ " و غيره بـ " الحافظ الثقة " انتهى كلام الالباني . وروى له البيهقي والحاكم وابو عوانة والدارقطني كذالك الشيخ الالباني صححه في السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 3153 
وفي الحديث قرينة على ان الواقعة هي نفس التي في صحيح مسلم لان الالفاظ التي وضعت تحتها خط متطابقة مع ما ورد في صحيح مسلم وهذا يعني لا معنى من رد رواية مسلم حتى لا يحتج بها ولم يتفرد جابر بوصف وجهها والظاهر ان صلاة العيد كانت تصلى في مصلى العيد وسمي مسجد . 
وايضاً يؤكد ان السائلة هي اسماء بنت يزيد ما رواه احمد بسنده الى شهر مولى اسماء بنت يزيد قال : حدثتني أسماء بنت يزيد أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والرجال والنساء قعود عنده . فقال : لعل رجلا يقول ما يفعل بأهله ، ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها ، فأرم القوم . فقلت: إي والله ، يا رسول الله ، إنهن ليقلن ، وإنهم ليفعلون , قال : فلا تفعلوا ، فإنما مثل ذالك مثل الشيطان لقي شيطانة في طريق فغشيها والناس ينظرون.(2) بل ان كل الروايات بمجموعها تؤكد على ان المراة هي اسماء بنت يزيد وان صفة وجهها كانت سفعاء الخدين . 
ثم يبعد ان يكون غطاء وجهها قد سقط بدون قصد ثم غطته بسرعه لان ذالك لو كان هو صحيح ماستطاع لا جابر وغير غيره ان يصف وجهها . وقد يدعي البعض ان ما جاء في رواية عبد الملك بن ابي سليمان عن عطاء عن جابر وهي عبارة امراة من سطة او سفِلة النساء سفعاء الخدين هي زيادة شاذة لانها لم يرويها الا عبدالملك بن سليمان بينما رواية ابن جريج عن عطاء عن جابر والتي في مسلم ليس بها وصف وجه المراة وقد رد بعض العلماء على ذالك بان هذا الكلام غير صحيح بل هي زيادة الثقة التي لا تخالف ولهذا قبلوا زيادة مالك في صدقة الفطر، وقبلوا نحو هذه الزيادات. كلام الأئمة في هذا الباب لا يخفى عليكم. وقد يضاف على ذالك ان ابا هريرة ايضا في احد روايتيه التي نقلتها لكم وصف وجه المراة بانها سفعاء الخدين .
.............................
وبالمناسبة قد يرى بعض العلماء ان المراة هي اميمة بنت رقيقة لكن حتى هذه لم تكن امة ولا عجوزا حينذالك ,لكن الراجح ان السائلة هي اسماء بنت يزيد وبينت ذلك في في حديث اسماء بنت يزيد لنفسها لانها هي روت بنفسها انها هي السائلة . 

أما القول بانه لا دليل على ان النبي رآها واقرها على كشف وججها .
يرد على هذا ان السنة التقريرة ليست محصورةً بنوع واحد فاعلاها هو ان يفعل احد الصحابة او يقول شيئا ثميستبشر النبي صلى الله عليه وسلم لفعله او يصوبه مثل هذا الحديث أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ : عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَسَنِ الأَسَدِىُّ بِهَمَذَانَ حَدَّثَنَا عُمَيْرُ بْنُ مِرْدَاسٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ : خَرَجَ رَجُلاَنِ فِى سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلاَةُ وَلَيْسَ مَعَهُمَا مَاءٌ ، فَتَيَمَّمَا صَعِيدًا طَيِّبًا فَصَلَّيَا ، ثُمَّ وَجَدَا الْمَاءَ فِى الْوَقْتِ ، فَأَعَادَ أَحَدُهُمَا الصَّلاَةَ وَالْوُضُوءَ وَلَمْ يُعِدِ الآخَرُ ، ثُمَّ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ لِلَّذِى لَمْ يُعِدْ :« أَصَبْتَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْكَ صَلاَتُكَ ». وَقَالَ لِلَّذِى تَوَضَّأَ وَأَعَادَ :« لَكَ الأَجْرُ مَرَّتَيْنِ ».رواه البيهقي والحاكم والطبراني في الكبير والاوسط والدارمي . 
ولكن يدخل في السنة التقريرة ما يسمى الاقرار السكوتي وهو ان يفعل في حضور او حياة النبي فعلا معيناويسكت عليه كما ورد في الصحيحين عن جابر : " كنا نعزل والقرآن ينزل " فاحتج الصحابي على جواز العزل بإقرار الله وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم بذلك . والمراد بالعزل هنا أن ينزل الرجل منيه خارج موضع الجماع من المرأة .
واستدل الصحابي بدلالة الإقرار . وكذالك الحديث الذي رواه البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي والطحاوي وغيره عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَهْدَتْ أُمُّ حُفَيْدٍ خَالَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقِطًا وَسَمْنًا وَأَضُبًّا فَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَقِطِ وَالسَّمْنِ وَتَرَكَ الضَّبَّ تَقَذُّرًا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 
ثم ان حديث مسلم فيه فقامت امراة وفي رواية للترمذي "ضعيفة"تطاولت امراة ليراها النبي" لكن يشهد لهارواية مسلم "فقامت" وهل يعقل لا يراها النبي بعدما قامت حتى يراها . 
الدليل الرابع
:ما رواه ابو داود عن الوليد ابن مسلم عن ‏سعيد ابن بشير عن قتادة عن خالد ابن دريك عن عائشة مرفوعا للنبي "ص" ان المرأة إذابلغت المحيض لايصلح ‏أن يرى من الاهذا وهذا وأشار لوجهه وكفيه
شبهات حول هذا الدليل والرد عليها .
قال المتشدون ان هذا مرسل ضعيف ، وأحد رواته ‏ضعيف وهو سعيد ابن بشير وفيه الوليد ابن مسلم وهو مدلس وكذلك قتادة ايضا مدلس وقالوا ان متن الحديث غير مقبول اذ كيف تدخل اسماء في بيت النبي بهذه الثياب الرقيقة . 

ورد عليهم ناصر السنة ردودا جيدة وكذلك صحح هذا الحديث بعض علماء الازهر الشريف رحمهم الله بالقول
ان هذا الحديث قد تقوى بطرق اخرى فقد روي كذلك عن قتادة بطريق آخر غير طريق ‏الرواي الضعيف "سعيد ابن بشير" وليس فيه "في سنده" الوليد ابن مسلم رواه ابوداود في كتابه المراسيل قال ابو داوود
حدثنا محمد ابن بشار قال حدثنا ابن داود قال حدثنا هشام عن قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان الجارية اذا حاضت لا تبدي الا وجهها وكفيها الى المفصل . 

فهذا عن هشام الدستوائي وليس عن سعيد ابن بشير وهشام هذا هو ابن ابي عبدالله الدستوائي امير المؤمنين في الحديث ثقة ثبت من رجال الشيخين . 
ومحمد ابن بشار وابن داوود ائمة في الحديث .



ثم إن الحديث يتقوى بطريق"رواية" ‏ثالث رواه البيهقي والطبراني في معجمه الكبير والاوسط وهو "مسند"متصل
وهذه الرواية * روى الطبراني حدثنا أبو الزنباع روح بن الفرج حدثنا عمرو بن خالد الحراني حدثنا بن لهيعة عن عياض بن عبد الله أنه سمع إبراهيم بن عبيد بن رفاعة الأنصاري يخبر عن أبيه عن أسماء بنت عميس أنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على عائشة بنت أبي بكر وعندها أختها أسماء وعليها ثياب سابغة واسعة الأكمة فلما نظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فخرج فقالت لها عائشة تنحي فقد رأى منك رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرا كرهه ففتحت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عائشة لم قام فقال أولم تري الى هيأتها انه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها الا هكذا وأخذ كميه فغطى بهما ظهور كفيه حتى لم يبد من كفيه الا أصابعه ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد الا وجهه (24/ 143) *

‏وهذه الرواية مستقلة عن سابقيها أي أن رواتها مختلفون , وابن لهيعة ضعيف لكن روايته في الشواهد والمتابعات لا تقل عن رتبة الحسن . 

ومن المعلوم أن القاعدة المعمول ‏بهاعند علماء وفقهاء الحديث هي أن الحديث إذا كثرت طرقة حتى لو كان بها ضعفا ‏تقوي بعضها بعضا فيعتبرالحديث حسنا على ألا أن لايكون ضعف رواتها طعنا في ‏عدالتهم بل في الحفظ أو إنقطاع يسير في الاتصال كالمرسل .



ثم إن الحديث المرسل اذا عضد برواية مسنده وإن كانت بها شيء من الضعف تتقوى بها . 

ولذلك حسن هذا الحديث الالباني رحمه الله وعامة علماء الازهر وحسنه الامام الهيثمي في مجمع الزوائد . 
ومن شواهده ايضا قال الالباني رحمه الله ان البيهقي واوفقه الالباني قد حسنا هذا الحديث لأن عائشة رضي الله عنها قد ثبت عنها قولها"تسدل الثوب على وجهها إن شاءت"اي المحرمة رواه البيهقي وهو حديث حسن صحيح 
فإستخدام عائشة رضي الله عنها لعبارة ان شاءت تدل على ان عائشة لا ترى وجوب تغطية الوجه للمراة وهذا يفيد انه لا بد ان وصلها شيء من رسول الله في هذا الشأن



ويتقوي حديث عائشة هذا المرفوع المسمى حديث اسماء بموافقته لحديث الخثعمية وحديث المرأةالسفعاء الخدين وغيره .



شبهات المتشددين حول حديث اسماء ونقل بعض الردود عليها وتفنيدها قال الالباني رحمه الله


الشبهة الأولى: 

استبعد أحد الفضلاء- ثم قلده من لا علم عنده- أن تدخل أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق! وزاد على ذلك أحد أولئك المتعالمين المتهافتين على الكتابة فيما لا يحسنون، فسَوَّد سبع صفحات من كتيبه في بيان غيرة زوج أسماء- وهو الزبير ابن العوام- وحيائها هي من رسول الله صلى الله عليه وسلم،ومراعا تها لحق زوجها، مما لا علاقة له بالموضوع أصلاً سوى التمويه، والمغالطة المقرونة بالمبالغة في رفع غير المعصوم إلى مرتبة العصمة! وبعد هذا نقول:


ان الجواب من وجهتين: 

الأول : أن الاستبعاد المذكور ليس له علاقة بمتن الحديث الذي هو من قوله صلى الله عليه وسلم،وثبت عنه بمجموع طرقه وشواهده، وجريان العمل به من الصحابة ومن بعدهم كما تقدم، فلا يضرّه ولا يوهن من صحته أن يأتي في بعض طرقه ما يستبعد أو يستنكر، وسنده ضعيف كما كنت بينته في كتابي" الحجاب" سابقاً، وهنا أيضاً، فيترك هذا منه، ويستشهد بما فيهمما وافق الطرق الأخرى والشواهد، وقد أشار ابن تيمية رحمه الله إلى هذه الحقيقة التي غفل عنها المنكرون بقوله في كلمته الرائعة المتقدمة (ص97):

فيعلم قطعاً أن تلك الواقعة حق في الجملة". 

يعني: ليس في التفاصيل التي لم تتفق الطرق عليها، فالمستبعد من هذا القبيل، كما هو ظاهر لكل ذي بصيرة.



ومن هذا المنطلق كنت قلت في "الإرواء" (6/ 203): 

فالحديث بمجموع الطريقين حسن ما كان منه من كلامه صلى الله عليه وسلم، وأما السبب، فضعيف لاختلاف لفظه في الطريقين كما ذكرت".
والوجه الآخر: استبعاد ذلك مكابرة مكشوفة طالما رأينا منهم أمثالهم، ذلك لأنه ليس في الشرع- ولا في العقل- مما يمنع من وقوع ذلك من أسماء أو غيرها، لانتفاء العصمة كما ذكرت آنفاً، كيف وقد استجاز النبي صلى الله عليه وسلم أن يقع من عائشة المطهرة أخت أسماء ما يهوِّن ذكر ما استبعده هؤلاء عن أسماء، ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم لعائشة في قصة الإفك:



"إن كنت ألممت بذنب، فاستغفري الله وتوبي إليه…"الحديث؟! 

رواه الشيخان وغيرهما، وهو مخرج في " الصحيحة" (120



أضف إلى ما تقدم، انه ليس في حديث أسماء أنها لبست الثياب الرقاق تبرجاً ومخالفة للشرع، فلو أنه صح ذلك عنها- ولم يصح كما علمت – لوجب حمله على أنه كان منها عن غفلة أو لغير علم، فقد وقع نحوه لحفصة ابنة أخيها عبد الرحمن، فقالت أم علقمة بن أبي علقمة:



"دَخَلَتْ حفصة بنت عبد الرحمن على عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى حفصة خمار رقيق، فشقته عائشة وكستها خماراً كثيفاً". 

أخرجه مالك في "الموطأ" (3/103). 
فثبت من هذا البيان، أن ما استبعدوا غير مستبعد شرعاً ولا عقلاً، على أنه لم يثبت، وأنه لو ثبت لم يخدج في متن الحديث. والله ولي التوفيق.




الشبهةالثانية:


قال العلامة الالباني رحمه الله زعموا أن الحديث لو كان صحيحاً لما خالفته أسماء بنت أبي بكر التي وجَّه الحديث إليها، فقد كانت تغطي وجههامن الرجال وهي محرمة! رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم .
فنقول: 

أولاً:لم تتفق الطرق على ذكر أسماء في الحديث كما اتفقت على متنه، فإن ثبت ذلك من أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه الحديث إليها،فالجواب:
ثانياً:قد قررنا مراراً أن تغطية المرأة وجهها هو الأفضل، خلافاً لما افتراه الأفّاكون علينا، فأسماء رضي الله عنها قد أخذت بالأفضل، وتركت ما هو جائز لها، فلا إشكال، وإنما كان من الممكن أن يصحَّ زعمهم لوكان يدل الحديث على وجوب كشف المرأة عن وجهها، وهذا مما لا يخطر في بال أحد، إلا أن يكون أعجميّاً لا يفقه من العربية شيئاً! كما فعل بعضهم حينما نسبني إلى مخالفة فتوايَ تقوايَ- على حد تعبيره- كما كنت شرحت ذلك في المقدمة الثانية لكتابي"الحجاب؟"، فراجعها إن شئت، فالظاهر أن الزعم المذكور قائم على مثل هذه العُجمة ،وإلا لما قال قائلهم:"فما لأسماء لم تعمل بحديث السفور؟!".




الى ان قال رحمه الله فما مثل هذا إلا كما لو قال قائل: ما بال بلال رضي الله عنه لم يعمل بالاستثناء في قوله تعالى:{إلا أن تتقوا منهم تُقاة} (آل عمران: 2


، وقوله: { إلا من أُكره وقلبه مطمئن بالإيمان}(النحل: 106)، كما فعل عمار رضي الله عنه، كما يروي عنه أنه قال كلمة الكفر إبقاءً لمهجته؟! لا يقول هذا العربي ! بل ولا أعجمي مستعرب! لأنه إنما يفيد الجواز، فأ خذبه أترى الفقه الأعجمي مجسداً مجسماً!



شبهة ثالثة:يقول العلامة الالباني قال أحد الفضلاء:
"وعلى التسليم بصحة الحديث يحمل على ما قبل الحجاب، لأن نصوص الحجاب ناقلة عن الأصل فتقدم"!


فأقول: لا يصح الحمل المذكور هنا لأمرين:
الأول: أنه ليس في تلك النصوص ما هو صريح الدلالة على وجوب ستر الوجه واليدين، حتى يصح القول بأنها ناقلة عن الأصل.


ثم قال: ما يتعلق بالمرأة إذا خرجت من بيتها، وهو الجلباب،فالنصوص الواردة فيه قسمان أيضاً:
الأول: ما كان خبراً عن تجلبب النساء في عهده صلى الله عليه وسلم، فما كان من هذا النوع منصوصاً فيه على ستر الوجه- كحديث عائشة في قصة الإفك، ونحوه مما كنت ذكرته في فصل " مشروعية ستر الوجه"- فلا علاقة له بالبحث، لأنه مجرد فعل لا يصلح أن يكون ناقلاً من الأصل إلى التحريم، وهذا ظاهرلا يخفى على عالم فقيه منصف، وإن غفل عنه بعض الدكاترة!



والآخر: ما كان تشريعاً يتضمن أمراً بخلاف ما كانوا عليه من قبل، وليس من هذا إلا آية " إدناء الجلابيب"، وآية "ضرب الخمر على الجيوب"، وليس فيهما دليل على تحريم كشف الوجه واليدين، لا لغة ولا شرعاً، كما سبق تحقيقه- بما لا مزيد عليه- فيما تقدم من البحوث.


هذا الكلام بعض ماقال الشيخ رحمه الله في كتابه الرد المفحم اما في كتابه حجاب المراة المسلمة فقد اضاف ردا ثالثا مهما وهو ان هذا الحديث موافقا لحديث الخثعمية والذي تبين انه بعد فرض الحجاب في القرآن الكريم "واسماه جريان العمل علي هاي على هذا الحديث الذي نقلت لكم من صححه ولماذا ؟" وقد لمح الى هذا ايضا في كتابه الرد المفحم.
الدليل الخامس
حديث عائشة كن نساء المؤمنات يصلين الفجر مع النبي الى قولها لا يعرفت من الغلس , فهو معناه لولا الغلس لرؤيت وحوههن لانها مكشوفة ئؤكد ذلك رواية اخرى لها ما يعرف بعضنا وجوه بعض رواه ابويعلى
الدليل السادس
قال تعالى {29}قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} 
ووجه الاستدلال بها قال الالباني رحمه الله لأن هذه الاية الكريمة تشعر ان في المراة شيئا مكشوفا يمكن النظر اليه فلذلك امر الله تعالى بغض النظر عنهن وما ذلك غير الوجه وكذلك الكفين ومثلها قوله صلى الله عليه وسلم "اياكم والجلوس في الطرقات ...فاذا ابيتم الا المجلس فاعطوا الطريق حقه قالوا وما حقه قال غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكررواه البخاري ومسلم وابو داوود والبيهقي واحمد واحتج به الشيخ الالباني بهذا الاستدلال 
الدليل السابع
قوله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله و بيوتهن خير لهن و ليخرجن تفلات رواه الطبراني واحمد وابو داوود وصححه الالباني في إرواء الغليل 515 
لان معنى تفلات اي غير متجملات ولا متعطرات ووجه الاستدلال من هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينهى عن التجمل الا اذا كان هناك شيء في المرأة لا يتوجب عليها ستره لأن التجمل هو اظهار الزينة كالكحل وصبغة الحمرة في الوجه والكف وغير ذلك
الدليل الثامن
 روى الامام الحافظ ابو نعيم في حلية الاولياء بسنده المتصل ورجاله لا بأس بهم عن عمران ابن حصين ولسوف اذكر الحديث بمعناه الا الجزئية التي هي يكون بها الشاهد 
عن عمران ابن حصين انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي دعنا نطلق الى فاطمة حتى أرى حالها واطمئن عليها فلما ضرب الباب قالت لا استطيع ان افتح الباب لان الدرع قصير فاذا غطيت شعر رأسي به انكشفت اقدامي وان غطتي به اقدامي انكشف رأسي فالقى النبي صلى الله عليه وسلم عمامته وحذفها عليها وقال خمري بهذا رأسك . 
وهذا هو الشاهد منه فالنبي صلى الله عليه وسلم امر بأن يخمر الرأس ولم يقل رأسك ووجهك ولقد نقلت لكم الادلة التي استدل بها العلماء خاصة الالباني رحمه الله في ان الخمار هو غطاء الرأس وليس غطاء الراس والوجه معا عند الكلام بالاستدلال من القرآن في اول مشاركة في هذا الموضوع وهذا الحديث يؤكد كلامه .
الدليل التاسع
الحديث الذي في الصحيحين تلك المرأة التي كشفت وجهها لتعرض نفسها للنبي ولصحابته ان يتزوجها احدهم وفعلا رغب فيها صحابي . وبعدما قبل بها لم يامرها النبي بستر وجهها لا قبل ذلك ولا بعد ذلك
الدليل العاشر
قوله تعالى في هذه الآية: (ولو أعجبك حُسْنُهن) 

يؤكد ذلك قوله تعالى لرسوله: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن). (الأحزاب: 52) . 

قال الشيخ القرضاوي فمن أين يعجبه حسنهن ، إذا لم يكن هناك مجال لرؤية الوجه ؟.
شبهات للمانعين حول هذا الاستدلال وردها
ورد عليه غيره قالوا هذا خاص بالنبي عليه الصلاة والسلام وحده لأنه هو الوحيد الذي يجوز له رؤية النساء . 
لكن قولهم هذا اجيب عليه بالتالي :- بهذا الحديث
الذي في البخاري ورواه ابن حبان والبيهقي بسندهم الى ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَأَلَعَائِشَةَ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى { وَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لَا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } فَقَالَتْ يَا ابْنَ أُخْتِي هَذِهِ الْيَتِيمَةُ تَكُونُ فِي حَجْرِ وَلِيِّهَا تَشْرَكُهُ فِي مَالِهِ وَيُعْجِبُهُ مَالُهَا وَجَمَالُهَا فَيُرِيدُ وَلِيُّهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ أَنْ يُقْسِطَ فِي صَدَاقِهَا فَيُعْطِيَهَا مِثْلَ مَا يُعْطِيهَا غَيْرُهُ فَنُهُوا عَنْ أَنْ يَنْكِحُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يُقْسِطُوا لَهُنَّ وَيَبْلُغُوا لَهُنَّ أَعْلَى سُنَّتِهِنَّ فِي الصَّدَاقِ فَأُمِرُوا أَنْ يَنْكِحُوا مَا طَابَ لَهُمْ مِنْ النِّسَاءِ سِوَاهُنَّ قَالَ عُرْوَةُ قَالَتْ عَائِشَةُ وَإِنَّ النَّاسَ اسْتَفْتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ } قَالَتْ عَائِشَةُ وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي آيَةٍ أُخْرَى{ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } رَغْبَةُ أَحَدِكُمْ عَنْ يَتِيمَتِهِ حِينَ تَكُونُ قَلِيلَةَ الْمَالِ وَالْجَمَالِ قَالَتْ فَنُهُوا أَنْ يَنْكِحُوا عَنْ مَنْ رَغِبُوا فِي مَالِهِ وَجَمَالِهِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ إِلَّا بِالْقِسْطِ مِنْ أَجْلِ رَغْبَتِهِمْ عَنْهُنَّ إِذَا كُنَّ قَلِيلَاتِ الْمَالِ وَالْجَمَالِ. 

وجه الاستدلال المقصود بالولي هنا من العصبة مثل ابن العم لأن اليتيمة التي توفى ابوها وجدها وليس لها ابن ولا عم يكون ابن عمها وليها وحديث عائشة فيه ما يشير الى انه يرى جمالها والمقصود هنا وجهها . وسورة النساء هناك راي قوي ووجيه انها في السنة السادسة هـ لانها فيها آية التيمم وهي نزلت في السنة السدسة هـ اي لا مجال بالقول انها قبل فرض الحجاب بل بعده ومفسرة له انه لا يشمل الوجه وجوباً ان شاء الله اضغط على هذا الرابط الذي يعنوان . .

الزمن الذي نزلت فيه آية التيمم - إسلام ويب - مركز الفتوى

بل ان الشيخ ابن باز وهو من المضيقين في كشف الوجه للمرأة اقر بأساس هذا التفسير للحديث انظر الرابط التالي الذي بعنوان
تفسير وإن خفتم الأ تقسطوا في اليتامى | الموقع الرسمي لسماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز

وهذا الاسدلال يقوي من استدلال الشيخ يوسف القرضاوي اعلاه . 
اما القول ان النظر الى وجوه النساء خاص بالنبي وحده فهذا لم يتفق عليه كل العلماء فبعض العلماء اجازوه اذا خشيت الفتنة يعني لم تكن المراة من اجمل النساء
ففي المبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني صاحب ابي حنيفة قال وَأما الْمَرْأَة الْحرَّة الَّتِي لَا نِكَاح بَينه وَبَينهَا وَلَا حُرْمَة مِمَّن يحل لَهُ نِكَاحهَا فَلَيْسَ يَنْبَغِي لَهُ أَن ينظر إِلَى شَيْء مِنْهَا مكشوفا إِلَّا الْوَجْه والكف . كذك ابن مفلحالحنبلي (ت 763): " قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: إن النظر إلى الأجنبية من غير شهوة ولا خلوة، فلا ينبغي الإنكار عليهن إذا كشفن عن وجوههن في الطريق" (ص40). المصدر الرد المفحم واصله الاداب الشرعية لابن مفلح الحنبلي . 

الدليل الحادى عشر
ومن الادلة كذلك روى ابو داوود بسنده الى ابي اسحاق قال فان نافع مولى عبد الله بن عمر حدثني عن عبد الله بن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا رواه ابو داود والحاكم والبيهقي . وصصحه ابن كثي في ارشاد الفقيه وقال اسناده جيد قوي , وابن حزم في محلاه واحمد شاكر في تحقيقه للمحلى وصححه الالباني في صحيح ابي داوود واصل الحديث في البخاري وسنن الترمذي .
ووجه الدلالة من هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم استدرك بان للمرأة ان تلبس من الوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا ولم يستدرك عليها عندما قال ولا تنتقب بقوله وتسدل على وجهها بغير نقاب . فلقد قال الشيخ ابن تيمية في مجموع الفتاوى ص120معنى قوله صلى الله عليه وسلم لا تنتقب يعني لا تستر وجهها بالنقاب والبرقع مما صنع على قدر الوجه . طيب لماذا اذن و الحديث محل استدراك من النبي واستدرك اشياء هنا لماذا لم يستدرك بالاسدال على الوجه بغير النقاب كشيء من جلبابها لو كان ستر الوجه واجب في الاسلام لأن الحديث محل استدراك.
الدليل الثانى عشر
اجماع العلماء على ان المراة لايجب عليها ستر الوجه
روى هذا الإجماع القاضي عياض المالكي وجماعة من الشافعية والإمام الحافظ المجتهد محمد بن جرير الطبري صاحب كتاب التفسير، كل هؤلاء نقلوا الإجماع على أن المرأة الحرة لا يجب عليها ستر وجهها، يقال لهم {الإجماع هو أحد الأدلة الأربعة، الأدلة الشرعية الأربعة، القرءان والحديث والإجماع ثم القياس، انعقد الإجماع على أن وجه المرأة لا يجب ستره، فبعد الإجماع لا يلتفت إلى أي قول يخالف}.
الدليل الثالث عشر
والطبراني في معجمه الكبير وابو عوانة واحمد والطحاوي وفيه قال ابن عباس رضي الله عنه إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَمَا هُوَ عِنْدَ مَيْمُونَةَ وَعِنْدَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى إِذْ قُرِّبَ إِلَيْهِمْ خُوَانٌ عَلَيْهِ لَحْمٌ فَلَمَّا أَرَادَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَ قَالَتْ لَهُ مَيْمُونَةُ إِنَّهُ لَحْمُ ضَبٍّ فَكَفَّ يَدَهُ وَقَالَ هَذَا لَحْمٌ لَمْ آكُلْهُ قَطُّ وَقَالَ لَهُمْ كُلُوا فَأَكَلَ مِنْهُ الْفَضْلُ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَالْمَرْأَةُ وَقَالَتْ مَيْمُونَةُ لَا آكُلُ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا شَيْءٌ يَأْكُلُ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . 
قال ابن حجر في الفتح وَفِيهِ أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُؤَاكِل أَصْحَابه وَيَأْكُل اللَّحْم حَيْثُ تَيَسَّرَ انتهى كلامه رحمه الله والمهم هنا ان ممن كان يؤاكل النبي امراة ولعلها الصحابية ام حفيد خالة ابن عباس كما في الصحيحين التي اهدت الأكل بل في رواية الصحيحين تصريح ابن عباس ان ذلك كان على مائدة النبي ويغلب الظن انها مائدة واحدة حيث قال ابن عباس عن وجبة الضب "فَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْ كَانَ حَرَامًا مَا أُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" . فوجود المراة معهم دليل على ان كف المراة ليس بعورة لانها تظهراثناء مناولة الطعام
الدليل الرابع عشر
الاستدال بالاثار عن الصحابة فى اباحة كشف الوجه
كرائم الصحابيات يكشفن وجوههن : ( بعد فرض الحجاب الكامل- على نساء النبي ) ـ
(مستفاد من كتاب تحرير المراة فى عصر الرسالة للعلامة عبد الحليم ابو شقة رحمه الله)
عن  زينب امرأة عبدالله بن مسعود قالت : كنت في المسجد ، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : تصدقن ولو من حليكن . وكانت زينب تنفق على عبد الله وأيتام في حجرها ، قال : فقالت لعبد الله : سل رسول الله صلى الله عليه وسلم : أيجزي عني أن أنفق عليك وعلى أيتامي في حجري من الصدقة ؟ فقال : سلي أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدت امرأة من الأنصار على الباب ، حاجتها مثل حاجتي ، فمر علينا بلال ، فقلنا : سل النبي صلى الله عليه وسلم : أيجزي عني أن أنفق على زوجي وأيتام لي في حجري ، وقلنا : لا تخبر بنا ، فدخل فسأله ، فقال : من هما . قال : زينب ، قال : أي الزيانب . قال : امرأة عبد الله ، قال : نعم لها أجران ، أجر القرابة وأجر الصدقة . ـ رواه البخاري ومسلم
ولولا أن عامّة النساء كن سافرات الوجوه ويتعرف عليهن الرجال تبعاً لذلك لمَا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم " من هما " ،ـ
 ولمَا قال " أي الزيانب ؟ " . ولمَا قال بلال : " امرأة عبدالله " . ـ
ـ عن سبيعة بنت الحارث أنها كانت تحت سعد بن خولة ...  فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل . فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته . فلما تعلت من نفاسها تجملت للخطاب ( وعند أحمد : اكتحلت واختضبت وتهيأت )  فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك ( رجل من بني عبدالدار ) فقال لها : ما لي أراك متجملة ؟ لعلك ترجين النكاح. إنك ، والله ! ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر و عشر . قالت سبيعة : فلما قال لي ذلك ، جمعت على ثيابي حين أمسيت . فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك ؟ فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي . وأمرني بالتزوج إن بدا لي . ـ رواه البخاري ومسلم
صحابية من المهاجرات الأول المبايعات زوجة صحابي كريم شهد بدراً وأحداً والخندق والحديبية ، تتجمل للخطاب فور تعليها من نفاسها ويدخل عليها أحد الصحابة فيرى تجملها - الكحل في عينها والخضاب في يدها - وينكر عليها ظناً منه أنها لم توف من العدة
عن قيس بن أبي حازم قال : دخلنا على أبي بكر رضي الله عنه في مرضه، فرأيت عنده امرأة بيضاء موشومة اليدين - أي منقوشة اليدين -  تذب عنه وهي أسماء بنت عميس  .. رواه الطبراني
وأسماء بنت عميس صحابية كريمة كانت زوجة لجعفر بن أبي طالب ثم زوجة لأبي بكر الصديق ثم تزوجها علي بن أبي طالب رضي الله عنهم جميعاً
عن أبي السليل قال : جاءت ابنة أبي ذر وعليها مجنبتا صوف سفعاء الخدين ومعها قفة لها فمثلت بين يديه وعنده أصحابه فقالت : يا أبتاه زعم الحراثون والزراعون أن أفلسك هذه بهرجة فقال : يا بنية ضعيها فإن أباك أصبح والحمد الله ما يملك من صفراء ولا  بيضاء إلا أفلسه هذه .. رواه أبو نعيم
ومعنى سفعاء الخدين : السفعة سواد مشرّب بحمرة
ـ عن يحيى بن أبي سليم قال : رأيت سمراء بن نهيك وكانت قد أدركت النبي صلى الله عليه وسلم عليها دروع غليظة وخمار غليظ بيدها سوط تؤدب الناس ، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر . - رواه الطبراني
ـ عن أبي أسماء أنه دخل على أبي ذر .. وهو بالرّبذَة وعنده امرأة له سوداء بشعة ليس عليها أثر المجاسد ولا الخلوق فقال ألا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السويداء تأمرني أن آتي العراق فإذا أتيت العراق مالوا علي بدنياهم وإن خليلي صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن دون جسر جهنم طريقا ذا دحض ومزلة وإنا إن نأت عليه وفي أحمالنا اقتدار أو اضطمار أحرى أن ننجو من أن نأتي  عليه ونحن مواقير .. رواه أحمد
ـ عن الحارث بن عبيد قال : رأيت أم الدرداء على رحالة أعواد ليس لها غشاء تعود رجلاً من الأنصار في المسجد .. رواه البخاري في الأدب المفرد
ـ عن ميمون بن مهران قال : دخلت على أم الدرداء فرأيتها مُختمِرة بخمار صفيق قد ضرب على حاجبيها .. رواه إبن عساكر
إن ظهور كرائم الصحابيات أمثال : أسماء بنت أبي بكر وأسماء بنت عميس وزينب زوجة ابن مسعود ، وأم الدرداء وسبيعة الأسلمية وفاطمة بنت قيس ، إن ظهور أولئك الصحابيات كاشفات الوجوه- بعد فرض الحجاب على أمهات المؤمنين " من وراء حجاب " الخاصه بنساء النبي - دليلٌ على أن كشف الوجه ظلّ مشروعاً ولم تنسخه آية الحجاب ، وكان هو السائد أيضاً ، لأنه لو كان الكشف مجرد جائز فحسب والستر أفضل ، لما أقدمت أولئك الطاهرات على الكشف لأنه مفضول ومخالف لعرف الصالحات
الدليل الخامس عشر
ادلة عقلية وقرائن اخرى على الاباحة كشف الوجه بخلاف النصوص
ان الحاجة تدعو في كثير من الاحيان الى كشف الوجه والكفين فالمرأة اذا احتاجت للبيع او الشراء -عقار ارض او بيت او محل تجاري او شركة تجارية-ولم ترد ان توكل احدا لا زوجها ولا اخاها ولاغيره تحتاج ان تكشف الوجه حتى يعرف المشتري او البائع شخصية البائع او المشتري حتى لو كانت امرأة لأن هذا الامر متعلق بذمة مالية .
ثم ان النقاب يؤخر سن زواج المرأة لانه يقلص فرصة رؤيتها ومعرفتها . فقد تصل المراة للاربعين ولا تتزوج وكثرت نسبة العوانس في المجتمعات العربية حتى يقال انها قاربت لخمسين في المئة في بعض الدول . 
وكلنا نعلم الحديث الذي في الصحيحين تلك المرأة التي كشفت وجهها لتعرض نفسها للنبي ولصحابته ان يتزوجها احدهم وفعلا رغب فيها صحابي . وبعدما قبل بها لم يامرها النبي بستر وجهها لا قبل ذلك ولا بعد ذلك .


قرائن إضافية على مشروعية كشف وجه المرأة (مستفاد من كتاب تحرير المراة فى عصر الرسالة للعلامة عبد الحليم ابو شقة رحمه الله)

 

القرينة الأولى :
أن وجوب ستر الوجه لم يرد في نص صريح من القرآن ولا بيان واضح من السنة

إن كشف المرأة وجهها مسكوت عنه ، فهو على الإباحة ، إذ لم يرد في القرآن أو السنة نص يوجب على المرأة ستر وجهها. وإنه ليلاحظ أن الواجبات التي ورد ذكرها في القرآن قد جاءت السنة بتفصيل معالمها ورعاية تطبيقها والحض عليها والإنكار على مَن خالفها أو قصر فيها. فهل ورد في القرآن نص قاطع أو ورد في السنة بيان شاف يتعلق بوجوب ستر الوجه ؟

من البديهي أنه إذا كان الواجب الوارد في القرآن تثبيتاً لأمر قائم وسائد فالحاجة إلى بيان السنة له تكون ضئيلة. أما إن كان الواجب مخالفاً لأمر قائم وسائد فالحاجة إلى البيان تكون شديدة ، وتتزايد بقدر المخالفة من ناحية وبقدر الأهمية من ناحية أخرى. ونحسب أن ستر الوجه له أهمية كبيرة إذ يهم عامة الناس ويَمَسّ المؤمنات جميعاً. فماذا كان عليه حال المرأة قبل نزول آيات اللباس والزينة ؟ هل كانت تكشف وجهها في غالب الأحوال أم تستره ؟ إن كان الغالب ستر الوجه والآيات جاءت توجب الستر، عندها تكون الحاجة إلى البيان محدودة ضئيلة. وإن كان الغالب كشف الوجه والآيات جاءت توجب الستر وتحرم الكشف ، فالحاجة إلى البيان شديدة.

ونحن نعرف بالدليل القاطع أنه كان الغالب على نساء مكة والمدينة كشف وجوههن بدليل قول عائشة وهي زوجة رسول الله : « وكان يراني قبل الحجاب ».
فإذا كانت آيات اللباس جاءت توجب ستر الوجه وتحرم كشفه كان لابد أن نجد في السنة بياناً شافياً وقولاً قاطعاً وحضاً على الستر وتنفيراً من الكشف. ولكنا لا نجد شيئاً من ذلك ، فالآيات تحتمل أكثر من وجه ولم يأت في السنة ما يفيد وجوب الستر.

ومما هو مقرر في علم الأصول ما عبر عنه الجويني إمام الحرمين بقوله : ( إن مالا يعلم من تحريم بنص قطعي يجري على حكم الحل ، والسبب فيه أنه لا يثبت حكم على المكلفين غير مستند إلى دليل ، فإذا انتفى دليل التحريم استحال الحكم به ).
كما قال : ( أما المتعلق بالمحتملات فيما ينبغي فيه القطع والبتات فليس من شيم ذوي العلم والكمالات )
القرينة الثانية :
أن وجوب ستر الوجه لو صح لانتشر ولأصبح مما يعلم من الدين بالضرورة لأنه من قبيل ما تعم به البلوى ويشترك في معرفته العام والخاص

قال ابن تيمية : (ولو كان الوضوء من لمس النساء واجبا لكان يجب الأمر به وكان إذا أمر به فلابد أن ينقله المسلمون لأنه مما تتوافر الدواعي على نقله ).

كما ذكر القاضي ابن رشد أن ما تعم به البلوى ينبغي أن ينقل تواترا أو قريبا من التواتر .

وإذا كانت مثل هذه القضايا تدخل في عموم البلوى وتتوافر الدواعي على نقلها ، فوجوب ستر الوجه عن الأجانب من باب أولى ، أي لو أن ستر الوجه واجب ، وهو أمر يعم نساء المؤمنين جميعاً ، لتوافرت الدواعي على نقله ، وتضافرت الروايات على حكايته وأجمعت الآثار على ترديده ، ونُقِلَ تواترا أو قريبا من التواتر.

ولو كان الأمر كذلك ما وقع الاختلاف في الأقوال حوله ، بل الحق في مثل هذا أنه لايقف عند نقله وحكايته وترديده بل لابد أن يشيع بين نساء المؤمنين فعله حتى يصبح ظاهرة إجتماعية يراها القاصي والداني ، ولكن الحال هنا عكس ذلك ، والدليل عليه اختلاف الروايات حول تفسير آية { إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا } وآية { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } ، فبعضها يقول بستر الوجه وبعضها يقول بكشفه كما تقدم. وهذا مما يدل على عدم الوجوب ، إذ لو كان واجباً لعم العلم به أمة الاسلام لأنه تعم به البلوى جميع المؤمنين والمؤمنات ،
أي أن اختلاف الروايات في حد ذاته دليل على إباحة كشف الوجه.

هذا ويمكن إرجاع الروايات القائلة بستر الوجه إلى عدة عوامل منها :

1- احتجاب نساء النبي صلى الله عليه وسلم إذ لم يدرك البعض خصوصيته فاتجه إلى القول بوجوب ستر الوجه.
2- وجود بعض نساء منتقبات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مما دفع البعض إلى القول بوجوب ستر الوجه أو ندبه.
3- التباس المباح بالواجب أحياناً : وذلك أنه يحدث أن يلح بعض الصالحون أحياناً على عمل بعض المباحات ويتكاثر الممارسون لها حتى يتوهم البعض مع الزمن أنها واجب. ويعتبر مَن لا يمارسها آثماً. 
وهذا ما نحسبه حدث في موضوع ستر الوجه. ولذلك حذر علماء الأصول من وقوع هذا الالتباس ، وقالوا بوجوب تخلي العالِمِ عن فعل المباح أحياناً حتى لا يلتبس عند الناس بالواجب.

وإذا كان الأمر مما تحيل العادة فيه أن لا يستفيض فإن الدواعي تتوافر على إشاعته ويستحيل انكتامه. وإذا كانت مباني الإسلام الخمس قد أشاعها الشارع إشاعة اشترك في معرفتها العام والخاص ، وإذا كانت أصول المعاملات التي ليست ضرورية قد تواترت عند أهل العلم ، إذا كان كل هذا صحيحاً فإن تحديد عورة المرأة ـ وكون الوجه من العورة ـ أمر لا تستقيم حياة المرأة دون معرفته وتطبيقه في غدوها ورواحها وفي كل مجال به رجال. وهو مما يعلم من الدين بالضرورة ولابد أن يشترك في معرفته العام والخاص، سواء على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو في القرون الخيرة من بعده.
وقد ذهب عموم الفقهاء المتقدمين ـ ولم يشذ إلا أفراد قلائل وكأنه إجماع أو شبه إجماع ـ إلى أن عورة المرأة جميع بدنها عدا الوجه والكفين. 
ولذلك نقول مستيقنين : إن المعتمد في أمر العورة هو القدر المتفق عليه بين العموم ، ولا عبرة بقول مَن شذ ، خاصة في أمر ينبغي أن يكون مما يعلم من الدين بالضرورة ويشترك في معرفته العام والخاص .
القرينة الثالثة :
أن كشف الوجه من سنن الحياة الإنسانية :

إن ظهور الوجه هو من سنن الحياة الإنسانية وكان يتم بصورة عفوية في مختلف العصور، وكأنه من سنن الفطرة. وكذلك كان الحال على عهد الأنبياء عليهم السلام ، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :
« هاجر إبراهيم عليه السلام بسارة فدخل بها قرية فيها ملك من الملوك ... فقيل : دخل إبراهيم بامرأة هي من أحسن النساء ». (رواه البخاري ومسلم).

وكذلك كان الحال مع أتباع الأنبياء عليهم السلام ، ونقصد مَن حافظ من الأتباع على دين أنبيائهم. فقد ظل نساء أهل الذمة في الشرق وفي الغرب أيضاً ، قروناً طويلة قبل المدنية الحديثة ، يلبسن الثياب السابغة مع الخمار، كما حافظت الراهبات النصرانيات على هذا السمت حتى بعد تبذل المرأة النصرانية. وكانت هذه السنة مما بقى من دين إبراهيم وإسماعيل عند العرب قبل الإسلام ، فكان عامة النساء يلبسن الدِّرْع والخِمَار بصفة دائمة. أما النقاب فكان يتخذه بعض النساء لا كلهن وكُنَّ يخلعنه أحياناً، خاصة في الشدائد.

ولما جاء الإسلام كان الخمار ، لا النقاب ، من سنن المسلمين الكرام سواء في مكة قبل الهجرة أو في المدينة بعد الهجرة.

• فعن الحارث بن الحارث الغامدي قال : (قلت لأبي ونحن بمنى : ما هذه الجماعة ؟ قال: هؤلاء القوم قد اجتمعوا على صابئ لهم ، قال: فنزلنا ، فإذا رسول الله يدعو الناس إلى توحيد الله والإيمان به وهم يردون عليه (قوله) ، ويؤذونه حتى انتصف النهار وتصدع عنه الناس. وأقبلت المرأة قد بدا نحرها (تبكي) تحمل قدحاً (فيه ماء) ومنديلاً، فتناوله منها وشرب وتوضأ، ثم رفع رأسه (إليها) فقال: يا بنية، خَمِّري عليك نَحْرك، ولا تخافي على أبيك (غلبة ولا ذلاً). قلت: مَن هذه؟ قالوا: هذه زينب بنته).
القرينة الرابعة :
أن حاجات الحياة تدعو إلى كشف الوجه

1- كشف الوجه يعين على تعرف الناس على شخصيات مخاطبيهم وأحوالهم

قال ابن قدامة : ( روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " المرأة عورة " وهذا عام في جميعها ترك في الوجه للحاجة فيبقي فيما عداه ).

ويحق لنا أن نتسائل هل كانت الحاجة إلى كشف وجه المرأة في زمن الإمام ابن قدامة دون زماننا ، أم هي حاجة بشرية عامة مستمرة قائمة تقع في كل زمان ومكان ؟
ويقرر الفقهاء إباحة النظر إلى وجه المرأة عند التعامل ، وقد ورد في المغني لابن قدامة : ( وللشاهد النظر إلى وجه المشهود عليها لتكون الشهادة واقعة على عينها ، قال أحمد : لايشهد على امرأة إلا أن يكون قد عرفها بعينها ، وإن عامل امرأة في بيع أو إجارة فله النظر إلى وجهها ليعلمها بعينها فيرجع عليها بالدرك.... وقد روي أحمد كراهة ذلك في حق الشابة دون العجوز، ولعله كره لمن يخاف الفتنة أو يستغني عن المعاملة ، فأما مع الحاجة وعدم الشهوة فلا بأس ).

إن الشهادة قد تطلب على أمر مضي من زمن ولم يسبق تعمد كشف الوجه من أجلها فكيف تتحقق الحاجة هنا إلى الشهادة ما لم يكن الوجه مكشوفا بصفة دائمة ؟

وورد في المجموع للنووي : ( ويجوز لكل واحد منهما ( أي الرجل والمرأة ) أن ينظر إلى وجه الآخر عند المعاملة لأنه يحتاج إليه للمطالبة بحقوق العقد والرجوع بالعهدة ، ويجوز ذلك عند الشهادة للحاجة لمعرفتها في التحمل والأداء ).

نحسب أن من البديهيات تقرير حاجة البشر إلى أن يعرف بعضهم بعضا فيما لا يحصى من صور التعامل ، إذ لا يقتصر الأمر على البيع والإجارة والشهادة ، كما أنهم قد يحتاجون أحيانا معرفة ماهو أكثر من صورة الشخص كعمره : شاب أم كهل أم شيخ ، أو لون بشرته : أبيض أم أسمر أم أسود ، أو سمته : بشوش أم متهجم ، بل إن المشاعر والأحاسيس وما يختلج في الصدر من سرور وحزن ورضا وغضب وعزم وتصميم وبأس واستسلام ، كل ذلك يظهر عادة على صفحة الوجه وقد يحتاج إليه الناس في تعاملهم وذلك حسب موضوع التعامل وظروفه وليفهم كل من المتحدث والمخاطب عن صاحبه حق الفهم. 
وهذا القدر من التعارف تترتب عليه مصلحة ما بدرجة من الدرجات , وقد تكون مصلحة ضرورية أو حاجية أو تحسينية.

2- كشف الوجه يعين على تعارف الأقارب وذوي الأرحام وتواصلهم

فيتعرف الشاب على بنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات. وتتعرف الفتاة على أبناء أعمامها وعماتها وأخوالها وخالاتها. وأيضا يتعرف الشاب على زوجات الأعمام والأخوال وتتعرف الفتاة على أزواج العمات والخالات ، وكذلك يتعرف الرجل على أخوات زوجته وتتعرف المرأة على إخوة زوجها أما إذا عم ستر الوجه وتبعه الاحتجاب من كل الرجال غير المحارم فكيف يتواصل ويتواد الأقارب وذوو الأرحام ؟ كيف يعود بعضهم بعضا ؟ كيف يودع بعضهم بعضا أو يستقبل بعضهم بعضا عند السفر ؟ هل يذهب الرجل ليصل ابنة عمه أو خالته المتزوجه فيلقي زوجها ويجالسه ويتبادل معه المشاعر النبيلة ولا يلقي ابنة خاله وهي المقصودة بالزيارة والصلة والمودة ؟! هل أمر الله بهذا ؟ إن الله تعالى قال بشأن عامة نساء المؤمنين { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن } ولم يقل سبحانه ليحتجبن إلا من بعولتهن أو آبائهن .فهذا الاحتجاب خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم.
ولنتأمل هذه النماذج من سنة رسول الله في صلة الأقارب وذوي الأرحام وبرهم :
مع ابنة العم : عن عائشة قالت : دخل رسول الله علي ضباعة بنت الزبير ابن عبد المطلب فقال لها : لعلك أردت الحج ؟ قالت : والله لا أجدني إلا وجعة ، فقال لها : حجي واشترطي قولي : اللهم محلي حيث حبستني. (رواه البخاري ومسلم)
وضباعة هي ابنة عم الرسول صلى الله عليه وسلم .

وعن أم هانئ قالت : لما كان يوم الفتح جاءت فاطمة فجلست على يسار رسول الله وأم هانئ عن يمينه فجاءت الوليدة بإناء فيه شراب فناولته فشرب منه ثم ناوله أم هانئ فشربت منه...(رواه الحاكم)
وأم هانئ هي ابنة أبي طالب عم رسول الله.

مع زوجة العم : عن أم الفضل قالت : دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال : يا نبي الله إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى ، فزعمت الأولى أنها أرضعت الحدثى رضعة أو رضعتين فقال نبي الله : لاتحرم الإملاجة والإملاجتان. ( رواه مسلم )
وأم الفضل هي زوجة العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم .

مع زوجة ابن العم : عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس : ما لي أرى أجسام بني أخي ( يقصد جعفر بي أبي طالب ) ضارعة تصيبهم الحاجة ؟ قالت : لا ولكن العين تسرع إليهم قال: أرقيهم. (رواه مسلم)
وأسماء بنت عميس هي زوجة جعفر ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم.

مع أخت الزوجة : عن عائشة قالت : استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة على رسول الله فعرف استئذان خديجة فارتاح لذلك فقال : اللهم هالة بنت خويلد...(رواه البخاري ومسلم)
القرينة الخامسة:
أن المشقة تلحق ستر الوجه والتيسير في كشفه : 

قال تعالى : { وما جعل عليكم في الدين من حرج }

ومن القواعد الفقهية التي يذكرها العلماء (( المشقة تجلب التيسير )).

وورد في المغني لابن قدامة : ( قال بعض أصحابنا : المرأة كلها عورة لأنه قد روي عنه صلى الله عليه وسلم : ( المرأة عورة ) لكن رخص لها في كشف وجهها ويديها لما في تغطيته من المشقة ).

وإذا كان ابن تيمية يقول : ( وتغطية هذا في الصلاة فيه حرج عظيم ) وهو يقصد تغطية الوجه واليدين ، فنحسب أنه من باب أولى أن يكون هناك حرج عظيم في تغطيتهما خارج الصلاة ، وقد يطول زمن التغطية أحيانا أضعاف زمن الصلاة .

وهذه بعض مجالات المشقة والحرج :

1- يؤدي ستر الوجه إلى التضييق من عمل الحواس التي يضمها الوجه وهذا مما يشق على المرأة ، أما كشف الوجه فإنه يثمر عمل تلك الحواس بكامل قوتها التي فطرها الله عليها ، وهذه الحواس هي النظر والشم وتذوق الطعام والشراب هذا بجانب تيسير عملية التنفس والكلام.

2- يؤدي ستر اليدين بالقفازين إلى التضييق من استعمال اليدين حتى أصبح من المشاهد كثير من المنتقبات لايرتدين القفازين.


قال الألباني في " الرد المفحم ":
وإني لأعتقد أن مثل هذا التشديد على المرأة لا يمكن أن يخرج لنا جيلاً من النساء يستطعن أن يقمن بالواجبات الملقاة على عاتقهن في كل البلاد والأحوال مع أزواجهن وغيرهم، ممن تحوجهم الظروف أن يتعاملن معهم، كما كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كالقيام على خدمة الضيوف، وإطعامهم، والخروج في الغزو، يسقين العطشى، ويداوين الجرحى، وينقلن القتلى، وربما باشرن القتال بأنفسهن عند الضرورة، فهل يمكن للنسوة اللاتي ربين على الخوف من الوقوع في المعصية إذا صلت أو حجت مكشوفة الوجه والكفين أن يباشرن مثل هذه الأعمال وهن منقبات ومتقفزات ؟ لا وربي ، فإن ذلك مما لا يمكن إلا بالكشف كما سنرى في بعض الأمثلة الشاهدة لما كان عليه النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :

• أم شريك الأنصارية التي كان ينزل عليها الضيفان .
• امرأة أبي أسيد التي صنعت الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم ومن معه يوم دعاهم زوجها أبو أسيد يوم بني بها , فكانت هي خادمهم وهي عروس.

• الربيع بنت معوذ التي كانت تنفر مع نساء من الأنصار ، فيسقين القوم ويخدمنهم ويداوين الجرحى ويحملن القتلى إلى المدينة.
• وأم عطية التي غزت معه صلى الله عليه وسلم تخلفهم في رحالهم وتصنع لهم الطعام وتداوي الجرحى وتقوم على المرضى .
• وأم سليم أيضا التي اتخذت يوم حنين خنجرا.

وجرى الأمر على هذا المنوال بعد النبي صلى الله عليه وسلم :


• فهذه أسماء بنت يزيد الأنصارية قتلت يوم اليرموك سبعة من الروم بعمود فسطاطها.
 • وسمراء بنت نهيك الصحابية بيدها سوط تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق