الاثنين، 6 يناير 2014

اباحة اطلاق لفظ اخ على غير المسلم والرد على ادلة المحرمين











هل يجوز أن نطلق لفظ “أخ” على غير المسلم؟ ((من باب
 الاخوة فى الانسانية وليس اخوة فى الدين))

ذهب بعض العلماء لجواز ذلك واستدلوا بما يلى 

الدليل الاول

1
اطلق الله تعالى “الأخوة” بين الأنبياء وأقوامهم الكفرة معأنهم كفروا بهم وكذبوهم وعاندوهم كما في سورة الأعراف وهود والشعراء ومنها يتبينلنا أن القرآن الكريم أقر (الأخوة غير الدينية) أي الأخوة المبنية على وحدة القومومثلها القائمة على وحدة الوطن فالأخوة الدينيةأخص وهذه أعم ولا تنافي بين الخاص والعام.
*
الآيات : قال تعالى: (وإلى عاد أخاهم هودا),(وإلى ثمودأخاهم صالحا),(وإلى مدين أخاهم شعيبا),(كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهملوط ألا تتقون)
والاستثناء الوحيد في قوله تعالى عن شعيب: (كذب أصحابالأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) وذلك لأنه لم يكن منهم بل كان من مدين.
*
ماذا قال المفسرون والعلماء في كلمة (أخاهم) هذه:
1-
القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن):
أ-قيل أخاهم في القبيلة (أي البلد بتعبيرنا العصري).
ب-قيل أخاهم في النسب.
ج-قيل أخوة المجانسة(أي الجنس).
د-قيل هو من قول العرب(يا أخا تميم).
,
وقال في قوله تعالى(الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا):هيأخوة نسب ومجاورة لا أخوة الدين.فهي أخوة في الجنس والأهل، كما يقال: الأخوةالإنسانية، والعرب تقول: يا أخا العرب، ولا يعني هذا الأخوة الدينية، بل تعني كلمن ينتمي إلى العرب أو يخالطهم وإن لم يكن منهم.
ونحن لم نتعبد في ديننا بسب وشتم الآخرين، غير أننامتعبدون بما شرعه الله لنا في كتابه أو سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم

فقد خاطب إبراهيم أباه الكافر بلفظ الأبوة، فلم يمنعهكفر أبيه من أن يناديه بها، كما في قوله تعالى: “إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِلِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يَاأَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِيأَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَكَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌمِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً” [مريم:٤٢–٤٥].

الدليل الثانى

لما جاز أن يوصف النبي بأبوته للكافرين كما في قولهتعالى على لسان لوط : قال يا قومِ هؤلاء بناتي هن أطهر لكم والمراد بالبنات هناجميع نساء قومه وهو مروي عن ابن عباس ،وقال به عدد كثير من العلماء ،ويقربه أنبنات لوط لا تكفي قومه ،فكان المراد عموم النساء ،وهو ما يدل على قوله تعالى فيآية أخرى أتأتون الذكران من العالمين ،وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم وقوله : أتأتونالرجال شهوة من دون النساء ،فدل ذلك على ما ذكرنا من إرادة النساء جميعاً من قولهبناتي وكان بنات قومه كافرات ،لقوله تعالى فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين ؛فصرح سبحانه بأنه ليس في قوم لوط مسلمٌ إلا أهل بيته

وبذلك يظهر وصفه لنساء قومه بأنهن بناته رغم أنهن كافرات،وبه قال أيضاً من أصحابابن عباس” ” مجاهد ” و ” سعيد بن جبير ” ،وذلك لأنهن فيالأصل بنات ،وهو لأنه نبي فكان كالأب لهن ،وهو اختيار ” الرازي” .
كان ذلك المعنى شاهداً لاعتبار الأخ الكافر لكونه منالقوم أو لكونه من بني آدم ، وذلك أن النبي كالأب ؛ فكان الجميع كالإخوة.

الدليل الثالث

قال النبي -صلى الله عليه وسلم- بأخوة العشيرة في قوله “بئسأخو العشيرة“.
و أقر النبي -صلى الله عليه وسلم- صناديد قريش حين قالواله في 
فتح مكة وقبل إسلامهم “أخ وابن عم حليم رحيم

ومن الممكن أن يضاف للأدلة ما ياتي:
يمكن أن يقال أن كل البشر إخوة من حيث الأصل فهم من أصل واحد وهو آدم عليه السلام بل إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال في الحديث الذي رواه مسلم وغيره أن الجن إخواننا وهذا عندما قال النبي -صلى الله عليه وآله وسلم– “لا تستنجوا بالروث ولا بالعظم فإنها زاد إخوانكم من الجن” 

ولا يعقل أن الجن المسلم فقط هو من يأكل هذا النوع من الطعام

بل إن ابن حجر قد رد على من يقول إن “يأجوج ومأجوج” إخواننا لأب فقط لأنهم من ذرية آدم فقط وذكر أنهم من ذرية نوح ونوح من ذرية حواء قطعا


***:
أدلة المانعين والرد عليها:

استدلوا بقوله تعالى “إنما المؤمنون إخوة
والخلاصة فى معنى الاية : أن المؤمنون لا بد أن تنحصرعلاقتهم في الأخوة وليس أن الأخوة تنحصر فيهم فالآية لا تنفي ما عداها 
من أخوة

فانتبه لهذا فإنه مهم جدا وهذا له أمثلة عديدة في القرآن الكريم كقوله تعالى :”إنما الصدقات للفقراء و…الآية” فأفادت الآية حصر الزكاة على هذه الأصناف الثمانية لا على غيرهم أي حصر المبتدأ في الخبر لا العكس 

ومثله قوله تعالى للنبي -صلى الله عليه وسلم-: “قل إنما أنا بشر مثلكم” فالآية تدل على حصر المبتدأ -الذي هو الضمير الذي يشير للنبي صلى الله عليه وسلم- في الخبر -الذي هو كونه بشرا- ولا يعقل أن يحصر البشر في نفسه!!

فبان بما ذكرناه أن الأخوة المحصورة هي أخوة الدين ، وتلك لا تثبت إلا بين المسلمين ، حتى الكفار لا تثبت لهم أخوة دينية معتبرة شرعاً 

كما يقال ان الأخوة المحصورة هي الإخوة الدينية وتلك لا يدخل فيها الكفار ،بينما الأخوة التي نتحدث عنها هي الإخوة الإنسانية العامة فلم يكن هناك تناقض إذن ،لكون هذا عام ،وذاك خاص لا يعارضه 


يقول الإمام النووي في شرحه للأربعين النووية له عند شرح قوله صلى الله عليه وسلم (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) فيقول:
الأولى أن يحمل ذلك على عموم الأخوة ، حتي يشمل الكافر والمسلم، فيحب لأخيه الكافر ما يحب لنفسه من دخوله في الإسلام ، كما يحب لأخيه المسلم دوامه على الإسلام ،ولهذا كان 
الدعاء بالهداية للكافر مستحباً

*ماذا قال المفسرون والعلماء في كلمة (أخاهم) هذه:

1- القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن):

أ-قيل أخاهم في القبيلة (أي البلد بتعبيرنا العصري).
ب-قيل أخاهم في النسب.
ج-قيل أخوة المجانسة(أي الجنس).
د-قيل هو من قول العرب(يا أخا تميم).

,وقال في قوله تعالى(الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا):هي أخوة نسب ومجاورة لا أخوة الدين.

2-الطبري في (جامع البيان في تأويل آيات القرآن):
(قال عكرمة: لقي المشركون أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وقالوا: إنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فأنزل اللّه تعالى: {آلم * غلبت الروم في أدنى الأرض – إلى قوله – ينصر من يشاء} فخرج أبو بكر الصدّيق إلى الكفار فقال: أفرحتم بظهور ((( إخوانكم على إخواننا)))، فلا تفرحوا ولا يقرن اللّه أعينكم، فواللّه ليظهرن اللّه الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فقام إليه (أبي بن خلف) فقال: كذبت يا أبا فضيل، فقال له أبو بكر: أنت أكذب يا عدو اللّه…..إلخ).
وذكر أخرج الأثر الطبري في تفسيره وتاريخه وأورده ابن كثير وابن الجوزي والبغوي والألوسي وغيرهم في تفاسيرهم كسبب نزول للآية.

3-السيوطي في (الدر المنثور في التفسير بالمأثور):

أ- هي أخوة النسب.
ب-أخرج أبو الشيخ عن مطلب بن زيادة قال: سألت عبد الله بن أبي ليلى عن اليهودي والنصراني يقال له أخ؟ قال: الأخ في الدار, ألا ترى إلى قول الله تعالى:”وإلى ثمود أخاهم صالحا“.

4-الشوكاني في (فتح القدير):
}المقصود (أي واحدا منهم أو صاحبهم أو سماه أخا لكونه ابن آدم مثلهم).{.

5-ابن عاشور في التحرير والتنوير:
والأخ هنا مستعمل في مطلق القريب على وجه المجاز المرسل ومنه قولهم يا أخا العرب وقد كان هود من بني عاد وقيل : كان ابن عم إرم ويطلق الأخ مجازا أيضا على المصاحب الملازم كقولهم : هو أخو الحرب ومنه ( إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين ) وقوله ( وإخوانهم يمدونهم في الغي ) . فالمراد أن هودا كان من ذوي نسب قومه عاد وإنما وصف هود وغيره بذلك ولم يوصف نوح بأنه أخ لقومه : لأن الناس في زمن نوح لو يكونوا قد انقسموا شعوبا وقبائل والعرب يقولون للواحد من القبيلة : أخو بني فلان قصدا لعزوه ونسبته تمييزا للناس إذ قد يشتركون في الأعلام.

5-ابن حجر في (فتح الباري):
(وسماه أخا لكونه من قبيلتهم لا من جهة أخوة الدين).

6-عبد الرؤوف المناوي في(فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي):
في حديث (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) قال:
(وذكر لفظ الأخوة كما قال الراغب (أي الأصفهاني) حيث قال:”….ويستعار في كل مشارك لغيره في قبيلة أو دين أو صنعة أو معاملة أو مودة أو غيرها من المناسبات…”)

7-شرح مسند أبي حنيفة للقاري:
في حديث(لا يستام الرجل على سوم أخيه) قال الخطابي:”الحديث يدل على جواز السوم والخطبة على سوم الكافر وخطبته لأن الله تعالى قطع الأخوة بين المسلم والكافر.
قال القاري معلقا: (وذهب الجمهور إلى منعه وقالوا: التقييد بأخيه خرج على الغالب فلا يكون له مفهوم….. ولو أريد ما هو الأعم وهو الأخوة من جهة كونهم بني آدم لحصل المقصود ولما احتيج للتقييد..)

8-السرخسي في (المبسوط):
(الأخوة لفظ مشترك قد يراد به الأخوة في الدين قال تعالى :”إنما المؤمنون اخوة” وقد يراد به الاتحاد في القبيلة قال تعالى:”وإلى عاد أخاهم هودا” وقد يراد به الأخوة في النسب….).

9-وقد ذكر ابن منظور في لسان العرب ودلل عليه بأشياء كثيرة تراجع في مادة أخ ما يلي:-
(قيل في الأنبياء “أخوهم” وإن كانوا كفرة لأنه إنما يعني أنه قد أتاهم بشر مثلهم من ولد أبيهم آدم عليه السلام وهو أرجح وجائز أن يكون أخاهم لأنه من قومهم فيكون أفهم لهم بأَنْ يأْخذوه عن رجُل منهم وقولهم فلان أَخُو كُرْبةٍ وأَخُو لَزْبةٍ وما أَشبه ذلك أَي صاحبها وقولهم إِخْوان العَزاء وإِخْوان العَمل وما أَشبه ذلك إِنما يريدون أَصحابه ومُلازِمِيه وقد يجوز أَن يَعْنوا به أَنهم إِخْوانه أَي إِخْوَتُه الذين وُلِدُوا معه وإِن لم يُولَد العَزاء ولا العمَل ولا غير ذلك من الأَغْراض غير أَنَّا لم نسمعهم يقولون إِخْوة العَزاء ولا إِخْوة العمَل ولا غيرهما إِنما هو إِخْوان ولو قالوه لجَاز وكل ذلك على المثَل قال لبيد إِنَّما يَنْجَحُ إِخْوان العَمَلْ يعني من دَأَبَ وتحرَّك ولم يُقِمْ قال الراعي على الشَّوْقِ إِخْوان العَزاء هَيُوجُ أَي الذين يَصْبِرُون فلا يَجْزَعون ولا يَخْشعون والذين هم أَشِقَّاء العمَل والعَزاء وقالوا الرُّمْح أَخوك وربما خانَك وأَكثرُ ما يستعمل الإِخْوانُ في الأَصْدِقاء والإِخْوةُ في الوِلادة وقد جمع بالواو والنون قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة المُرِّيّ وكان بَنُو فَزارةَ شَرَّ قوم وكُنْتُ لهم كَشَرِّ بَني الأَخِينا قال ابن بري وصوابه وكانَ بَنُو فَزارة شرَّ عَمّ قال ومثله قول العبَّاس بن مِرْداس السلميّ فقُلْنا أَسْلموا إِنَّا أَخُوكُمْ فقد سَلِمَتْ من الإِحَنِ الصُّدورُ التهذيب هُمُ الإِخْوةُ إِذا كانوا لأَبٍ وهم الإِخوان إِذا لم يكونوا لأَب قال أَبو حاتم قال أَهلُ البَصْرة أَجمعون الإِخْوة في النسَب والإخْوان في الصداقة تقول قال رجل من إِخواني وأَصْدِقائي فإِذا كان أَخاه في النسَب قالوا إِخْوَتي قال وهذا غلَط يقال للأَصْدِقاء وغير الأَصْدِقاء إِخْوة وإِخْوان قال الله عز وجل إِنَّما المُؤْمنون إِخْوةٌ ولم يعنِ النسب وقال أَو بُيُوتِ إِخْوانِكم وهذا في النسَب وقال فإِخْوانُكم في الدين ومواليكمْ….).

10-ابن حزم في (الفصل بين الملل والنحل):
ذكر ابن حزم قصة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة عند الملك الغادر حين ذكر إبراهيم أنها أخته.
فذكر ابن حزم أن إبراهيم لم يكذب لكونهما من آدم.(راجع النص هناك فإنه طويل)

11- وقد ذكر العلامة الإمام” رشيد رضا ” الإخوة في هذه الآيات بإخوة النسب ثم قال :” كما يقال في إخوة الجنس كله “.

وذهب العلامة رشيد رضا إلى جواز إطلاق الإخوة على غير إخوة النسب والأخوة الدينية ؛ فقال : ” وللدين أخوة روحية كأخوة الجنس القومية والوطنية ”
وقال في تفسير قوله تعالى: وإلى عادٍ أخاهم هوداً ” والآية دليل على جواز تسمية القريب أو الوطني الكافر أخاً ”

12- قال ” ابن عرفة ” :” الأخوة إذا كانت في غير الولادة كانت للمشاكلة والاجتماع في الفعل ” .

13- وممن ذهب إلى ذلك أيضاً ” الهروى “حيث قال : هو بمنزلة الأخ ؛ لأنه وإياهم ينسبون إلى أب واحد .

14-ما حكاه أبو جعفر النحاس عن أبي إسحاق في قوله تعالى وإلى عاد أخاهم هوداً ، قال :” قيل له أخوهم ؛ لأنه منهم ، أو لأنه من بني آدم عليه السلام كما أنهم من بني آدم ” .

وما نقله النحاس رواية عن أبي إسحاق قاله النحاس بنفسه في كتابه الرائع “معاني القرآن: حيث قال:

وقوله عز وجل: < وإلى ثمود أخاهم صالحا >! آية 73 
قيل إنما قال عز وجل: < أخاهم >! لأنه بشرا مثلهم من بنى آدم يفهمون عنه فهو أوكد عليهم في الحجة.
وقيل إنما قال!< أخاهم >! لأنه من عشيرتهم .

انتهى كلامه.



سبب ذكر أخوة لوط عليه السلام مع قومه مع أنه لا نسب بينهم


لوط –عليه السلام- هو: ابن هاران بن آزر، وهو ابن أخي إبراهيم الخليل عليهما السلام – وكان قد آمن مع إبراهيم – عليه السلام – وهاجر معه إلى أرض الشام، وقد بعثه الله إلى أهل سدوم وما حولها من القرى يدعوهم إلى الله – عز وجل- ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عما كانوا يرتكبونه من المآثم والمحارم والفواحش.

وكان قوم لوط من أهل فلسطين من الكنعانيين، وكان لوط عبرانياً، ولم يكن منهم بل كان مصاهرا هم، ونزيلا فيهم، ووردت أقوال المفسرين بهذا .

سبب إطلاق أخوة لوط – عليه السلام- لقومه:

تبين مما سبق، أنّ لوطاً – عليه السلام – لم تكن بينه وبين قومه أخوة نسب ولا دين. ولم يكن من أهل سدوم، ولم يكن بينهم وبينه قرَابة.

وعليه فما هو الجواب على قوله تعالى: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ﴾ [الشعراء : 161]؟

والجواب على هذا عند المقيدين أن هنالك أوصاف وشروط متحققة في لوط وقومه، هذه الأوصاف هي التي تقيد إطلاق هذه الأخوة. وعند المطلقين لها كونه ابن آدم مثلهم، فيجتمع معهم في الأخوة الإنسانية.

وجواب المقيدين هو:أنه تحقق في لوط – عليه السلام- سببان، وهما:

السبب الأول: المصاهرة لهم.

السبب الثاني: الإقامة بينهم، واستيطان بلادهم، ومعاشرتهم.

وقد تقدم كلام المفسرين – رحمهم الله- في مصاهرته لهم، وبقي أن أذكر كلامهم في أخوته لهم بسبب الإقامة بينهم، والعيش معهم، ونزول بلادهم، وهو كما يلي:

قال ابن عاشور: ولكن لوطاً لما استوطن بلادهم، وعاشر فيهم، وحالفهم، وظاهرهم جعل أخا لهم. كقول سحيم عبد بني الحسحاس:

أخوكم ومولى خيركم وحليفكم … ومن قد ثوى فيكم وعاشركم دهرا

يقصد بذلك أنه من اتصف بما ذكر، فهو أخوهم، وهو يعني نفسه.

وقال تعالى: ﴿ وَإِخْوَانُ لُوطٍ ﴾ [قـ : 13] ، وهذا من إطلاق الأخوة على ملازمة الشيء وممارسته، كما قال الشاعر:

أخو الحرب لباساً إليها جلالها … إذا عدموا زاداً فإنك عاقر

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً ﴾ [الإسراء : 27](89).

وقال البقاعي: أخوهم في السكنى في البلد لا في النسب؛ لأنه ابن أخي إبراهيم – عليه السلام-، وهما من بلاد الشرق من بلاد بابل -، وكأنه عبر بالأخوة لاختياره لمجاورتهم، ومناسبتهم بمصاهرتهم، وإقامته بينهم في مدينتهم مدة مديدة، وسنين عديدة، وإتيانه بالأولاد من نسائهم، مع موافقته لهم في أنه قروي(90).

وقال الجزائري: وهذه أخوة بلد وسكنى(91).

أقوال المفسرين القائلين بإطلاق الأخوة دون تقييد بشيء كون الكل أبناءً لآدم – عليه السلام
قال ابن عطية: قال النقاش: في مصحف ابن مسعود وأبي وحفصة: ( إذ قال لهم أخوهم شعيب ) ، قالوا: ولا وجه لمراعاة النسب، وإنما هو أخوهم من حيث هو رسولهم وآدمي مثلهم(92).

وقال القرطبي: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾،… وقيل: إنما قيل له أخوهم لأنه من بني آدم كما أنهم من بني آدم(93).

وقال القرطبي: قوله تعالى: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾، قال ابن عباس: أي ابن أبيهم. وقيل: أخاهم في القبيلة. وقيل: أي بشرا من بني أبيهم آدم(94).

وقال القرطبي: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ ﴾،… وقيل: هي أخوة المجانسة(95).

و قال أبو حيانوإخوة نوح قيل : في النسب . وقيل: في المجانسة، كقوله:

يا أخا تميم، يريد: يا واحد أمته (96).

وقال ابن الجوزي: قوله تعالى: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾، قال الزجاج : وإنما قيل : أخوهم، لأنه بشر مثلهم من ولد أبيهم آدم(97) .

وقال المحلي والسيوطي: …وقد يراد بها الملازم والمصاحب، يقال: أخو الحرب وأخو عزمات. وهو المراد في قوله تعالى: ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ المرسلين إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ ﴾ [ الشعراء : 160 ، 161 ](98).

وقال ابن عجيبة: ﴿ أَخُوهُمْ نُوحٌ ﴾،… وقيل: أخوة المجانسة(99).

قال الشوكاني: ﴿ وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً ﴾،… أو سماه أخاً لكونه ابن آدم مثلهم (100).

وقال الشوكاني: ﴿ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ ﴾ … وقيل: هي أخوة المجانسة، وقيل: هو من قول العرب: يا أخا بني تميم، يريدون واحداً منهم(101).

وقال سيد طنطاوي: وكما أرسلنا نوحا إلى قومه ليأمرهم بعبادة الله وحده ، أرسلنا إلى قبيلة عاد أخاهم هوداً، فقال لهم ما قاله كل نبى لقومه﴿ ياقوم اعبدوا الله مَا لَكُمْ مِّنْ إله غَيْرُهُ ﴾ ووصفه – سبحانه – بأنه أخاهم لأنه من قبيلتهم في النسب، أو لأنه أخوهم في الإِنسانية(102).

قال أطفيش: في قوله تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [إبراهيم : 4] الذي يظهر أَن المراد بقومه من هو فيهم ومتكلم بلغتهم فلا ينتقض بلوط إِذ تزوج بمن بعث إِليهم وسكن معهم وليس منهم، ولا بشعيب إِذ بعث إِلى أَهل الأَيكة كما بعث إلى أَهل مدين وليس منهم، فلا حاجة إِلى دعوى أَن قوله: ﴿ إِلا بلسان قومه ﴾ جرى على الغالب، بل لو قيل في قوله – عز وجل- : أَخوهم لوط، إِن الأُخوة مطلق الكون فيهم والإِرسال إليهم لصح(103).



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق